«توقعات بارتفاع 2% في معدلات التضخم بينما يقترب التثبيت في اجتماع المركزي»

تشهد الأوساط الاقتصادية في مصر حالة من الترقب بعد قرار الحكومة الأخير برفع أسعار المواد البترولية، وهو القرار الذي يحمل توقعات بتأثيرات واسعة على حركة الأسعار في الأسواق المحلية خلال الأسابيع المقبلة، ورغم أن تداعيات القرار لم تتضح بالكامل بعد، إلا أن مؤشرات عدة تشير إلى أن شهر نوفمبر سيشهد آثارًا ملموسة على معدلات التضخم ومستويات الأسعار، خاصّةً مع الارتباط المباشر لكل من قطاعي النقل والإنتاج بتكاليف الوقود.

السولار.. المعضلة الأكبر في ارتفاع الأسعار

يعتبر خبراء الاقتصاد أن السولار يشكل التحدي الأساسي في سياق زيادة أسعار الوقود، إذ شهد ارتفاعًا بنحو 13%، مما يجعله العنصر الأكثر تأثيرًا على تكاليف نقل السلع والخدمات، بدءًا من المواصلات العامة ووصولًا إلى إنتاج وتوزيع رغيف الخبز، فالسولار يمثل المحرك الرئيسي لحركة التشغيل والنقل في مختلف القطاعات، وأي زيادة في سعره تنعكس سريعًا على أسعار السلع والخدمات في الأسواق، مما يجعل المواطنين أكثر عرضة لضغوط معيشية متزايدة في الفترة المقبلة.

ماذا سيحدث للتضخم بعد ارتفاع أسعار البنزين والسولار؟

في هذا السياق، أشار الخبير الاقتصادي الدكتور مصطفى بدرة إلى أن تأثير رفع أسعار المواد البترولية لن يظهر بشكل فوري، بل سيتجلى بشكل أكثر وضوحا خلال الشهر المقبل مع انتقال الزيادة إلى مختلف مراحل الإنتاج والتوزيع، مضيفًا أن الانعكاس المباشر بدأ فعليًا في قطاعي النقل والمواصلات، حيث ارتفعت تعريفة الركوب وأسعار النقل التجاري بعد القرار، متوقعًا أن تمتد هذه الزيادة تدريجيا إلى أسعار السلع والخدمات في الأسابيع القادمة.

كما أوضح بدرة أن الأسواق والمواطنين والشركات كانوا مستعدين بشكل نسبي للخطوة نظرًا لتلميحات الحكومة المتكررة حول إعادة هيكلة دعم الوقود، موضحًا أن التوقعات كانت تشير إلى زيادة تتراوح بين 10 و15%، وهو ما تحقق فعليًا مع القرارات الأخيرة.

توقعات بارتفاع التضخم 2% بسبب رفع الدعم عن البنزين والسولار

توقع بدرة أن يؤدي ذلك إلى ارتفاع معدلات التضخم بنسبة تصل إلى 2%، حيث من المحتمل أن يرتفع من 11.8% إلى نحو 13.8% خلال الفترة المقبلة، نتيجة التأثيرات غير المباشرة على تكاليف النقل والإنتاج وسلاسل الإمداد، مؤكدًا أن تجاوز هذه المرحلة يتطلب إدارة حكومية متوازنة تجمع بين ضبط الأسعار ودعم الفئات الأكثر تأثرًا لضمان عدم تفاقم الأعباء المعيشية.

من جهة أخرى، أفاد الخبير الاقتصادي الدكتور محمد البهواشي أن رفع أسعار الوقود سيؤدي إلى تحريك تدريجي في الأسعار على مستوى معظم السلع والخدمات، مشيرًا إلى أن الأثر الحقيقي سيظهر خلال الشهر المقبل بعد أن تبدأ قطاعات النقل والإنتاج في تمرير جزء من الزيادة في التكاليف إلى المستهلك النهائي، وبناءً على ذلك، من المتوقع أن يرتفع التضخم بنسبة تتراوح بين 1 و2% لتتجاوز معدلاته 13% في الفترات القادمة، مدفوعًا بزيادة أسعار المحروقات وتكاليف التشغيل والنقل.

تأثير ارتفاع معدلات التضخم على سعر الفائدة

أضاف البهواشي أن الارتفاع المتوقع في معدلات التضخم قد يحث البنك المركزي على الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير في اجتماعه المقبل، المقرر في 20 نوفمبر، موضحًا أن الظروف الراهنة تستدعي قدرا من الحذر في السياسة النقدية حتى تتكيف الأسواق مع تداعيات زيادة أسعار الوقود وتحقق التوازن بين الأسعار والنشاط الاقتصادي.

في ظل هذه التطورات، تبقى علاقة أسعار الوقود بالتضخم والسياسة النقدية محور اهتمام اقتصادي خلال الفترة المقبلة، في انتظار ما ستكشفه البيانات الرسمية من معدلات التضخم لشهر أكتوبر، وما سيتخذه البنك المركزي من قرارات ستحدد ملامح المرحلة القادمة في معادلة التوازن بين استقرار الأسعار ودعم النشاط الاقتصادي وحماية القوة الشرائية للمواطنين.