أكد المهندس أحمد عز، رئيس مجلس إدارة مجموعة حديد عز، أنه لا يوجد ما يسمى بـ “إمبراطور الحديد” في مصر، موضحًا أنه جزء من منظومة إنتاج وطنية متكاملة، تضم العديد من الشركات والمصانع التي تساهم بفاعلية في تلبية احتياجات السوق المحلي، ودعم الاقتصاد الوطني بشكل عام.
وخلال مقابلته مع قناة “العربية Business”، أوضح رئيس مجلس إدارة مجموعة حديد عز أن حجم إنتاج المجموعة يقترب حاليًا من 6.5 مليون طن سنويًا، معربًا عن تطلعه لتجاوز حاجز الـ 7 ملايين طن خلال الإثني عشر شهرًا القادمة، ومؤكدًا في الوقت ذاته: “أنا جزء لا يتجزأ من صناعة مصرية واعدة، تزخر بعدد كبير من الشركات المتميزة في هذا المجال”.
وأضاف أن السوق المحلي لا يستوعب كامل إنتاج المجموعة، موضحًا: “نحو 70% من إنتاجنا يتم توجيهه للتصدير، بينما النسبة المخصصة للسوق المحلي تقل عن ذلك”.
وأشار إلى أن إنتاج مجموعة حديد عز يمثل حوالي 65% من إجمالي إنتاج الحديد في مصر، لكنه استدرك قائلًا: “ليس كل هذا الإنتاج يوجه إلى السوق المحلي، لأن حديد عز تعتبر من كبار المصدرين في المنطقة، وربما أكبر مصدر على مستوى العالم خلال العامين الأخيرين”.
وكشف أن حجم صادرات الشركة بلغ حوالي 1.6 مليار دولار خلال العامين الماضيين، معتبرًا أن هذا الرقم “جيد جدًا” على مستوى صناعة الصلب العربية، بالرغم من التحديات والقيود المفروضة على التجارة الدولية، معربًا عن تساؤله: “لا نعلم ما إذا كانت هذه الأرقام قابلة للاستمرار في ظل الظروف الحالية أم لا”.
وفي سياق متصل، شدد عز على أهمية دور الصناعة الوطنية في تعزيز الاقتصاد المصري، مؤكدًا أن مجموعة حديد عز تعمل باستمرار على تطوير منتجاتها وزيادة قدرتها التنافسية في الأسواق العالمية، وذلك من خلال تبني أحدث التقنيات والمعايير العالمية.
العلاقات التجارية والرسوم الأوروبية
وفي معرض حديثه عن العلاقات التجارية بين مصر والاتحاد الأوروبي، أكد عز أن الاتحاد الأوروبي يعتبر من أقدم الشركاء التجاريين لمصر، قائلًا: “العلاقة بيننا تمتد لأكثر من 20 عامًا، منذ توقيع اتفاقية الشراكة التي سمحت بتجارة متزايدة بين الجانبين”.
وكشف أن “مصر قدمت في هذه الاتفاقية تنازلات أكبر نسبيًا من الجانب الأوروبي، إذ خفضت الرسوم الجمركية على الواردات الأوروبية من حوالي 25% إلى “صفر” خلال فترة محددة، بينما لم يتنازل الاتحاد الأوروبي عن النسبة نفسها”، مشيرًا إلى أن الدول النامية “عادة ما تقدم تنازلات أكبر حين تتعامل مع اقتصادات ناضجة”.
وأردف قائلًا: “نمو الدول النامية، مثل مصر والجزائر وفيتنام، يعتمد جزئيًا على الاستهلاك المحلي وجزئيًا على التصدير”، مضيفًا أن هذه المعادلة تتطلب توازنًا في السياسات التجارية بين الأسواق المتقدمة والدول النامية.
وحول الرسوم الأوروبية الأخيرة المفروضة على واردات الصلب المصري، أوضح عز أن “القرار صدر بالفعل وسيستمر لمدة 5 سنوات قابلة للتمديد”، مشيرًا إلى أن الخيارات المتاحة أمام مصر محدودة، “فإما أن تتقدم الحكومة المصرية بطلب لمراجعة القرار أمام منظمة التجارة العالمية، على الرغم من أن المنظمة شبه معطلة حاليًا، أو اللجوء إلى المحاكم الأوروبية”.
وأكد أن شركة “حديد عز” تعمل حاليًا على تنويع صادراتها واختيار أسواق جديدة، وذلك بهدف تقليل التأثر بتلك الإجراءات.
وأوضح أن “حديد عز” تصدر منتجاتها إلى مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك دول شرق أوروبا وجنوب شرق آسيا ودول الخليج العربي، مشيرًا إلى أن هذه الأسواق “تظل من الوجهات المهمة للصادرات المصرية”.
وحذر من أن تحولًا كبيرًا يحدث في التجارة العالمية، عندما تفرض الولايات المتحدة قيودًا على وارداتها من الصلب، الأمر الذي يدفع المصدرين إلى البحث عن بدائل في أوروبا، مما يؤدي إلى إغراق أسواق أخرى بكميات ضخمة.
وذكر أنه عندما تصدر دولة مثل الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي قرارات حمائية، فإن الأثر لا يقتصر على هذه الدول، بل تمتد تبعاته إلى بقية الأسواق التي تتعرض لفائض إنتاجي كبير، نتيجة إعادة توجيه الصادرات العالمية، متسائلاً: “كيف يمكن للعالم العربي أن يقف مكتوف الأيدي أمام هذا التحول الهائل في حركة التجارة العالمية؟”.
وأشار إلى أن صناعة الصلب العربية تمثل إحدى الركائز الصناعية الكبرى في المنطقة، مؤكدًا أنها تأتي في الأهمية مباشرة بعد صناعة النفط والبتروكيماويات، من حيث تأثيرها الاقتصادي ودورها في التنمية، كما أن صناعة الصلب العربية حديثة ومتطورة، ولديها شركات رائدة في عدد كبير من الدول، مثل السعودية والإمارات وقطر وليبيا والجزائر وغيرها، مشيرًا إلى أن وجود شركات كبرى مثل “حديد السعودية” و”أمستيل الإماراتية” دليل قاطع على نضج هذه الصناعة عربيًا.
تصعيد في السياسات الحمائية بقطاع الصلب
يشهد العام الحالي تصعيدًا ملحوظًا في السياسات الحمائية بقطاع الصلب على مستوى العالم، مع توجه واضح نحو رفع الرسوم الجمركية وتشديد قواعد المنشأ، وحماية الصناعات الوطنية من تأثير فوائض الإنتاج العالمي، التي لم تعد تقتصر على الصين فقط، بل أصبحت تمتد لتشمل الفوائض المتزايدة في مختلف أنحاء العالم.
