في عالم السياسة والاقتصاد، تشهد القرارات تحولات سريعة تفوق التوقعات، فما كان مستقرًا بالأمس قد ينهار اليوم تحت وطأة الظروف المستجدة. ضمن هذا السياق، وبعد أن ألغت ألمانيا حوافزها لدعم شراء السيارات الكهربائية قبل عامين، وهو ما أسهم في تراجع حاد للطلب، تستعد برلين الآن لإعادة تفعيل برنامج دعم جديد اعتبارًا من يناير 2026، في خطوة استراتيجية تهدف إلى تنشيط الصناعة المحلية وتعزيز التحول نحو الطاقة النظيفة والمستدامة.
برنامج دعم ألماني جديد للسيارات الكهربائية: تفاصيل ومزايا
تستعد الحكومة الألمانية لإطلاق خطة تحفيزية طموحة، ستقدم بموجبها حوافز مالية تصل إلى 4000 يورو (ما يعادل 4600 دولار أمريكي) عند شراء سيارة كهربائية جديدة، بشرط ألا يتجاوز سعرها 45 ألف يورو (حوالي 52,600 دولار أمريكي).
يُعد هذا البرنامج تحولًا جذريًا مقارنة بالبرنامج السابق، حيث كان الدعم متاحًا للسيارات التي يصل سعرها إلى 65 ألف يورو، مما يشير إلى تركيز الخطة الجديدة على تعزيز اقتناء السيارات الكهربائية الاقتصادية والمتاحة لشريحة أوسع من المستهلكين.
تفاصيل البرنامج | البرنامج الجديد (يناير 2026) | البرنامج السابق |
---|---|---|
الحد الأقصى لسعر السيارة المؤهلة للدعم | 45,000 يورو (حوالي 52,600 دولار) | 65,000 يورو |
الحد الأقصى للحافز المالي | يصل إلى 4,000 يورو (حوالي 4,600 دولار) | لم يحدد تفصيلاً في هذا السياق |
يُعد اللافت في هذه الخطة الجديدة هو استبعاد السيارات الهجينة القابلة للشحن (PHEV) من قائمة الدعم، وفي المقابل، تم توسيع نطاق الحوافز ليشمل السيارات الكهربائية المستعملة للمرة الأولى، وذلك بحسب تقارير وسائل الإعلام الألمانية وموقع Autonews.
استثمار ألماني ضخم في دعم السيارات الكهربائية حتى عام 2029
أعلن المستشار الألماني فريدريش ميرز أن الحكومة خصصت ميزانية ضخمة تبلغ 3 مليارات يورو (ما يعادل 3.5 مليار دولار أمريكي) لتمويل برنامج الحوافز هذا حتى عام 2029، مع تركيز خاص على دعم الأسر ذات الدخل المنخفض والمتوسط لضمان عدالة التحول.
من المتوقع أن يحدد الحد الأقصى للدخل السنوي المؤهل للحصول على هذا الدعم بنحو 45 ألف يورو، بهدف ضمان استفادة الفئات الأكثر احتياجًا من هذا التحول الحيوي نحو التنقل الكهربائي.
أكد الأمين العام للحزب الديمقراطي الاجتماعي، تيم كلوسندورف، أن “الهدف الأسمى هو تمكين الجميع من تحمل تكلفة الانتقال إلى السيارات الكهربائية”، موضحًا أن تصميم البرنامج سيضع في اعتباره دعم صناعة السيارات الألمانية والأوروبية بشكل خاص.
تشير تصريحات العديد من المسؤولين إلى احتمال قصر منح الحوافز على السيارات المنتجة داخل أوروبا فقط، وذلك في مسعى حثيث لحماية الصناعة المحلية من المنافسة الشديدة والمتزايدة من الشركات الصينية.
وعلى الرغم من أن الحكومة لم تؤكد هذا التوجه رسميًا بعد، إلا أن المؤشرات القوية تدل على اتجاه واضح نحو تعزيز الإنتاج المحلي وجعل “المستقبل الكهربائي يُكتب في ألمانيا”، كما وصفه كلوسندورف.
يُذكر أن برنامج الدعم السابق للسيارات الكهربائية في ألمانيا قد شهد صرف نحو 10 مليارات يورو (ما يعادل 11.7 مليار دولار أمريكي) بين عامي 2016 و2023، قبل أن يتم إلغاؤه بسبب قيود الميزانية الصارمة، إلا أن عودة البرنامج بنسخة جديدة وأكثر استهدافًا تعكس إدراك الحكومة العميق لأهمية دعم التحول إلى المركبات الخالية من الانبعاثات، خاصة في ظل التحديات المتزايدة التي تواجه الصناعة الأوروبية، مثل الرسوم الجمركية الأمريكية والمنافسة الشرسة من الشركات الصينية.