صعدت أسعار الذهب منذ بداية العام الجاري بأكثر من 60%، محققة مستوى قياسي جديد اليوم عند 4256 دولاراً للأونصة، لتسجل أعلى وتيرة زيادة سنوية خلال 46 عاماً، أو منذ عام 1979 عندما ارتفع المعدن الأصفر بنسبة 127%.
وفقاً لوحدة التحليل المالي في “الاقتصادية”، يواصل الذهب تحقيق مستويات قياسية مدفوعاً بمجموعة من العوامل، من أبرزها سياسات ترامب التي تضغط على استقلالية الاحتياطي الفيدرالي، والرسوم الجمركية، خاصة مع الصين، بالإضافة إلى الإغلاق الحكومي الأمريكي، وانخفاض سعر الدولار، والترقب لتخفيضات إضافية في أسعار الفائدة، هذا بجانب المستويات القياسية للأسهم التي تشير إلى تراجع محتمل.
قد أسفرت هذه العوامل مجتمعة عن قيام البنوك المركزية وصناديق المؤشرات المتداولة المدعومة بالذهب بمشتريات قياسية من المعدن الأصفر، كما أسهم رفع توقعات أسعار الذهب من قبل البنوك الاستثمارية في تشجيع المستثمرين على مواصلة شراء المعدن.
تستمر ارتفاعات 2025 في موجة صعود المعدن الأصفر التي بدأت منذ نهاية 2022، حيث ارتفعت الأونصة بنسبة 133%، مضاعفة قيمتها ثلاث مرات خلال العقد الأخير.
سياسات ترامب
سلطت سياسات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الضوء على عدم اليقين العالمي، مما دعم ارتفاع الذهب كملاذ آمن، خصوصاً مع التوجه نحو خفض أسعار الفائدة، الذي يؤثر سلباً على عوائد السندات الأمريكية وودائع البنوك التي تنافس الذهب كمصدر مخاطر منخفضة.
تجلت سياسات ترامب منذ استئنافه للسلطة مطلع العام الحالي في تصعيد الحرب التجارية مع دول العالم، وخاصة الصين، حيث فرض رسوماً قياسية في السابق، قبل أن يتراجع عنها لاحقاً، بينما لا تزال المفاوضات جارية مع بكين حول اتفاق توافقي بين البلدين.
كما تجددت الحرب التجارية بين البلدين مؤخراً بعد إعلان ترامب يوم الجمعة الماضي عن فرض رسوم جمركية إضافية بنسبة 100% على واردات بلاده من الصين، اعتباراً من الأول من نوفمبر المقبل.
وتأتي خطوة ترامب رداً على قرار الصين بفرض قيود جديدة على صادراتها من المعادن النادرة.
وفي سياق آخر، بدأت الصين يوم الثلاثاء الماضي فرض رسوم موانئ على السفن الأمريكية.
استقلالية الفيدرالي
زاد من حالة عدم اليقين النهج الذي يتبعه ترامب مع الاحتياطي الفيدرالي، حيث يطالب بانتظام بخفض أسعار الفائدة، مما يمثل خطراً على استقلالية البنك، حتى أنه أقال أحد أعضائه وعين آخر صوت بمجلس البنك في الاجتماع الأخير لخفض الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس.
تراجع الدولار
في ظل حالة عدم اليقين العالمي الناتجة عن سياسات ترامب، انخفض الدولار الأمريكي بأكثر من 10% منذ بداية العام، مما يعد دافعاً رئيسياً لارتفاع الذهب، الذي يرتبط بعلاقة عكسية مع العملة الأمريكية.
أسهمت التوقعات بانخفاض العوائد المستقبلية، بعد أن خفض الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في سبتمبر، في دعم السوق. وتنتظر السوق الآن خفضاً أو خفضين بحلول نهاية العام، مما يدعم أسعار الذهب.
كان مجلس الاحتياطي الفيدرالي قد خفض معدل الفائدة في سبتمبر الماضي إلى نطاق مستهدف بين 4.25% و4%، كأول خفض منذ بداية ولاية ترامب الثانية.
مستويات قياسية للأسهم
في الوقت نفسه، وصلت الأسهم لمستويات قياسية جديدة، ورغم صمودها أمام مفاجآت البيانات الاقتصادية الكلية، إلا أن المستثمرين في حالة ترقب لحدوث تراجع، مما يرجح زيادة الطلب على الذهب كملاذ آمن.
وأظهرت بيانات مجلس الذهب العالمي استمرار شهية البنوك المركزية المرتفعة لشراء الذهب، حيث أضافت 15 طناً إلى احتياطياتها خلال أغسطس الماضي، بزيادة شهرية هي رقم 27 على التوالي.
على أساس فصلي، استمرت البنوك المركزية في الشراء، ولكن بوتيرة أقل خلال الربع الثاني من العام الجاري، حيث بلغت الكمية 166.5 طن.
استمرار البنوك المركزية في شراء الذهب رغم ارتفاع الأسعار يؤكد استدامة مواقفها الإيجابية تجاه المعدن كأصل استراتيجي وسط هذه الظروف من عدم اليقين.
رفع بنك “جولدمان ساكس” توقعاته لسعر الذهب في عام 2026 إلى 4900 دولار للأونصة، في حين زاد “بنك أوف أمريكا” توقعاته إلى 5000 دولار، مما يعكس تصاعد الثقة في استمرار الزخم الصعودي للمعدن الأصفر.
صناديق ETFS للذهب
في الوقت نفسه، سجلت صناديق المؤشرات المتداولة المدعومة بالذهب أكبر تدفقات شهرية وفصلية على الإطلاق، حيث وصلت إلى 26 مليار دولار في الربع الثالث من العام الجاري، وجمعت 64 مليار دولار منذ مطلع العام.
وبنهاية الربع الثالث، بلغ إجمالي الأصول المدارة لصناديق الذهب المتداولة عالمياً 472 مليار دولار بزيادة 23% على أساس ربعي، مسجلة بذلك مستوى قياسي جديد.
كما ارتفعت حيازات الذهب بنسبة 6% على أساس ربعي لتصل إلى 3,838 طناً، أي أقل بنسبة 2% فقط من ذروتها البالغة 3,929 طناً، المسجلة في الأسبوع الأول من نوفمبر 2020 تزامناً مع جائحة كورونا.
على أساس فصلي، واصلت صناديق المؤشرات المتداولة المدعومة بالذهب الشراء خلال الربع الثاني من العام الجاري بأكثر من 170 طناً.
توقعات الأسعار
مع الارتفاعات المستمرة، رفع بنك “جولدمان ساكس” توقعاته لأسعار الذهب في عام 2026 إلى 4900 دولار للأونصة، بينما أعلن “بنك أوف أمريكا” عن رفع توقعاته إلى 5000 دولار، مما يعكس تصاعد الثقة في استمرار الزخم الصعودي للمعدن الأصفر.
وحدة التحليل المالي