«الذهب يتراجع من ذروته بفعل قوة الدولار وهدوء التوترات التجارية»

الذهب يهبط من ذروته مع قوة الدولار وهدوء التوترات التجارية

انخفضت أسعار الذهب، أمس الثلاثاء، نتيجة ارتفاع الدولار، وجني المستثمرين للأرباح بعد وصول السبائك لمستوى قياسي جديد في الجلسة السابقة، بسبب الأمل في تخفيضات إضافية من مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، إضافة إلى قوة الطلب على الملاذات الآمنة.

أسعار الذهب

سجل سعر الذهب الفوري انخفاضًا بنسبة 0.7%، ليصل إلى 4,323.69 دولارًا للأوقية، بعد أن بلغ أعلى مستوى له على الإطلاق عند 4,381.21 دولارًا يوم الاثنين، في حين انخفضت عقود الذهب الأمريكية الآجلة تسليم ديسمبر بنسبة 0.4% لتصل إلى 4,340.10 دولارًا للأوقية.

أداء الدولار وتأثيره

ارتفع مؤشر الدولار بنسبة 0.2% مقابل العملات الأخرى، مما زاد من تكلفة الذهب بالنسبة لحاملي العملات الأخرى، حيث أوضح تيم ووترر، كبير محللي السوق في كيه سي ام تريد: “عمليات جني الأرباح وتراجع تدفقات الملاذ الآمن قللت من ارتفاع سعر الذهب اليوم، وأي تراجع في سعر الذهب سيُنظر إليه على أنه فرصة للشراء طالما أن الاحتياطي الفيدرالي يواصل نهجه الحالي في خفض أسعار الفائدة”.

توقعات السوق

تُقيّم الأسواق بشكل كامل احتمال خفض سعر الفائدة الفيدرالي بمقدار ربع نقطة مئوية هذا الشهر، مع خفض متوقع آخر في ديسمبر، حيث يميل الذهب، وهو أصل غير مُدرّ للعائد، لتحقيق أداء جيد في بيئة أسعار الفائدة المنخفضة.

أضاف ووترر: “لا يزال هناك مجال لارتفاع الذهب الحالي، شريطة ألا تُظهر بيانات مؤشر أسعار المستهلك الأمريكي المرتقبة أي مفاجآت سلبية غير متوقعة”.

الوضع السياسي والاقتصادي

من المتوقع أن توضح البيانات، المقرر صدورها يوم الجمعة بعد تأخير نتيجة إغلاق الحكومة، ارتفاع المؤشر بنسبة 3.1% على أساس سنوي في سبتمبر، وفقًا لخبراء اقتصاديين استطلعت رويترز آراءهم.

استمر إغلاق الحكومة الأمريكية في يومه العشرين، بعد أن فشل أعضاء مجلس الشيوخ للمرة العاشرة في تكسير الجمود، حيث صرح المستشار الاقتصادي للبيت الأبيض، كيفن هاسيت، بأن الإغلاق من المرجح أن ينتهي هذا الأسبوع، مما أدى إلى تأخير إصدار بيانات اقتصادية رئيسية، وترك المستثمرين وصانعي السياسات في حالة من الفراغ قبل اجتماع السياسة النقدية لمجلس الاحتياطي الفيدرالي الأسبوع المقبل.

التطورات التجارية

على صعيد التجارة، من المتوقع أن يلتقي وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت مع نائب رئيس الوزراء الصيني هي ليفينغ في ماليزيا هذا الأسبوع، في محاولة لمنع تصعيد الرسوم الجمركية الأمريكية على السلع الصينية.

كما لوحظ أن أسعار الذهب قد تراجعت من أعلى مستوياتها القياسية في التعاملات الآسيوية يوم الثلاثاء، متأثرةً بعمليات جني الأرباح، بالإضافة إلى مؤشرات على انحسار التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، مما قلل من الطلب على المعدن كملاذ آمن.

أجواء السوق

انخفض الذهب مع تراجع التوترات التجارية، حيث ينتظر المستثمرون مؤشر أسعار المستهلك الأمريكي، حيث أعرب الرئيس الأمريكي دونالد ترمب عن توقعاته بشأن توقيع اتفاق قوي وعادل مع الصين، مع تأكيده على ضرورة تحقيق تبادلات بناءة مع الرئيس شي جين بينغ خلال قمة في كوريا الجنوبية الأسبوع المقبل.

يُنتظر أيضًا الاجتماع بين وزير الخزانة سكوت بيسنت ونائب رئيس الوزراء هي ليفينغ في ماليزيا، بعد تجدد التوتر في العلاقات، حيث هدد ترمب بفرض رسوم جمركية إضافية بنسبة 100% على السلع الصينية اعتبارًا من 1 نوفمبر.

تحليل السوق

زادت تصريحات كيفن هاسيت بشأن انتهاء الإغلاق الحكومي المتوقع هذا الأسبوع من ارتفاع معنويات المستثمرين، مما قلل من إلحاح الاحتفاظ بالأصول الدفاعية مثل الذهب، في حين لا تزال البيانات المرتبطة بمؤشر أسعار المستهلك الأمريكي تُدرّ اهتمامًا كبيرًا، حيث يتوقع الخبراء ارتفاع التضخم الرئيسي بنحو 3.1% على أساس سنوي.

مع ذلك، لا يزال الذهب مدعومًا بتوقعات تخفيف السياسة النقدية المرتقبة من الاحتياطي الفيدرالي، بالإضافة إلى استمرارية شراء البنوك المركزية.

أسعار المعادن النفيسة الأخرى

انخفضت أسعار المعادن النفيسة والصناعية الأخرى يوم الثلاثاء، مع ارتفاع الدولار الأمريكي الطفيف الذي زاد من تكلفتها على المشترين الأجانب، فيما انخفض سعر الفضة الفوري بنسبة 1.8% ليصل إلى 51.54 دولارًا للأونصة، وتراجع البلاتين بنسبة 1.8% ليصل إلى 1,608.35 دولارًا، بينما فقد البلاديوم 0.9% ليصل إلى 1,483.14 دولارًا.

انخفضت عقود النحاس القياسية في بورصة لندن للمعادن بنسبة 0.2% لتصل إلى 10,666.20 دولار للطن، بينما تراجعت عقود النحاس الأمريكية الآجلة بنسبة 1% لتصل إلى 5.00 دولار للرطل.

أسواق الأسهم العالمية

في سياق آخر، ارتفعت الأسهم الآسيوية يوم الثلاثاء، حيث ساهمت احتمالات تخفيف التوترات التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم في تعزيز شهية المخاطرة، في حين من المتوقع انتخاب ساناي تاكايشي رئيسةً وزراء لليابان، مما رفع مؤشر نيكي وضغط على الين، وأدى ارتفاع الأسهم إلى انتعاش قطاعات متعددة.

أشار الرئيس الأمريكي دونالد ترمب إلى أنه يتوقع الوصول إلى اتفاق تجاري عادل مع الرئيس الصيني شي جين بينغ، مما قلل من مخاطر نشوب خلاف بشأن قضية تايوان، وتأثرت الأسواق بالتوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، حيث يتركز اهتمام المستثمرين على الاجتماع المرتقب بين ترمب وشي هامش مؤتمر اقتصادي في كوريا الجنوبية الأسبوع المقبل.

ساهمت الآمال المستمرة في إمكانية التوصل إلى حل في تحسين معنويات المستثمرين، حيث سجل مؤشر MSCI، الأوسع نطاقًا لأسهم آسيا والمحيط الهادئ خارج اليابان، أعلى مستوى له في أكثر من أربع سنوات ونصف، مرتفعًا بنسبة 0.94% في آخر تداولاته.

مؤشرات الأسهم

ارتفعت الأسهم الصينية بنسبة 0.2%، بينما شهد مؤشر هانغ سنغ في هونغ كونغ زيادة بنسبة 1% في التعاملات المبكرة، كما شهدت الأسهم الأسترالية ارتفاعًا ملحوظًا مع إقبال المستثمرين على شراء أسهم المعادن النادرة والمعادن الأساسية بعد توقيع البلاد اتفاقية توريد مع الولايات المتحدة، كما حقق مؤشر نيكي الياباني ارتفاعًا ملحوظًا واقترب من مستوى تاريخي عند 50,000 نقطة.

تأثرت معنويات المستثمرين بشكل كبير الأسبوع الماضي بالمخاوف من مجموعة من القروض المتعثرة في البنوك الإقليمية الأمريكية، مما أثار مخاوف بشأن مخاطر الائتمان. لكن المستثمرين اهتموا بتجاوز هذه المخاوف، مركزين على الأرباح المرتقبة من عدة شركات كبيرة، ومراهنين على انحسار التوترات التجارية.

أشار كريس ويستون، رئيس قسم الأبحاث في بيبرستون، إلى أن “السوق اخترق حاجز القلق بسهولة، مع ضخ رؤوس أموال جديدة في أسواق المخاطرة، مما نشط السوق”، كما دعمت توقعات السوق بخفض مجلس الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة، بالتزامن مع تعليقات هاسيت التي أرجحت قرب انتهاء الإغلاق الحكومي هذا الأسبوع.

النمو الاقتصادي والتوجهات المستقبلية

دفعت الارتفاعات الواسعة لمؤشرات الأسهم الرئيسية الثلاثة الأمريكية إلى إغلاق متزايد بشكل ملحوظ، حيث سجل مؤشر أسهم الرقائق أعلى مستوى له على الإطلاق، كما توقعت التوقعات الحالية نمو أرباح مؤشر ستاندرد آند بورز 500 للربع الثالث بنسبة 9.3% على أساس سنوي، وهو ما يمثل تحسنًا عن تقديراتهم السابقة البالغة 8.8% في بداية أكتوبر.

صرح ميكسو داس، استراتيجي الأسهم والكميات الآسيوية في بنك جي بي مورغان، بأن “التفاؤل بشأن الأسهم كفئة أصول عالمية مرتفع جدًا، حيث يعد تخفيف السياسات الحالية من العوامل الرئيسة، إذ أن الاقتصاد ليس بالقرب من الركود والاعتبارات السياسية تسير بوتيرة قوية”، مما يعكس الأجواء الإيجابية في السوق.

ومن المتوقع أن تصبح ساناي تاكاتشي، المحافظة المتشددة، أول رئيسة وزراء لليابان بعد فوزها بتصويت حاسم، حيث يتوقع المحللون أنها ستؤيد التحفيز الاقتصادي وترفض أي زيادات إضافية في أسعار الفائدة، مما سيكون له تأثير سلبي على قيمة الين ولكنه إيجابي للأسواق.

انخفض الين في آخر تعاملات بنسبة 0.4% ليصل إلى 151.39 ين للدولار، بينما يواجه صعوبات أيضًا أمام اليورو والجنيه الإسترليني، ومن المقرر أن يجتمع بنك اليابان الأسبوع المقبل، مع وجود تقديرات بنسبة 20% لرفع سعر الفائدة، رغم أن المحافظ كازو أويدا لم يقدم بعد تلميحات ملموسة حول هذا الأمر.