«الذكاء الاصطناعي يواجه تحديات في أول اختبار تعليمي بكوريا الجنوبية»

انتهى مشروع الكتب المدرسية المعتمدة على الذكاء الاصطناعي بفشل مدوٍّ، ليُسحب من المدارس بعد أربعة أشهر فقط من إطلاقه، ويأتي ذلك بعد عام ونصف من الوعود الحكومية بتحويل الفصول الدراسية في كوريا الجنوبية إلى بيئات تعليمية ذكية، وكان الهدف من المشروع الطموح الذي أطلقته إدارة الرئيس السابق يون سوك يول هو توفير تجربة تعلم شخصية لكل طالب، وتخفيف أعباء المعلمين، ومنع التسرب الدراسي، ومع ذلك، جاءت النتيجة معاكسة تماماً، إذ اشتكى الطلاب والمعلمون من أخطاء تقنية ومعلوماتية، ومخاوف تتعلق بالخصوصية، إلى جانب زيادة في ضغط العمل داخل الفصول، بحسب تقرير نشره موقع “restofworld” الذي اطّلعت عليه “العربية Business”.

تجربة لم تصمد أمام الواقع

قال الطالب كو هو دام، وهو في المرحلة الثانوية بجزيرة جيجو: “إن الحماس سرعان ما تحوّل إلى خيبة أمل: تعطلت الحصص بسبب مشكلات تقنية في الكتب، ولم أكن أعرف كيف أستخدمها جيداً، كان من الصعب التركيز أثناء العمل الفردي على الحاسوب، ولم تكن الدروس مخصصة لمستواي”، وتكررت شكاوى مماثلة في مختلف أنحاء البلاد، مما دفع الحكومة في النهاية إلى سحب صفة الرسمية عن الكتب، لتصبح مجرد مواد مساعدة تُترك حرية استخدامها للمدارس.

أنفقت الحكومة أكثر من 1.2 تريليون وون (850 مليون دولار) على البرنامج، بالإضافة إلى 800 مليار وون (567 مليون دولار) استثمرتها شركات النشر في تطوير هذه الكتب، لكن المشروع واجه منذ البداية انتقادات حادة من نقابات المعلمين ومنظمات مدنية، حيث رفعت دعوى قضائية ضد وزارة التعليم متهمةً إياها بتجاوز الصلاحيات، ومخالفة معايير حماية بيانات الأطفال، وذكرت الناشطة جانغ ها-نا من منظمة Political Mamas: “الكتب الرقمية تزيد من وقت تعرض الأطفال للشاشات وتضعف مهاراتهم في القراءة والتواصل”.

انهيار سياسي وبرنامج متعثر

أُقيل الرئيس يون بعد عزله من البرلمان، بينما فاز منافسه لي جاي ميونغ الذي تعهّد بإلغاء المشروع، وبحلول أغسطس الماضي، ألغى البرلمان رسميًا صفة الكتاب المدرسي عن البرنامج، لتتراجع نسبة المدارس التي تستخدمه من 37% في الفصل الأول إلى 19% فقط في سبتمبر، وسألت النائبة كانغ كيونغ سوك في جلسة برلمانية: “لماذا الاستعجال؟ تطوير الكتب التقليدية يستغرق أكثر من عامين، بينما أنجزت هذه الكتب خلال أشهر قليلة فقط”.

شركات النشر: الحكومة تخلّت عنا

قالت شركات النشر التي طورت الكتب إنها التزمت بمعايير الأمان، ونفت تخزين أي بيانات شخصية للطلاب، لكنها تعاني الآن من خسائر مالية جسيمة بعد انسحاب الحكومة من المشروع، وأفاد هوانغ غيون سيك، رئيس لجنة تطوير الكتب: “الشركات التي وثقت بالحكومة واستثمرت مبالغ ضخمة وجدت السوق يتلاشى فجأة، نحن ندرس رفع دعوى تعويض”.

انقسام داخل الفصول الدراسية

يرى بعض المعلمين أن الكتب الرقمية ساعدت في تخصيص التعليم للطلاب، بينما يقول آخرون إن التجربة كانت سطحية وسريعة التنفيذ، ووصف المعلم لي هيون جون التجربة بأنها متسرعة بجودة ضعيفة، في حين قال معلم آخر إن الكتب كانت مفيدة للطلاب الضعفاء وساعدت في جعل التعلم أكثر متعة.