تم نشر هذا المحتوى على
22 أكتوبر 2025 – 20:42
استهدفت مسيّرات تابعة لقوات الدعم السريع مطار الخرطوم الدولي يوم الأربعاء، وذلك لليوم الثاني على التوالي، حسبما أفاد به مصدر عسكري سوداني لوكالة فرانس برس، يأتي هذا الاستهداف بالتزامن مع مساعي السلطات الموالية للجيش لإعادة تشغيل المطار للرحلات الداخلية للمرة الأولى منذ أكثر من عامين.
وأوضح المصدر، الذي فضل عدم الكشف عن هويته لعدم تخويله بالتصريح للإعلام، أن “مسيّرات المليشيا الإرهابية استهدفت مطار الخرطوم مجددًا فجر اليوم، وقد تصدت لها مضاداتنا الجوية بنجاح”.
ويُعد المطار مغلقًا بشكل كامل منذ نيسان/أبريل 2023، وذلك في أعقاب اندلاع النزاع المسلح بين الجيش السوداني، بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع، التي يقودها نائبه السابق الفريق أول محمد حمدان دقلو.
كان من المقرر إعادة فتح المطار للرحلات الداخلية يوم الأربعاء، طبقًا لإعلان الهيئة العامة للطيران المدني، لكن الهجمات المتكررة بالمسيّرات يومي الثلاثاء والأربعاء استلزمت تعليق هذه الخطوة “حتى إشعار آخر”، وفقًا لمسؤول في المطار طلب عدم الكشف عن هويته، إلا أن مطار الخرطوم الدولي أصدر بيانًا لاحقًا يفيد “بهبوط طائرة تابعة لشركة بدر للطيران قبل قليل في مطار الخرطوم الدولي”، ولم يتضح ما إذا كانت هذه الرحلة تجارية أو تحمل ركابًا.
وفي صباح يوم الثلاثاء الباكر، أفاد شهود عيان لوكالة فرانس برس بسماعهم عدة انفجارات في المنطقة المحيطة بالمطار.
وزار البرهان المطار يوم الثلاثاء، مؤكدًا التزام الجيش بالقضاء على “هذا التمرد”، في إشارة واضحة إلى قوات الدعم السريع بقيادة دقلو.
في المقابل، أكد دقلو، عبر بيان نشره على شبكات التواصل الاجتماعي في وقت متأخر من يوم الثلاثاء، أن قوات الدعم السريع لا تستهدف سوى “ثكنة عسكرية أو موقع عسكري”، متعهدًا باستئصال “السرطان”، في إشارة منه إلى الجيش.
شهدت العاصمة الخرطوم تراجعًا نسبيًا في حدة المعارك البرية منذ أن استعاد الجيش أجزاء واسعة منها في وقت سابق من هذا العام، إلا أن الضربات الجوية بالمسيّرات استمرت، وذلك في خضم مساعي الحكومة لإعادة تفعيل الخدمات الأساسية ونقل المؤسسات الرئيسية من بورتسودان، التي باتت العاصمة الفعلية وتطل على البحر الأحمر.
تصاعد وتيرة العنف
عاد أكثر من مليون شخص إلى العاصمة خلال الأشهر العشرة الماضية، وفقًا لبيانات وكالة الهجرة التابعة للأمم المتحدة، ورغم ذلك، لا تزال أجزاء واسعة من الخرطوم مدمرة، ويعاني الملايين من انقطاعات متكررة في التيار الكهربائي، والتي غالبًا ما ترتبط بهجمات مسيّرات الدعم السريع.
بيد أن العنف الأكثر حدة يتركز بشكل ملحوظ في غرب البلاد، حيث تحاصر قوات الدعم السريع مدينة الفاشر، وهي آخر المدن الرئيسية في دارفور التي لا تزال خارجة عن سيطرتها.
وحذرت الأمم المتحدة يوم الاثنين من تصاعد خطير في وتيرة العنف، خاصة في ولايتي شمال وغرب دارفور، بالإضافة إلى منطقة كردفان وولاية النيل الأزرق في الجنوب، حيث تم تسجيل ضربات بالمسيّرات واشتباكات ميدانية عنيفة في مناطق متفرقة.
يوم الأربعاء، تعرضت مدينة الدمازين، عاصمة ولاية النيل الأزرق التي تحتضن ثاني أكبر سد مائي في البلاد، لهجوم مكثف لليوم الثاني على التوالي، وقال شاهد عيان لوكالة فرانس برس: “مرت فوقنا ثلاث مسيّرات متجهة نحو الخزان، ونسمع أصوات مضادات أرضية وانفجارات مدوية”.
وفي وقت متأخر من مساء الثلاثاء، كان الجيش قد أعلن أن دفاعاته الجوية نجحت في اعتراض مسيّرات استهدفت محطات للطاقة في المنطقة ذاتها.
على الرغم من الجهود الدولية المتكررة التي بذلت للتوسط في سبيل وقف إطلاق النار، لم يظهر أي من الطرفين المتحاربين استعدادًا جادًا لتقديم تنازلات حقيقية.
وصرح البرهان يوم الثلاثاء، في سياق حديثه عن قوات الدعم السريع، قائلًا: “لا نريد لأي مرتزق أو ميليشيا أن يكون له أي دور في السودان بالمستقبل”.
وكانت الحكومة السودانية الموالية للجيش قد رفضت الشهر الماضي مقترحًا جديدًا للسلام، قدمته الولايات المتحدة والسعودية ومصر والإمارات العربية المتحدة.
وقد لمحت الخطة المقترحة إلى استبعاد كل من الحكومة الحالية وقوات الدعم السريع من المشاركة في عملية الانتقال السياسي التي ستلي الحرب.
ودعت الدول الأربع المذكورة بشكل مشترك إلى فرض هدنة إنسانية عاجلة في السودان، على أن يعقبها وقف دائم لإطلاق النار، تمهيدًا للانتقال نحو حكم مدني.
وقد أسفرت هذه الحرب عن سقوط عشرات الآلاف من القتلى، وتهجير ما يقارب 12 مليون شخص، كما تسببت في أكبر أزمتي جوع ونزوح تشهدهما المنطقة والعالم.
عب-ماف/غ ر-لين-ود/ح س