هل يُعتبر حفظ القرآن الكريم فرضاً عينياً على كل مسلم ومسلمة، وهل يُحاسب الإنسان على ذلك يوم القيامة؟ هذا تساؤل يطرحه الكثير من المسلمين، وقد أجاب عنه الشيخ محمود شلبي، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، حيث أكد أن حفظ القرآن الكريم ليس فرضاً عيناً، وأن من يحفظه يحصل على مكانة رفيعة في الجنة، إلا أن الحفظ في حد ذاته ليس من الفرائض التي فرضها الله، مشدداً على أن الأجر يُحصَل من خلال القراءة والتدبر والعمل بما جاء في كتاب الله.
تأكيد الشيخ محمود شلبي
أضاف شلبي، في فيديو نشرته دار الإفتاء، أن الله سبحانه وتعالى لم يُلزم الناس بحفظ القرآن الكريم بالكامل، وإنما دعاهم إلى تلاوته والعمل بأحكامه، مستشهداً بقوله تعالى: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ}.
وجهة نظر الدكتور عبد الله العجمي
كما بيّن الدكتور عبد الله العجمي، أمين لجنة الفتوى بدار الإفتاء، أنه لا إثم على المسلم إذا لم يحفظ القرآن، ولكنه يُؤجَر على قراءته وتدبره، مؤكدًا أن المطلوب من المسلم هو تلاوة القرآن في أوقات الليل وأطراف النهار والعمل به، بناءً على قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُور}.
تحذير الرسول ﷺ
وأوضح العجمي أن الرسول صلى الله عليه وسلم نبه إلى أهمية تعاهد القرآن وعدم نسيانه، بقوله: “تَعَاهَدُوا الْقُرْآنَ، فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَهُوَ أَشَدُّ تَفَلُّتًا مِنَ الإِبِلِ فِي عُقُلِهَا”.
حكم حفظ القرآن الكريم
ذكر العجمي أيضاً أن حفظ القرآن يُعتبر فرض كفاية، فإذا قام به بعض المسلمين سقط الإثم عن الآخرين، لكنه يبقى من أفضل القربات وأعظم الطاعات لمن حظي بذلك، لافتاً إلى أنه من لم يستطع الحفظ فلا حرج عليه طالما أنه يحفظ ما تصح به صلاته، ويتلو القرآن بحسب استطاعته.
مسؤولية التلاوة
أكدت دار الإفتاء أن الله لا يُحاسب الإنسان على عدم حفظ القرآن، إلا أنه يُحاسبه على هجر تلاوته وترك العمل به، لأن الغرض ليس فقط الحفظ، بل الفهم والتدبر والتطبيق في الحياة اليومية.
حكم التهاون في حفظ القرآن الكريم
في إجابته عن سؤال يتعلق بالتهاون في حفظ القرآن، قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو كبار هيئة العلماء، إنه لا إثم على من يستطيع حفظ بعض الآيات ولم يفعل، لكن حذر من أن نسيان ما تم حفظه يُعتبر إهمالاً، لذا يجب مراجعة القرآن دائماً للحفاظ عليه.
وأشار إلى أن المسلم عندما يتلو القرآن الكريم يحصل على عشر حسنات عن كل حرف، كما قال رسول الله ﷺ: “خيركم من تعلم القرآن وعلمه”، حيث يُعتبر القرآن معجزة خالدة عجزت البلغاء والشعراء عن الإتيان بمثله، مستشهداً بقوله تعالى: “قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله”.
وتابع جمعة، إذا لم يستطع الشخص حفظ القرآن ولم يتمكن من فعله فلا شيء عليه، لكن إذا كان قد حفظه ثم نسيه فيكون عليه وزر.
