في مساء الرابع عشر من سبتمبر 2025، انتهت حياة الطفلة هايلي، البالغة من العمر 14 عاماً، على سكة الحديد قرب دار الرعاية الخاصة (HVB-hem) في منطقة فيكمانشيتان بمقاطعة دالارنا. بينما اعتبرت الشرطة ما حدث انتحاراً مأساوياً، إلا أن أسرتها ترى الأمر بصورة مختلفة تماماً؛ إذ يؤكدون أن هايلي لم تكن تريد الموت، بل لم تستطع فهم الخطر الذي كانت تواجهه. تقول والدتها إلينا، وهي ما تزال غارقة في صدمة الفقد:
“كانت ابنتي نور حياتي، وكل ما فعلته في حياتي كان من أجلها، أردت فقط أن تعيش حياة كريمة، وأن تجد طريقها في هذا العالم.”
رغم حبها العميق لابنتها، لم تتمكن الأم من حماية ابنتها بنفسها، فقد كانت هايلي تعاني من اضطرابات سلوكية معقدة، وضعف في السيطرة على الاندفاع والمشاعر، لكنها كانت أيضاً فتاةً ذكية وحنونة، تروي جدتها آنا-كارين ليندبوم:
“منذ صغرها كانت تهتم بالآخرين، خاصة الأضعف منهم، لم تكن تتحمل أن يُستبعد أحد من اللعب أو الرفقة، لكنها لم تكن تدرك أحياناً حدود الخطر، وإذا شعرت بالضيق، قد تهرب من الموقف دون تفكير.”
من منزل الأسرة إلى دار الرعاية
في أبريل 2025، وبعد سلسلة من الأزمات السلوكية، قرر سوسيال بلدية سالا نقل هايلي إلى دار الرعاية هيتان (Hyttan HVB) في منطقة فيكمانشيتان، وفي يونيو 2025، أصدرت محكمة أوبسالا الإدارية قراراً بإخضاعها لرعاية قسرية في مراكز السوسيال، رغم اعترافها بأن والدتها كانت “أماً صالحة”، إلا أن السوسيال اعتبر أن الأم لم تعد قادرة على ضمان سلامة ابنتها بمفردها.
تقول الأم بأسى: “تحملت ابتعاد ابنتي عني، واستقرت ابنتي في أحد منازل السوسيال… وفي ذلك اليوم المشؤوم، اندلع خلاف بسيط بين ابنتي هايلي وفتاة أخرى في منزل السوسيال، حيث خرجت الفتاتان من المبنى، لكن ابنتي لم تعد أبداً،” وتضيف الجدة: “خرجت هايلي في حالة انفعال، ولم يتبعها أحد، وبعد دقائق، كانت على سكة القطار القريبة من الدار، على بعد نحو 150 متراً فقط… وانتهى كل شيء بكارثة.”
تعتقد الأسرة أن الفتاة لم تكن تنوي الانتحار، بل كانت في نوبة عاطفية حادة أفقدتها الإحساس بالخطر، وتقول الأم إلينا: “لم تكن تفهم السرعة التي يمر بها القطار، كانت ببساطة محاصرة في مشاعرها، تحتاج إلى من يوقفها أو يهدئها.”
فشل المنظومة قبل الفتاة
القضية أعادت فتح الجدل حول أوجه القصور في مؤسسات الرعاية السويدية للأطفال المعرضين للخطر، حيث تقول كارينا أولسون، التي ترأست لجنة حكومية عام 2023 لدراسة نظام الرعاية: “ما حدث لهايلي ليس خطأ مؤسسة واحدة، بل فشلٌ شامل للمجتمع، إنه مأساوي ومخزٍ أن يحدث هذا في بلد مثل السويد.”
تضيف أن معظم التوصيات التي قدمتها لجنتها، وعددها 134 مقترحاً لتحسين الرعاية، لم تُنفذ بعد، رغم الحاجة الماسة إليها، ومن بين أبرز المقترحات التي لم تُطبّق: إنشاء سجل وطني يراقب دور الرعاية والأسر البديلة، لضمان عدم استغلال الأطفال أو تعريضهم للخطر، وتشير أحدث تقارير هيئة التفتيش على الرعاية الصحية (IVO) لعام 2025 إلى أن ثلثي دور الرعاية في السويد تعاني من مشكلات في الإدارة أو الأمن، وأن 18 داراً أُغلقت العام الماضي بسبب انتهاكات جسيمة، كما أظهر التقرير انتشار العنف، وسوء المعاملة، وغياب التدريب على التعامل مع الأطفال ذوي السلوك الانتحاري أو إيذاء الذات.
بعد الرحيل… أسئلة بلا إجابة
تقول الجدة: “ربما لو حصلت هايلي على تعليم خاص مستمر يساعدها على التحكم في مشاعرها، لما وصلت إلى هذا المصير، هناك مئات الأطفال مثلها في السويد، يُتركون بلا دعمٍ كافٍ أو فهمٍ لاحتياجاتهم.”
من جهتها، علّقت ماريا بايكر، المديرة التنفيذية لشركة Novelia المالكة لدار Hyttan، بقولها: “نحن متأثرون بشدة بهذه الحادثة المأساوية، ونتقدم بتعازينا للعائلة، احتراماً للخصوصية لا يمكننا التعليق على تفاصيل القضية.”
بينما أغلقت الشرطة تحقيقها مؤكدة أن الوفاة تُصنف كحالة انتحار، لا تزال الأسرة تُصر على أن الخطأ ليس في نوايا الطفلة، بل في النظام الذي كان من المفترض أن يحميها.