5 مؤشرات تكشف ميل طفلك للعنف إرشادات الخبراء للتعامل التربوي الفعال

خلال الأيام الأخيرة، شغلت حوادث العنف المتكررة بين الطلاب الرأي العام مؤخرًا، وذلك بعد سلسلة من الوقائع المأساوية، بدءًا من محافظة الإسماعيلية التي شهدت مقتل طالب في المرحلة الإعدادية على يد زميله، مرورًا بحادثة الدقهلية التي أقدم فيها طالب على قتل زميله بمفك بعد مشادة كلامية، وصولًا إلى واقعة أخرى في بداية العام الدراسي تعرضت فيها طالبة بمدرسة بالهرم للضرب والتعذيب على يد زميلاتها. هذه الأحداث المتوالية أثارت قلقًا واسعًا لدى أولياء الأمور، ودعتهم للتساؤل عن العلامات المبكرة التي قد تشير إلى ميول العنف لدى الأبناء، وكيفية التعامل معها بفعالية قبل أن تتطور إلى كوارث تؤدي إلى خسارة أرواح بريئة.

علامات تدل على وجود ميول للعنف

يوضح الدكتور مصطفى الزريقي، استشاري الطب النفسي والتخاطب، أن هناك مؤشرات سلوكية جلية قد تكشف عن ميل الطفل أو المراهق نحو العنف، ويأتي في مقدمتها الاعتداء الجسدي المتكرر على الآخرين، سواء كانوا أقرانه أو إخوته، وذلك باستخدام الدفع، أو الضرب، أو العض، بالإضافة إلى التهديد المتكرر، أو استخدام ألفاظ جارحة بقصد إيذاء الآخرين.

كما يميل الطفل ذو السلوك العنيف إلى تدمير ممتلكات الآخرين عمدًا، مثل ألعابهم أو أدواتهم الشخصية، ويُظهر أيضًا قسوة مفرطة تجاه الحيوانات، قد تصل في بعض الأحيان إلى تعذيبها.

ويُشير استشاري الطب النفسي كذلك إلى أن من العلامات البارزة الأخرى عدم قدرة الطفل على ضبط انفعالاته، حيث ينفجر غضبًا بشكل سريع ولا يهدأ بسهولة، كما يظهر سلوكًا عدوانيًا داخل البيئة المدرسية، مثل التنمر، أو الشجار، أو رفض الالتزام بالقواعد، إضافة إلى غياب التعاطف مع المتضررين من أفعاله، واهتمامه المبالغ فيه بألعاب العنف والأسلحة الافتراضية، فضلًا عن اندفاعه المستمر وعدم احترامه للحدود الشخصية للآخرين.

كيف يتعامل الأهل مع الطفل العنيف؟

يُشدد استشاري الصحة النفسية على ضرورة فصل الطفل الذي يُظهر ميولًا عنيفة عن الآخرين فورًا عند حدوث نوبة غضب، مع العمل على تهدئة الأجواء دون اللجوء إلى العنف ضده، مؤكدًا أن “العنف بالعنف يزيد المشكلة”. ينبغي أن تكون سيطرة الوالدين هادئة ولكن حازمة في الوقت ذاته، لتجنب تحول الموقف إلى صراع مفتوح.

كما يُوصي بوضع قواعد منزلية واضحة وثابتة، ومن أمثلتها: عدم الضرب، عدم الكذب، واحترام الآخرين، مع الحرص على تعليق هذه القواعد في مكان مرئي داخل المنزل لتذكير الطفل بها بشكل دائم.

تعليم مهارات التحكم في الغضب

يُشير استشاري الطب النفسي إلى أن تدريب الطفل العنيف على التحكم في غضبه يُعد من أهم الخطوات العلاجية، وذلك عبر تعليمه تقنيات بسيطة، منها: التنفس العميق، والعد إلى ثلاثة قبل إعطاء الرد، وإخراج الهواء ببطء، أو ممارسة أنشطة مهدئة كضغط كرة مطاطية أو القيام بمشي قصير. بالإضافة إلى ذلك، يجب تشجيعه على التعبير عن مشاعره بالكلمات بدلًا من الأفعال العدوانية، لتجنب كبتها أو تفريغها بطرق سلبية.

تدريب الأبناء على حل المشكلات

يؤكد استشاري الطب النفسي على أهمية تخصيص الوالدين وقتًا للجلوس مع أبنائهم في جلسات حوارية تحاكي المواقف اليومية، بهدف تعليم الطفل مهارات التفاوض واختيار الحلول البديلة بدلًا من اللجوء إلى السلوك العدواني. كما يجب تعزيز السلوك الإيجابي بشكل فوري، سواء بالثناء والمدح الموجه، أو بتقديم مكافأة بسيطة عند إظهار تصرف هادئ، أو الاعتذار، أو التعاون.

بناء المهارات الاجتماعية وتنظيم الروتين اليومي

يختتم استشاري الصحة النفسية حديثه بالتشديد على أن التعامل مع الطفل العنيف يتطلب تأسيس بيئة منزلية منظمة ومستقرة، تشمل مواعيد ثابتة للنوم، والطعام، واللعب، والمذاكرة، بالإضافة إلى تعليمه المهارات الاجتماعية الأساسية، مثل: المشاركة، واحترام الدور، والتعاون مع الآخرين، والتعبير عن الذات بالكلمات بدلًا من الأفعال.

فإن بناء الانضباط العاطفي والسلوكي في بيئة آمنة وداعمة وحافلة بالحب، يمثل الطريق الحقيقي لتحويل طاقة العنف الكامنة إلى قوة إيجابية وإبداعية بناءة.