قال المبعوث الأميركي إلى سوريا ولبنان توم باراك، الاثنين، إن اتفاق وقف الأعمال العدائية في لبنان، الذي تم توقيعه عام 2024 بوساطة أميركية فرنسية، فشل في منع التصعيد مع إسرائيل، وذلك لغياب اتفاق مباشر بين إسرائيل وحزب الله، مما أدى إلى عدم وجود “آلية حقيقية لتنفيذ الاتفاق” .
تحذيرات باراك بشأن نزع السلاح
وحذر باراك في مقال مطول نشره على حسابه بمنصة “إكس”، تحت عنوان “منظور شخصي: سوريا ولبنان هما القطعتان التاليتان في مسار سلام المشرق”، من أنه إذا استمر لبنان في التردد في نزع سلاح حزب الله، واحتكار استخدام القوة عبر الجيش، فإن إسرائيل قد تتحرك بشكل منفرد، والعواقب ستكون وخيمة .
هيمنة حزب الله السياسية
وأضاف أن مبدأ الحكومة اللبنانية “دولة واحدة، جيش واحد”، هو أقرب إلى الطموح منه إلى الواقع، بسبب ما وصفه بـ”هيمنة حزب الله السياسية” .
الوضع على الحدود اللبنانية
وأشار باراك إلى أن إسرائيل لا تزال تحتل خمس مواقع على طول الخط الأزرق في لبنان، بهدف الحفاظ على قدرة الإنذار المبكر، بينما تواصل شن ضربات يومية على مستودعات حزب الله، حسب وصفه .
استقرار سوريا كركيزة للأمن الإسرائيلي
وقال إن استعادة سوريا لاستقرارها في علاقاتها مع جيرانها، بما في ذلك إسرائيل وتركيا، تمثل الركيزة الأولى لإطار الأمن الإسرائيلي في الجبهة الشمالية، أما الركيزة الثانية فتتمثل في نزع سلاح حزب الله داخل لبنان وبدء مناقشات أمنية وحدودية مع إسرائيل، كما ذكر .
رفض لبنان للخطة الأميركية
أشار باراك إلى أن الولايات المتحدة قدمت في وقت سابق من العام الجاري، خطة “محاولة أخيرة”، في إشارة إلى الورقة الأميركية، موضحًا أنها إطار لعملية تدريجية لنزع سلاح حزب الله، إلا أنه اعتبر أن لبنان رفض تبني الخطة بسبب تمثيل حزب الله ونفوذه داخل مجلس الوزراء .
المواجهة مع حزب الله
وحذر من أنه إذا فشلت بيروت في التحرك، فإن الذراع العسكرية لحزب الله ستواجه حتماً مواجهة كبرى مع إسرائيل في لحظة قوة إسرائيل وضعف حزب الله المدعوم من إيران، وبالمقابل، فإن الذراع السياسية للحزب ستواجه عزلة محتملة مع اقتراب الانتخابات المقررة في مايو 2026 .
عزلة حزب الله وزيادة الضغوط
قال باراك إنه مع استقرار دمشق، تتزايد عزلة حزب الله، مشيرًا إلى أن التحكم الخارجي بحزب الله يقوّض سيادة لبنان، ويثني المستثمرين، ويضعف ثقة الرأي العام، ويمثل إنذاراً دائماً لإسرائيل .
دعوة للتحرك وعدم الجمود
وتابع: حوافز التحرك اليوم تفوق كلفة الجمود: فالشركاء الإقليميون مستعدون للاستثمار، شريطة أن يستعيد لبنان احتكار استخدام القوة الشرعية عبر الجيش اللبناني فقط، وإذا استمرّت بيروت في التردد، فقد تتحرك إسرائيل بمنفردة، وستكون النتائج وخيمة .
فرصة نزع سلاح حزب الله
واعتبر أن نزع سلاح حزب الله ليس مجرد ضرورة أمنية لإسرائيل، بل فرصة تجديد للبنانเอง، فبالنسبة لإسرائيل، يعني ذلك جبهة شمالية آمنة، وبالنسبة للبنان، يعني استعادة السيادة وفرصة للانتعاش الاقتصادي، وبالنسبة للولايات المتحدة، يعنى تحقيق رؤية السلام عبر الازدهار وتقليل الانخراط الأميركي المباشر .
الإجراءات الأميركية تجاه لبنان
وأشار إلى أن الولايات المتحدة حاولت دفع لبنان نحو حل سلمي مع إسرائيل من خلال الحوافز لا الإملاءات، حيث كانت واشنطن مستعدة لتوفير غطاء دبلوماسي لانتقال حزب الله إلى العمل السياسي السلمي، وتنسيق مواقف إقليمية تربط الاستثمار بالتقدم السياسي، ومساعدة بيروت في تقديم نزع السلاح كاستعادة للسيادة لا كاستسلام .
المبادرات المتوقفة
توقفت كل هذه المبادرات في وقت تمضي فيه المنطقة سريعاً نحو طرد أذرع إيران المسلحة، حسب قول باراك، الذي اعتبر أن التحركات الجريئة لدمشق نحو اتفاق حدودي مع إسرائيل، وتعاون محتمل في المستقبل تمثل الخطوة الأولى نحو تأمين الجبهة الشمالية لإسرائيل، أما نزع سلاح حزب الله فيجب أن يكون الخطوة الثانية .
الخيار المصيري للبنان
وحذر من أن لبنان يواجه الآن خياراً مصيرياً: إما اغتنام طريق التجديد الوطني أو البقاء غارقاً في الشلل والانحدار، مشددًا على ضرورة دعم الولايات المتحدة للبنان في انفصاله السريع عن حزب الله المدعوم من إيران، وأن تساعده على الالتحاق بالإيقاع الإقليمي المناهض للإرهاب .
تبعات تأجيل الانتخابات
قال باراك إنه إذا تعرض حزب الله لهجوم عسكري إسرائيلي كبير وتكبد خسائر ميدانية أو سياسية أو معنوية، فسيحاول على الأرجح تأجيل انتخابات مايو 2026 للحفاظ على قاعدته وإعادة تنظيم صفوفه، إذ إن إجراء الانتخابات في مثل هذا التوقيت سيظهر تراجعه الشعبي ويهدد حلفائه ويشجع خصومه على تحدي هيمنته داخل النظام الهش .
ذرائع حزب الله لتأجيل الانتخابات
أضاف أنه من خلال التذرع بالأمن القومي وظروف الحرب، يمكن لحزب الله تبرير التأجيل بوصفه خطوة لحماية الوحدة الوطنية والطائفة الشيعية من الاستغلال الخارجي، لكن في الواقع، سيكون الهدف كسب الوقت لإعادة بناء قوته العسكرية والتنظيمية والسياسية قبل مواجهة صناديق الاقتراع، كما ذكر .
تداعيات تأجيل الانتخابات
اعتبر باراك أن تأجيل انتخابات 2026 بذريعة الحرب سيؤدي إلى فوضى كبرى داخل لبنان، إذ سيُعمّق الانقسامات داخل النظام السياسي الهش، مشيراً إلى أن العديد من القوى اللبنانية، وخصوصاً الكتل المسيحية، والسنية، والإصلاحية، سترى في التأجيل محاولة غير دستورية من حزب الله لترسيخ هيمنته وتجنب المحاسبة على دمار الحرب .