شهدت أسعار الذهب في الولايات المتحدة وحول العالم ارتفاعًا ملحوظًا مؤخرًا، مدفوعةً بتقاطع عوامل اقتصادية ومالية وسياسية متعددة.
وقد بدأ هذا الاتجاه — الذي شهد تفوق الذهب على الناتج المحلي الإجمالي الأميركي وعلى المؤشرات الأربعة الكبرى للأسهم الأميركية — منذ عام 2000 وما زال مستمرًا حتى اليوم.
وفيما يلي 13 سببًا تفسر تفوق الذهب على معظم الاستثمارات الكبرى، ولماذا من المرجح أن يواصل جذب المستثمرين الأفراد والمؤسسات على حد سواء:
1. ملاذ آمن في أوقات عدم اليقين
على مدار التاريخ، احتفظ الناس — من التجار إلى الملوك — بالذهب كوسيلة تحوّط ضد التضخم والاضطرابات الاقتصادية والحروب، فامتلاك الذهب مكّن الأفراد من تجاوز الأزمات السياسية، خصوصًا في فترات انهيار العملات الورقية.
2. الخلافات الجيوسياسية
أدت حالة عدم الاستقرار الجيوسياسي مؤخرًا إلى أن تكون محفزًا رئيسيًا لارتفاع أسعار الذهب عالميًا، فالتوترات في الشرق الأوسط، والصراع في أوكرانيا، وانهيار هونغ كونغ كدولة حرة بموجب الاتفاق الصيني-البريطاني ظلت جميعها مصادر دائمة للقلق، ما ساهم في زيادة أسعار الذهب.
3. الاحتياطي الفدرالي الأميركي
على مدى أكثر من نصف قرن، ارتفع سعر الذهب جزئيًا بوصفه وسيلة تحوّط ضد التضخم وضعف السياسة النقدية الأميركية، فوفقًا لحسابات مكتب إحصاءات العمل الأميركي، فإن الدولار الأميركي اليوم يشتري 16.78% فقط مما كان يشتريه قبل خمسين عامًا، ولو كان الدولار لا يزال مدعومًا بالذهب، لاحتفظ بأكثر من 100% من قوته الشرائية الأصلية.
4. التضخم والدولار الأميركي
كان الدولار الأميركي طوال معظم تاريخه مدعومًا بالذهب و/أو الفضة، ففي أوائل القرن العشرين، كان يُعتقد أن 100 قطعة نقدية ذهبية من فئة أونصة واحدة يمكنها شراء منزل متوسط السعر، وفي عام 1980، بلغ متوسط سعر الذهب نحو 615 دولارًا للأونصة، بينما كان متوسط سعر المنزل في الولايات المتحدة نحو 64,600 دولار، وحسب بيانات الاحتياطي الفدرالي في سانت لويس، بلغ متوسط سعر المنزل اليوم 422,600 دولار، في حين وصل سعر الذهب في 15 أكتوبر إلى نحو 4,203 دولارات للأونصة وفقًا لـ Yahoo Finance، في عام 1980، كان شراء منزل جديد يتطلب نحو 100 أونصة من الذهب — وهو نفس المعدل تقريبًا اليوم، وبذلك يتضح أن الاستثمار في الذهب حافظ على الثروة وزادها، على عكس الدولار الأميركي الذي فقد قيمته الحقيقية.
5. البنوك المركزية
تقوم العديد من البنوك المركزية والحكومات بشراء الذهب للتحوّط من التضخم وللحد من المخاوف المتعلقة بقيمة الدولار الأميركي، فعلى سبيل المثال، ارتفع الدين الوطني الأميركي من أقل من 6 تريليونات دولار عام 2000 إلى ما يقارب 38 تريليون دولار اليوم.
6. الدين القومي ومحاكاته عالميًا
يبلغ الدين القومي الأميركي أكثر من 37.85 تريليون دولار، أي ما يعادل 124.86% من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بنسبة 34.68% عام 1980، ويوازي ذلك نحو 110,176 دولارًا لكل مواطن أميركي أو 326,500 دولار لكل دافع ضرائب، ومن اللافت أن الإنفاق الحكومي المفرط لا يقتصر على الولايات المتحدة، إذ تعاني دول مثل اليابان والصين من عجز أكبر للفرد الواحد.
7. عدم الاستقرار السياسي في الولايات المتحدة
يسجل العجز السنوي في الموازنة الفدرالية الأميركية نحو 1.9 تريليون دولار، مع احتمال ضئيل لتقليصه في ظل انعدام التعاون السياسي، ولقلب مسار العجز، يحتاج الناخبون الأميركيون إلى دعم سياسات تعزز النمو الاقتصادي والاستقرار المالي معًا.
8. الانقسام في السياسات العامة العالمية
الخلافات في السياسات العامة، مثل سياسات التجارة والضرائب وتنظيم إنتاج الغذاء وتصنيع المركبات الكهربائية، أدت إلى تصاعد التوترات، ما ساهم بدوره في رفع أسعار الذهب.
9. الفلسفة والنمو الاقتصادي
شهدت الولايات المتحدة ودول أخرى تعتمد ثروتها الاقتصادية على الرأسمالية الحرة وسيادة القانون زيادة في القيود التنظيمية، وتراجعًا في روح ريادة الأعمال، وانخفاضًا في فرص تحقيق الأرباح، وقد أثّر ذلك سلبًا على النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة والغرب، ودفع المستثمرين نحو الذهب كخيار أكثر أمانًا.
10. سوق الأسهم والناتج المحلي الأميركي
منذ عام 2000 وحتى نهاية سبتمبر 2025، تفوق الذهب على المؤشرات الأربعة الكبرى للأسهم الأميركية، كما تفوق على الفضة وعلى الناتج المحلي الإجمالي الأميركي من حيث النمو الاقتصادي، وتجاوز معدلات التضخم بفارق كبير، مما يؤكد أن الذهب لا يزال استثمارًا آمنًا يصمد أمام اختبار الزمن.
11. الهدف الحقيقي لتحالف “بريكس”
تعمل دول البريكس — البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا — إلى جانب عدد متزايد من الدول الأخرى الأقل صداقة للولايات المتحدة، على شراء كميات ضخمة من الذهب بهدف استبدال الدولار الأميركي كعملة احتياط عالمية، وإذا تحقق ذلك، فسيجعل المعاملات الدولية أكثر تكلفة بالنسبة للمنتجين والمستهلكين الأميركيين، كما سيجعل السياسة الخارجية الأميركية أقل فعالية.
12. التقدم التكنولوجي وطفرة الذكاء الاصطناعي
ازداد استخدام الذهب في التطبيقات التكنولوجية بين عامي 2000 و2010، قبل أن يتراجع قليلًا، ومع التقدم السريع في تقنيات الذكاء الاصطناعي ومحطات الطاقة، عاد الطلب على الذهب للارتفاع مجددًا بفضل خصائصه الممتازة في التوصيل ومقاومة التآكل.
13. العرض المحدود أمام الطلب المتزايد
بلغ الطلب العالمي على الذهب مستويات قياسية جديدة في عامي 2024 و2025، في حين عجز العرض الجديد عن مجاراة هذا الطلب، ويشير ذلك إلى أنه ما لم يتم معالجة أحد العوامل السابقة، فمن المرجح أن تواصل أسعار الذهب ارتفاعها في السنوات المقبلة.
الخلاصة
في 9 أكتوبر، أغلق سعر الذهب عند 3,946 دولارًا للأونصة، منخفضًا بنحو 100 دولار في اليوم نفسه، بينما ارتفعت الأسواق بعد إعلان تسوية بين غزة وإسرائيل، لكن في اليوم التالي، تراجعت الأسواق الرئيسية بأكثر من 800 نقطة بعد أن أعلنت الصين سياسات تقييدية جديدة على صادرات المعادن النادرة إلى الولايات المتحدة، ما أدى إلى عودة الذهب فوق مستوى 4,000 دولار للأونصة، ويخلص التقرير إلى أن الطريقة الوحيدة لخفض أسعار الذهب هي تبنّي سياسات سياسية واقتصادية رشيدة تعزز الحرية الاقتصادية والسياسية في الولايات المتحدة وحول العالم — سياسات تتيح الفرصة لكل المواطنين للعيش في بيئة أكثر حرية وتنافسية وازدهارًا، حيث يكون النجاح ثمرة الجهد والعمل الجاد لا نتيجة القرارات السياسية والتنظيمات الحكومية.