تراجعت أسعار النفط مع ارتفاع قيمة الدولار الأمريكي
وفقًا لموقع MXV، فقد توقف انتعاش أسعار النفط منذ نهاية الأسبوع الماضي خلال جلسة تداول الأمس، بسبب الارتفاع المفاجئ والملحوظ في قيمة الدولار الأمريكي، حيث انخفضت أسعار خام غرب تكساس الوسيط بنسبة 0.8% لتصل إلى 60.56 دولار أمريكي للبرميل، بينما تراجع خام برنت بنسبة 0.77% ليبلغ 64.34 دولار أمريكي للبرميل.
في جلسة تداول الأمس، ارتفع مؤشر الدولار إلى 100.19 نقطة، وهو أعلى مستوى له منذ أواخر مايو، وذلك عقب خطاب رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، جيروم باول، الذي أكد أن المجلس لن يُجري أي تخفيضات أخرى في أسعار الفائدة خلال الفترة المتبقية من العام، ويعزز هذا الاتجاه نحو تشديد السياسة النقدية قيمة الدولار الأمريكي، مما يجذب تدفقات الملاذ الآمن، ويزيد من تكلفة النفط بالنسبة للمستثمرين الدوليين.
بحسب بنك الاحتياطي الفيدرالي، فإن إبقاء أسعار الفائدة على حالها للسيطرة على التضخم لا يزال أمرًا ضروريًا، رغم أن معدلات التضخم تتجاوز الهدف المحدد عند 2%، إلا أن هذه السياسة تصعّب على الشركات الحصول على رأس المال، مما يؤثر سلبًا على النمو الاقتصادي، وأظهرت بيانات حديثة لمعهد إدارة التوريد (ISM) استمرار تراجع مؤشر مديري المشتريات التصنيعي الأمريكي في أكتوبر لثمانية أشهر متتالية.
أما في الصين، فقد سجل مؤشر مديري المشتريات (PMI) لشهر أكتوبر انخفاضًا، حيث تراجع من 49.8 نقطة في سبتمبر إلى 49 نقطة، مما يدل على انكماش للشهر السابع على التوالي، وهذه المعطيات تثير القلق حول صحة أكبر اقتصادين في العالم، وتأثيرها على الطلب على الطاقة من أكبر مستهلكي النفط الخام عالميًا.
الاحتفاظ بأسعار الفائدة من جانب الاحتياطي الفيدرالي يعزز تدفق أموال الملاذ الآمن نحو الدولار، في ظل عدم اليقين السائد في السياسة الأمريكية، خاصة مع دخول الحكومة الفيدرالية في يومها السادس والثلاثين من الإغلاق، مما يُعتبر أطول إغلاق حكومي في تاريخ الولايات المتحدة، ولا يقتصر تأثير هذا الإغلاق على النمو الاقتصادي فحسب، بل يزيد أيضًا من القلق العام، مما يدفع المستثمرين للتركيز على الأصول الآمنة، ويقلل من اهتمامهم بأسواق النفط الخام عالية المخاطر.
في سياق آخر، وعلى الرغم من الاتجاه الهبوطي لأسواق النفط العالمية، شهدت أسعار الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة ارتفاعًا مستمرًا خلال الجلسات الخمس الماضية، حيث ارتفعت بنسبة 1.8% في نهاية جلسة تداول الأمس في بورصة نيويورك التجارية (نايمكس) لتبلغ 4.34 دولار أمريكي/مليون وحدة حرارية بريطانية، مسجلة أعلى مستوى لها منذ مارس من هذا العام.
يرجع السبب الرئيسي لهذا الارتفاع إلى الطقس البارد الذي يُشير إلى بداية فصل الشتاء في الولايات المتحدة ودول أخرى في نصف الكرة الشمالي، مما أدى إلى زيادة حادة في الطلب على التدفئة، ووفقًا لبيانات بلومبرج إن إي إف، فقد شهد استهلاك الغاز الطبيعي المحلي زيادة ملحوظة، بالإضافة إلى ارتفاع صادرات الغاز الطبيعي من الولايات المتحدة إلى مستويات مرتفعة في آخر يوم تداول.
واصلت أسعار النحاس تراجعها للجلسة الرابعة على التوالي.
تُلقى الضغوط الناتجة عن ارتفاع قيمة الدولار الأمريكي بظلالها أيضًا على سوق المعادن، مما أدى إلى تراجع أسعار النحاس بشكل مستمر خلال الأربع جلسات الماضية، وهذا يسجل أدنى سعر له خلال الثلاثة أسابيع الأخيرة، حيث انخفضت أسعار النحاس في بورصة كومكس بنسبة 2.4% لتصل إلى 10,909.6 دولار أمريكي للطن، كما تراجع سعر النحاس في بورصة لندن للمعادن بنسبة 1.8% ليصل إلى 10,663.5 دولار أمريكي للطن.
إلى جانب الضغوط الناجمة عن قوة الدولار، تُعاني سوق النحاس أيضًا من تأثيرات سلبيّة بسبب أنشطة الإنتاج في الصين، أكبر مستهلك للنحاس في العالم، حيث انخفض مؤشر مديري المشتريات لقطاع التصنيع في البلاد إلى 49 نقطة.
تزداد التوقعات حول استهلاك النحاس قتامة، حيث قامت الصين، لأول مرة منذ أكثر من عقد، بإزالة المركبات الكهربائية من قائمة الصناعات الاستراتيجية في خطتها التنموية الخمسية 2026-2030، مشيرة إلى الطاقة الفائضة في القطاع، وهذا أوضح تأثيره السلبي على توجه الطلب.
علاوةً على ذلك، اقترحت جمعية صناعة المعادن غير الحديدية الصينية (CNMIA) آلية لتحديد سقف الطاقة الإنتاجية لصناعات صهر النحاس والرصاص والزنك، لمواجهة المنافسة الحادة بين المصانع في ظل ندرة إمدادات الخام، مما دفع العديد من الشركات إلى قبول تراجع الأرباح للحصول على المواد الخام.
على المدى القصير، يتوقع أن يؤدي الحد الأقصى للطاقة الإنتاجية إلى تقليل نشاط مصاهر النحاس، مما سيضغط على الطلب على مُركّز النحاس والأسعار، ومع ذلك، على المدى الطويل، قد يتم تخفيف هذه الآلية حال تحسن هوامش أرباح المصانع وعودة التوازن للسوق.
من جهة أخرى، يعزز القلق بشأن نقص المعروض من تخفيض أسعار النحاس، حيث قامت شركة كوديلكو (تشيلي)، أكبر منتج للنحاس في العالم، بتقليص توقعاتها للإنتاج عام 2025 إلى ما بين 1.31 و1.34 مليون طن، بتخفيض قدره 30 ألف طن تقريبًا عن التوقعات السابقة، وفي ذات السياق، أفادت شركات تعدين كبرى مثل جلينكور وأنجلو أمريكان بأن إنتاج النحاس في الأشهر التسعة الأولى من العام انخفض بنسبة 17% و9% على التوالي، مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي.
المصدر:
