«أسعار الوقود الجديدة وفق معادلة دقيقة»، كيف قامت الحكومة بتحديد الأسعار؟

أكد رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، يوم الأربعاء الماضي، أن أسعار البنزين والسولار في مصر لا تعتمد فقط على سعر خام “برنت” العالمي، موضحًا أن التسعير يعتمد على معادلة تأخذ في الاعتبار تكاليف الإنتاج المحلي وأعباء القروض وخدمة الدين، وذلك لتحقيق الاستقرار المالي للهيئة المصرية العامة للبترول وضمان استدامة عملها.

وأثارت هذه التصريحات تساؤلات حول استمرار تعديل أسعار الوقود محليًا رغم التراجع الملحوظ في أسعار النفط العالمية.

أسعار البنزين والسولار 2025

قررت الحكومة، يوم الجمعة الماضي، زيادة أسعار البنزين والسولار بنسبة تصل إلى 13%، للمرة الأولى خلال العام المالي الحالي 2025-2026، حيث أصبح سعر بنزين 95 يبلغ 21 جنيهًا للتر بدلاً من 19 جنيهًا، وبنزين 92 إلى 19.25 جنيه بدلًا من 17.25 جنيه، وبنزين 80 إلى 17.75 جنيه بدلًا من 15.75 جنيه، كما ارتفع سعر السولار إلى 17.5 جنيه للتر بدلًا من 15.5 جنيه، بينما ارتفع سعر غاز السيارات إلى 10 جنيهات للمتر المكعب بدلًا من 7 جنيهات.

مهام لجنة تسعير البترول

أكد حسن نصر، رئيس شعبة المواد البترولية في اتحاد الغرف التجارية، أن لجنة التسعير التلقائية بوزارة البترول تستند في قراراتها إلى مجموعة من المؤشرات تشمل أسعار النفط العالمية، وسعر صرف الدولار، وتكاليف الإنتاج المحلي.

ويعود تشكيل لجنة التسعير إلى قرار رئيس مجلس الوزراء الصادر عام 2019، الذي نص على إنشاء لجنة فنية تضم ممثلين من وزارة البترول والثروة المعدنية، ووزارة المالية، والهيئة المصرية العامة للبترول، يتم ترشيحهم من قبل الوزراء المعنيين.

تشمل مهام اللجنة متابعة آلية تسعير الوقود بشكل ربع سنوي، من خلال ربط أسعار بيع بنزين 95 في السوق المحلي بمتوسط أسعار خام برنت عالميًا وسعر الصرف، مع مراعاة التكاليف الأخرى ذات الصلة، كما تقدم اللجنة التوصيات والاقتراحات اللازمة لضمان حسن التنفيذ ومعالجة أي ثغرات، وترفع هذه التوصيات إلى وزيري البترول والمالية لاعتمادها.

وأوضح نصر لـ”تليجراف مصر” أن الحكومة اتخذت قرار رفع أسعار الوقود في إطار سعيها لرفع الدعم عن المنتجات البترولية، ضمن برنامج الإصلاح الاقتصادي الجاري، مشيرًا إلى أنه رغم هذه الزيادة، لم يتم إلغاء الدعم بالكامل عن السولار.

وفي تصريحات مدبولي، التي جاءت في مؤتمر صحفي بعد اجتماع الحكومة، أكد أن تكلفة لتر السولار على الدولة تبلغ نحو 20 جنيهًا حسب الأسعار الحالية للنفط، في حين يُباع للمستهلك بسعر 17.50 جنيهًا، مما يعكس جهود الدولة للحفاظ على استقرار الأسعار في السوق المحلية، رغم التحديات الاقتصادية العالمية وارتفاع تكاليف الإنتاج والنقل.

تشمل موازنة العام المالي الجديد 2025-2026 خفضًا لأكثر من 50% في مخصصات دعم الوقود لتصل إلى 75 مليار جنيه مقارنة بـ154.5 مليار جنيه بالموازنة السابقة 2024-2025.

على صعيد آخر، أشار نائب رئيس هيئة البترول الأسبق، مدحت يوسف، أن أسعار النفط العالمية شهدت تراجعًا ملحوظًا في عام 2025 بنسبة 16% مقارنة بأعلى سعر تم تسجيله، مما انعكس أيضًا على أسعار المنتجات البترولية، حيث انخفضت أسعار البنزين عالميًا بنسبة 27%، بينما تراجعت أسعار السولار بنسبة 17%.

أسعار النفط اليوم

سجلت أسعار النفط اليوم ارتفاعًا بنحو 3%، ليصل سعر العقود الآجلة لخام برنت إلى 64.15 دولارًا للبرميل، وزادت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي بمقدار 1.53 دولار أو 2.62% لتصل إلى 60.03 دولارًا للبرميل، بسبب المخاوف المتجددة بشأن الإمدادات بعد فرض الولايات المتحدة عقوبات على شركتي النفط الروسيتين الكبيرتين روسنفت ولوك أويل، على خلفية الصراع في أوكرانيا، بعد أن سجلت أدنى مستوى لها خلال تعاملات الثلاثاء الماضي منذ 5 أشهر.

وأشار يوسف لـ”تليجراف مصر” إلى أن الفرق في نسب الانخفاض بين النفط الخام والبنزين يرجع إلى ظروف العرض والطلب العالمية، موضحًا أن هذا التباين يعد مؤشرًا على تزايد الاعتماد على بدائل البنزين الأحفوري، خاصة المركبات الكهربائية التي بدأت تؤثر على الطلب التقليدي.

سعر صرف الدولار أمام الجنيه

أضاف يوسف أن تحسن قيمة الجنيه المصري أمام الدولار بنسبة تقارب 7% منذ أعلى مستوى له عقب التعويم الأخير ساهم في استقرار الأسعار محليًا، مما جعل تثبيت سعر البنزين مرجحًا في البداية، ولكن قطاع البترول واجه تحديات تتمثل في زيادة الطلب المحلي وارتفاع الاعتماد على الواردات لتلبية احتياجات السوق، بالتزامن مع ارتفاع كبير في تكاليف الشحن والتأمين بسبب الأحداث الجيوسياسية الأخيرة.

بلغت قيمة واردات مصر من الوقود خلال الفترة من يناير إلى سبتمبر 2025 نحو 15 مليار دولار، مقابل 11 مليار دولار خلال نفس الفترة من العام الماضي.

أوضح أن هذه العوامل مجتمعة قلصت من الأثر الإيجابي لانخفاض أسعار النفط عالميًا وتحسن سعر الصرف، مما اضطر الحكومة إلى رفع أسعار البنزين محليًا لتتوافق مع تكلفة الاستيراد الفعلية، مشيرًا إلى أن سعر السولار ما زال مدعومًا رغم الزيادة الأخيرة لعدم انخفاض أسعاره عالميًا بنفس وتيرة البنزين، إلى جانب الارتفاع في كميات الاستيراد وتكاليف النقل والتأمين.

اقرأ أيضًا:

رسمياً، الحكومة تُعلن رفع أسعار البنزين والسولار.

بعد زيادة الوقود، ما مصير أسعار السجائر الفترة المقبلة؟

ما مصير أسعار السلع في الأسواق بعد ارتفاع الوقود؟