شهدت أسواق الذهب في اليومين الماضيين واحدة من أقوى الموجات البيعية في تاريخها الحديث، حيث هبطت أسعار الذهب بشكل حاد وغير مسبوق منذ أكثر من عقد، مما أثار تساؤلات بين المستثمرين حول مستقبل المعدن الأصفر، وما إذا كان هذا الانخفاض مجرد تصحيح مؤقت أم بداية لمسار هابط جديد.
330 دولارًا تراجعًا في أسعار الذهب خلال جلستين فقط
سجلت أونصة الذهب تراجعًا حادًا بنسبة 7.5% خلال جلستي أول أمس وأمس، بخسارة تقدر بنحو 330 دولارًا في غضون 48 ساعة، لتكون بذلك أكبر خسارة يومية منذ أبريل 2013، وفقًا لبيانات Investing. هذا التراجع المفاجئ جاء بعد أسابيع من الارتفاعات القياسية التي دفعت أسعار الذهب إلى مستويات تاريخية، قبل أن تبدأ موجة بيع قوية أزالت جزءًا كبيرًا من مكاسب المعدن النفيس في فترة وجيزة.
أسباب تراجع أسعار الذهب عالميًا؟
تعود أسباب الانخفاض الحاد الذي شهدته أسعار الذهب خلال اليومين الماضيين إلى عدة عوامل متشابكة أثرت مجتمعة على حركة الذهب، وجاءت على النحو التالي:
- أولًا: بدأت عمليات جني الأرباح من قبل المستثمرين، بعد الطفرة السعرية الكبيرة التي شهدها الذهب مؤخرًا، مما أدى إلى ضغوط بيعية قوية في الأسواق العالمية.
- ثانيًا: انتهاء موسم الأعياد في الهند، ثاني أكبر مستهلك للذهب في العالم، بحسب صحيفة فايننشال تايمز، مما تسبب في تراجع الطلب المادي على المعدن في واحدة من أهم الأسواق العالمية.
- ثالثًا: تحسن معنويات المستثمرين عالميًا بعد تداول تقارير تشير إلى اقتراب التوصل إلى اتفاق تجاري بين الولايات المتحدة والصين خلال الشهر الجاري، مما خفف من شهية المستثمرين تجاه الذهب كملاذ آمن.
- رابعًا: ارتفاع سعر الدولار الأمريكي أمام سلة من العملات الرئيسية خلال الأيام الأخيرة، مما زاد من الضغوط على أسعار الذهب المقومة بالدولار، إذ يجعل ارتفاع العملة الأمريكية المعدن النفيس أكثر تكلفة لحائزي العملات الأخرى.
تساؤلات حول مستقبل الذهب: تصحيح مؤقت أم بداية تراجع؟
مع استمرار تراجعات أسعار الذهب، بدأ التساؤل يفرض نفسه في الأسواق: هل يواصل الذهب الخسائر، أم يستعيد بريقه قريبًا؟ البنوك الكبرى، وعلى رأسها HSBC وستاندرد تشارترد وساكسو بنك، قدمت رؤى متباينة لكنها تميل إلى التفاؤل الحذر، حيث ترى هذه المؤسسات أن ما يحدث الآن هو “تصحيح سعري” طبيعي بعد موجة صعود طويلة، مرجحة أن تمتد تلك الحركة الهابطة لفترة محدودة قبل أن يعود الذهب إلى مساره الصاعد من جديد.
أسعار الذهب قد تبلغ 5000 دولار في 2026
ورغم حدة التراجعات الأخيرة، فإن بعض بيوت الاستثمار الكبرى لم تستبعد احتمال مواصلة الذهب أدائه الصاعد على المدى الطويل، بل إن تقديرات متفائلة من عدد من البنوك العالمية تتوقع وصول سعر الأونصة إلى نحو 5000 دولار بحلول عام 2026، مدفوعة بعوامل تضخمية متوقعة، وتراجع الثقة في العملات الورقية، واستمرار البنوك المركزية في تعزيز احتياطاتها من الذهب.
وفي ظل هذه التقلبات، تبقى أسواق الذهب في حالة ترقب وحذر، في انتظار ما ستسفر عنه الجلسات المقبلة، وسط تباين واضح بين من يرى أن الذهب فقد بريقه مؤقتًا، ومن يعتقد أنه يستعد لجولة جديدة من الصعود القياسي في الأسعار.
