«الحكمة والشجاعة» الملك الحسن الثاني والحُمق الإيجابي للشعب المغربي

هيئة التحرير
23 أكتوبر 2025 – 23:33
0

حجم الخط:

استمع للخبر

هبة بريس – عبد اللطيف بركة

رد الملك الحكيم

في حوار صحفي لا يُنسى، قام أحد الصحفيين بطرح سؤال على جلالة الملك الراحل الحسن الثاني، مُشيراً إلى قناة تلفزية لدولة وصفت المغاربة بأنهم “حمقى”، فجاء رد الملك، كعادته، ببلاغة وحكمة، حيث قال في معنى جوابه: “إذا كان الجنون هو أن يحرّر شعبٌ أعزل وطنه دون سلاح أو مال، وأن يسير في صحرائه بالقرآن في يده والعلم الوطني في اليد الأخرى، دون أن تُراق قطرة دم… فمرحى بهذا الحمق، لأنه حمق إيجابي”؛ هذه الكلمات لم تكن مجرد رد دبلوماسي عابر، بل كانت دروساً في الوطنية والسياسة والكرامة، حيث اختصر الحسن الثاني في جملة واحدة روح أمة وعبقرية شعب استطاع أن يثبت للعالم أن الإرادة الصادقة أقوى من جميع الجيوش والأسلحة.

المسيرة الخضراء

تجسدت هذه “الحمق الإيجابي” في المسيرة الخضراء، التي دعا إليها الملك سنة 1975، حيث لبّى مئات الآلاف من الرجال والنساء نداء الوطن، حاملين كتاب الله والعلم المغربي، وليس البندقية أو المدفع، وكان مشهدًا مهيبًا رسم صورة جديدة للنضال، حيث تتحول الإرادة الشعبية إلى سلاح أقوى من الحديد والنار.

معجزة حكيمة

ما بين حكمة الحاكم وإيمان المحكومين، نشأت معجزة مغربية تُدرَّس في كتب التاريخ والسياسة، فالحسن الثاني لم يكن يرى في “الحمق” إلا رمزاً للجرأة الخلاقة، التي تدفع الشعوب لكسر المستحيل، وتحويل الحلم إلى واقع، والمغاربة، بتلاحمهم ووحدتهم، أكدوا أن الولاء للوطن والعرش يمكن أن يُعيد كتابة الجغرافيا دون أن تُسَيل قطرة دم واحدة.

تاريخ مضيء

اليوم، وبعد عقود من تلك اللحظة المضيئة، لا يزال صدى كلمات الملك يرنّ في الذاكرة الوطنية، فـ”الحمق الإيجابي” الذي تحدث عنه الحسن الثاني هو الإيمان العميق بالمغرب وقدرته على النهوض مهما كانت التحديات، وهو نفس الإيمان الذي واصل بناءه خلفه الملك محمد السادس، بوعيٍ عصري ورؤيةٍ تنموية تمتد من عمق التاريخ إلى آفاق المستقبل.

معجزات الحكمة والشجاعة

وهكذا يثبت المغرب مرة أخرى، أن حكمة الملوك وشجاعة الشعوب إذا اجتمعت، تُصنع المعجزات وتُرسم ملامح وطن يحصل على اعتراف في المحافل، ويُضرب به المثل في الإصرار والاعتزاز بالهوية.