«الذهب يكسر الحواجز التاريخية» بعد تجاوز 4200 دولار للأونصة عالمياً… هل يشهد سعر الذهب قفزة استثنائية نحو 10,000 دولار؟

شهد الذهب مؤخرًا رحلة صعود تاريخية وغير مسبوقة، حيث اخترق سعره حاجز 4200 دولار للأونصة للمرة الأولى على الإطلاق، مدفوعًا بعوامل إيجابية للغاية مثل التوقعات بخفض وشيك لأسعار الفائدة، وتراجع عوائد سندات الخزانة، وضعف الدولار، إضافة إلى تصعيد التوترات التجارية العالمية الذي دفع المستثمرين للبحث عن ملاذ آمن، هذا الارتفاع القياسي يثير تساؤلات جوهرية في أذهان المستثمرين حول الوجهة القادمة للمعدن الأصفر، وما إذا كانت التوقعات التي بدت خيالية بوصوله إلى 10,000 دولار قد أصبحت الآن احتمالاً واقعيًا وملموسًا.

ما الذي أشعل موجة الصعود الأخيرة؟

واصل الذهب تحقيق مكاسب للأسبوع الثامن على التوالي، مدفوعًا بعاصفة مثالية من العوامل التي عززت مكانته كملاذ آمن مفضل في أوقات عدم اليقين الاقتصادي والجيوسياسي، ويمكن تلخيص المحركات الرئيسية التي دفعت هذا الارتفاع غير المسبوق في نقطتين أساسيتين:

  • تصريحات جيروم باول “المتساهلة”: أشار رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي إلى مخاوف بشأن تباطؤ سوق العمل الأمريكي، مما فسّرته الأسواق على أنه تمهيد لخفض وشيك لأسعار الفائدة في اجتماعي أكتوبر وديسمبر، وكرد فعل مباشر، انخفضت عوائد سندات الخزانة وضعف الدولار، وهما عاملان إيجابيان للغاية لدعم أسعار الذهب وارتفاعه.
  • تجدد التوترات التجارية: صعّد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من لهجته تجاه الصين بتهديدات تجارية جديدة، مما عمّق المواجهة بين أكبر اقتصادين في العالم وأثار قلق الأسواق من حرب تجارية شاملة، دافعًا المستثمرين للهروب من الأصول الخطرة نحو الذهب كملاذ آمن.

ما هي توقعات المحللين الكبار؟

لم تعد الأرقام الفلكية حكرًا على المتنبئين المتطرفين أو التوقعات بعيدة المنال، بل دخل كبار المحللين وبنوك الاستثمار العالمية على الخط بتوقعات جريئة ومثيرة للاهتمام:

  • “يارديني للأبحاث”: رفع الخبير الاقتصادي إد يارديني توقعاته بشكل كبير، مستهدفًا وصول سعر الذهب إلى 5000 دولار للأونصة خلال عام 2026، وذهب إلى أبعد من ذلك قائلًا: “إذا واصل الذهب مساره الحالي، فقد يصل إلى 10 آلاف دولار قبل نهاية العقد” (أي قبل عام 2030).
  • بيتر شيف: يرى الخبير الاستثماري بيتر شيف أن الذهب قد يصل إلى 10,000 دولار في حال استمرت السياسات المالية التوسعية التي تؤدي إلى تآكل قيمة الدولار الأمريكي وارتفاع الدين الحكومي.

هل هناك ما يبرر الوصول إلى 10,000 دولار؟

يعكس تفاؤل محللي “يارديني” وبيتر شيف قناعة راسخة بأن العوامل الهيكلية التي تدعم الذهب اليوم ستستمر في التفاقم والنمو خلال السنوات القادمة، وأبرز هذه العوامل التي قد تدفع الذهب نحو مستويات قياسية هي:

  • شراء البنوك المركزية: استمرار البنوك المركزية، خاصة في الاقتصادات الناشئة، في شراء الذهب بوتيرة قياسية لتقليل اعتمادها على الدولار الأمريكي.
  • تآكل الثقة في العملات الورقية: تزايد الديون العالمية والإنفاق الحكومي غير المسبوق يثير مخاوف من تضخم مستقبلي يلتهم القوة الشرائية للعملات، مما يعزز دور الذهب كمخزن للقيمة الحقيقية.
  • المخاطر الجيوسياسية: عدم الاستقرار العالمي المتزايد يدفع المستثمرين للبحث عن أصل لا يرتبط بأي دولة أو سياسة حكومية معينة، مما يجعل الذهب خيارًا مثاليًا.

وقد أشار محللو “يارديني” إلى نقطة هامة، وهي أن الذهب أثبت أنه “حماية أفضل من المخاطر الجيوسياسية مقارنة بالبيتكوين”، الذي يتصرف كأداة مضاربة أكثر خطورة وتقلبًا، مما قد يجذب المزيد من رؤوس الأموال المحافظة والباحثة عن الأمان إلى المعدن الأصفر.

لم يعد الوصول إلى مستوى 10,000 دولار مجرد حلم بعيد المنال، بل أصبح سيناريو تضعه بيوت الخبرة الكبرى في حساباتها وتوقعاتها المستقبلية، ورغم أن الطريق قد لا يكون خطيًا وقد يشهد تصحيحات وتقلبات، إلا أن الاتجاه العام يبدو صاعدًا بقوة وثبات، فإذا استمرت العوامل الحالية من سياسات نقدية متساهلة، وديون متفاقمة، وتوترات جيوسياسية متصاعدة، فإن رحلة الذهب نحو قمم جديدة لم يسبق لها مثيل قد تكون قد بدأت للتو.