رنا عادل
نُعي بالأمس السيناريست أحمد عبد الله، الذي توفي عن عمر يناهز 60 عامًا، وهو واحد من أعظم الكتاب في السينما المصرية، وقد اشتهر بأعمال متعددة تشمل الكوميديا والدراما الاجتماعية.
تُعتبر الأفلام الاجتماعية ذات البطولة الجماعية من أبرز إنجازاته، مثل: “الفرح” و”ساعة ونص” و”كباريه”، حيث استعرضت هموم وصراعات الطبقات المهمشة من خلال عرض لمحات من الحياة اليومية لشخصياته وكيفية تفاعلهم مع الأحداث من حولهم، فكيف نجح في توظيف تلك الشخصيات لنقل عالم الأبطال كما يراه؟
– بين الواقعية وخلفيته المسرحية.. أسباب تفرد كتابات أحمد عبد الله
تعتقد الناقدة الفنية علياء طلعت أن ما ميز السيناريست أحمد عبد الله هو واقعيته الشديدة وقدرته على رؤية شخصيات متنوعة، حيث قدم في فيلم “الفرح” نماذج غير تقليدية مستوحاة من الأحياء الشعبية، مثل شخصية بائعة الكحول التي قدمتها دنيا سمير غانم، حيث عكست معاناتها في بيئة تجعلها عرضة للاستغلال والعنف، ما قد يدفعها للتنكر لحماية نفسها ومواصلة العمل.
وفي تصريحات لـ”الشروق”، أشارت علياء إلى شخصية الأسطى زينهم، التي جسدها خالد الصاوي، معبرة عن قلقه الأخلاقي وصراعه النفسي. ترى علياء أن نجاح أحمد عبد الله يعود إلى قدرته على رؤية النماذج المهمشة بعمق وبأسلوب معبر، حيث يلاحظ تفاصيل قد تغفل عنها كتاب سيناريو آخرون.
من جهة أخرى، تعتبر الناقدة الفنية شيماء العيسوي أن خلفية أحمد عبد الله المسرحية، التي ظهرت في مسرحيتين مثل “حكيم عيون” و”ألابندا”، ساهمت في تطوير أسلوبه، حيث اعتمدت على البطولة الجماعية. ورغم شهرة عادل إمام في المسرح التجاري، حققت هاتين المسرحيتين نجاحًا ملحوظًا، مما ساعده في كتابة سيناريوهات مميزة تعتمد على تعدد الشخصيات.
– الحدث هو مركز أعماله لا الشخصيات
أضافت شيماء أن أحد جوانب تفرده هو تناوله لطبقات اجتماعية متباينة، حيث غالبًا ما تركز الأعمال على الطبقة الوسطى، لكنه قدم ثقافات مختلفة مثل عادة إقامة الأفراح لجني “النقطة”. استطاع أن يجعل المجتمع بطلًا في أعماله السينمائية، متخذًا من الحدث مركزًا تتفاعل حوله الشخصيات، مما يتيح لنا رؤية الأحداث من وجهة نظر مختلفة.
كذلك برع في توظيف الشخصيات وتفاعلها مع بعضها، رغم كثرتها، حيث يحرص على تطوير كل شخصية من خلال أحداث جوهرية، مما يمنح كل شخصية فرصة للنمو والتغيير.
– كل شخصية تشكل قضية مستقلة
ترى العيسوي أن كل شخصية في أعمال أحمد عبد الله تمثل فكرة مستقلة وقضية قائمة بذاتها، ففي فيلم “الفرح”، تجسد شخصية “العسلي” التي قدمها ماجد الكدواني أزمة العلاقة المعقدة مع الأب، بينما شخصية “سميرة” التي أدتها دنيا سمير غانم تقدّم نموذجًا نسويًا متقدمًا لفتاة تتنكر في زي رجل للحصول على فرصتها في العمل.
تكتب شخصيات أحمد عبد الله بعناية، مما يجعل كل تفصيلة جزءًا أساسيًا من البناء الدرامي، ليظهر في النهاية عملًا جماعيًا متكامل العناصر.
– نظرة جديدة للطبقات المهمشة
اختتمت طلعت بقولها إن القضايا التي تناولها، حتى لو لم تثر حوارًا اجتماعيًا عميقًا، فإنها تجسد لنا الطبقات الدنيا بصورة واقعية، ففي فيلم “ساعة ونص”، عرض مجموعة من الشخصيات الموجودة في الهوامش، وكيف أن تعرضهم لحدث صادم يكشف عن جوانب مختلفة من تعاملهم، تتمايز عن الأوجه التي يمكن أن نراها من ركاب الطائرات المدرجة، مما يعزز التركيز الدرامي في أعماله بشكل ملحوظ.
