«دور القمة المصرية الأوروبية في تعزيز شراكة القاهرة الاستراتيجية مع أوروبا»

أكد الدكتور أشرف غراب، الخبير الاقتصادي، أن القمة المصرية الأوروبية المنعقدة بمقر المفوضية الأوروبية في بروكسل تحت عنوان “تنفيذ الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الاتحاد الأوروبي ومصر: تسريع الاستثمار الاستراتيجي والتحول نحو التصنيع والابتكار”، تُعتبر القمة الأولى على مستوى القادة، وذلك في إطار اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة التي وقعتها مصر مع الاتحاد الأوروبي العام الماضي، موضحًا أنها فرصة ممتازة لجذب الاستثمارات الأوروبية إلى مصر، خصوصًا أنها تشمل الجوانب الاقتصادية والسياسية والتنموية والتجارية والاستثمارية.

الفرص الاستثمارية الكبيرة

أوضح غراب أن هذه القمة تُعد فرصة كبيرة للترويج للفرص الاستثمارية الضخمة في مصر، خاصة أن القمة ستستقطب عددًا من المستثمرين ورجال الصناعة وكبار رجال الأعمال الأوروبيين والمصريين، بالإضافة إلى المؤسسات المالية، متابعًا أن القمة ستُعقد على هامشها منتدى اقتصادي موسع حول فرص الاستثمار في مصر بمشاركة كبرى الشركات الأوروبية، وذلك في ظل التحسن الملحوظ في مناخ الاستثمار المصري، ووجود مناطق اقتصادية ضخمة مثل المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، وبيّن غراب أن القمة تتضمن ثلاث جلسات، أولها عن بناء الاستثمار الاستراتيجي بين مصر وأوروبا، ثم تعزيز التنافسية الصناعية المستدامة لسلاسل القيمة، وأخيرًا وضع الأبحاث والابتكار في قلب التنافسية، مؤكدًا أن الاستثمارات الأوروبية الضخمة ستتدفق بعد هذه القمة في الفترة المقبلة.

الشراكة الاستراتيجية

وأشار غراب إلى أن مصر تُعتبر مكسبًا استراتيجيًا كبيرًا للاتحاد الأوروبي، خاصة بعد نجاحها في ملف الهجرة غير الشرعية، فطالما منذ عام 2016 وحتى اليوم لم يتم رصد حالة هجرة غير شرعية واحدة من مصر إلى أوروبا، رغم تصاعد التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط مثل غزة وليبيا والسودان، بالإضافة إلى وجود أكثر من 10 ملايين لاجئ في مصر من جنسيات مختلفة، يتمتعون بالخدمات التعليمية والصحية، مما يشكل عبءًا على الاقتصاد المصري، موضحًا أن مصر تعتبر شريكًا استراتيجيًا هامًا للاتحاد الأوروبي، الذي يرغب في زيادة حجم استثماراته فيها وتعزيز التبادل التجاري معها.

الاتفاقيات والمشروعات الجديدة

لفت غراب إلى أن القمة المصرية الأوروبية ستسفر عن توقيع اتفاقيات ومشروعات جديدة تصل قيمتها إلى 4 مليارات يورو، وهي الشريحة الثانية من حزمة الدعم الأوروبي لمصر المقدرة بنحو 7.4 مليار يورو، بعد أن أقر البرلمان الأوروبي ذلك في جلسة شهدت تأييدًا واسعًا وبأغلبية كبيرة، وهو ما يعكس قوة الشراكة الاستراتيجية بين مصر وأوروبا وعمق العلاقات الاقتصادية، وتقدير لدور القاهرة في تعزيز الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط وجنوب المتوسط والقارة الأفريقية، كما يدرك الاتحاد الأوروبي خطورة التهديدات المحيطة بمصر والتي تمثل تهديدًا من كل الاتجاهات الاستراتيجية.

التبادل التجاري واستثمارات الاتحاد الأوروبي

تسعى مصر إلى تعزيز شراكتها مع الاتحاد الأوروبي الذي يتكون من 27 دولة ويُعتبر الشريك التجاري الأكبر لمصر، حيث يستحوذ على نحو 30% من حجم التجارة الخارجية لمصر، مؤكدًا أن حجم التبادل التجاري بين مصر والاتحاد الأوروبي بلغ حوالي 32.5 مليار دولار، كما سجل نحو 16 مليار دولار خلال النصف الأول من العام الجاري 2025، بالمقارنة مع 16.3 مليار دولار في نفس الفترة من العام 2024، حيث بلغت صادرات مصر لدول الاتحاد الأوروبي في النصف الأول من العام الحالي 6.8 مليار دولار، بينما بلغ حجم الواردات نحو 9.2 مليار دولار، ويُعتبر الاتحاد الأوروبي المستثمر الأكبر في مصر، إذ بلغ إجمالي استثماراته نحو 75.7 مليار دولار خلال الـ 10 سنوات ونصف الماضية، وبلغت قيمة الاستثمارات في العام المالي 2022/2023 نحو 6.8 مليار دولار، وحوالي 5.1 مليار دولار في عام 2023/2024.

آثار دخول الشريحة الثانية

أوضح غراب أن دخول الشريحة الثانية من حزمة الاستثمارات الأوروبية المقدرة بنحو 4 مليار يورو سيكون له تأثير إيجابي على استكمال الدولة للإصلاحات الهيكلية للاقتصاد، كما سينعكس إيجابًا على استقرار السياسات النقدية وتحسين سعر الصرف ودعم العملة المحلية، بالإضافة إلى دوره في تعزيز ثقة المستثمرين في الاستثمار المباشر وغير المباشر في مصر، كما تسهم تلك التدفقات النقدية في زيادة مرونة الاقتصاد وتسريع الاتجاه نحو زيادة الناتج المحلي الإجمالي ونمو الاقتصاد، فضلاً عن تعزيز الحصيلة من العملة الصعبة التي تسهم في زيادة الاحتياطي النقدي الأجنبي وسد الفجوة التمويلية، وتوفير العملة الصعبة للمستوردين والمصنعين، مما يسهم في تعميق التصنيع المحلي وزيادة الإنتاج المحلي وخفض معدلات التضخم.