تربية طفل مفرط النشاط قد تبدو مهمة صعبة، فهي تتطلب صبرًا جمًا، فهمًا عميقًا، ومرونة فائقة، يمتلك هؤلاء الأطفال طاقة حيوية هائلة، ولا يهدأون بسهولة، حيث ينتقلون بين الأنشطة بسرعة تفوق أقرانهم، مما يشكل تحديًا كبيرًا للأسرة في إدارة سلوكياتهم اليومية، ومع ذلك، يمكن تحويل هذه الطاقة الكبيرة إلى مصدر للإبداع والقوة إذا تم توجيهها بأسلوب سليم، وقد أكدت الدكتورة سلمى أبو اليزيد، استشارية الصحة النفسية، في حديثها لـ”اليوم السابع”، على ضرورة اتباع خطوات محددة لإحداث التوازن داخل المنزل، وتمكين الطفل من التعبير عن طاقته بشكل إيجابي وبناء.
خلق بيئة منظمة يمكن التنبؤ بها
تؤكد استشارية الصحة النفسية أن الأطفال الذين يعانون من فرط الحركة في أمس الحاجة إلى نظام يومي واضح وثابت، يمنحهم شعورًا بالأمان والاستقرار، فالفوضى تزيد من مستوى توترهم وقلقهم، بينما يساعد الروتين المنظم على توقع الأحداث المستقبلية، مما يمنحهم إحساسًا بالسيطرة على بيئتهم.
وتنصح استشارية الصحة النفسية الأمهات بوضع جدول يومي مرئي ومعلق في غرفة الطفل، يوضح مواعيد الوجبات، النوم، الواجبات، واللعب، لكي يتمكن الطفل من متابعة أنشطته خطوة بخطوة، كما تشدد على أهمية استخدام عبارات قصيرة وواضحة لتحديد القواعد الأساسية، مع تكرارها بهدوء وصبر، حتى تصبح جزءًا طبيعيًا من سلوكياته، دون الحاجة للصراخ أو العقاب.
استخدام التعزيز الإيجابي والمكافآت
ترى استشارية الصحة النفسية أن التحفيز الإيجابي يمثل المفتاح الذهبي لتعديل سلوك الأطفال، فبدلًا من التركيز على الأخطاء والهفوات، يجب مكافأة السلوكيات الجيدة فور حدوثها، لتعزيزها وتثبيتها.
ويمكن للأهل الاستعانة بلوحات النقاط أو الملصقات لتسجيل الإنجازات الصغيرة للطفل، ومن ثم منحه مكافأة بسيطة بعد تجميعه لعدد معين من النقاط، مثل نزهة عائلية، لعبة مفضلة، أو وقت إضافي للعب، مما يحفزه على الاستمرار في السلوكيات الإيجابية.
كما تشجع على الثناء الفوري باستخدام كلمات تشجيعية ومحفزة، مثل “أحسنت صنعًا” أو “أنا فخورة بك”، فالتقدير يعزز ثقة الطفل بنفسه، ويدفعه لتكرار السلوك الإيجابي وتعزيزه.
دمج الأنشطة البدنية والتمارين الرياضية
توضح استشارية الصحة النفسية أن الطفل مفرط النشاط لا يستطيع كبت طاقته الكبيرة لفترات طويلة، لذا من الضروري تشجيعه على ممارسة الأنشطة البدنية والرياضية، أو اللعب في الهواء الطلق، مثل الجري، ركوب الدراجة، أو اللعب بالكرة، فالنشاط البدني المنتظم يساعده بشكل كبير على تحسين التركيز خلال أوقات المذاكرة أو الراحة، وأثناء أدائه للمهام أو الواجبات، ومن المهم جدًا توفير فواصل قصيرة له للحركة خلال هذه الفترات، مثل التمدد، القفز، أو تحريك الجسم، فهذا يجدد نشاطه ويساعده على مواصلة الانتباه بفعالية.
