يشهد السودان تصعيدًا عسكريًا خطيرًا، مع تكثيف الهجمات بالطائرات المسيرة التي تستهدف مطار الخرطوم ومدينة الفاشر، يأتي ذلك بينما يتوجه وزير الخارجية السوداني، محيي الدين سالم، إلى واشنطن لإجراء مباحثات حول الحرب، وسط رفض قاطع من مجلس السيادة لأي مفاوضات مع القوات المتمردة.
تصدت أنظمة الدفاع الجوي والمضادات الأرضية التابعة للجيش السوداني بنجاح للمسيرات، التي حاولت استهداف مطار الخرطوم الدولي لليوم الرابع على التوالي.
تشن مليشيات الدعم السريع هجماتها على مطار الخرطوم الدولي منذ يوم الثلاثاء الماضي، وذلك في أعقاب إعلان سلطة الطيران المدني عن إعادة تشغيل المطار، الذي كان مقررًا يوم الأربعاء الماضي.
في اليوم الذي كان مقررًا فيه إعادة فتح مطار الخرطوم أمام الرحلات الجوية الداخلية كمرحلة أولى، هبطت طائرة مدنية تابعة لشركة طيران بدر الخاصة، ثم أقلعت على الفور.
وفقًا لمصادر في مطار الخرطوم تحدثت لـ “سودان تربيون”، فقد تعاملت المضادات الأرضية للجيش بفعالية مع المسيرات قبل وصولها المطار.
أفاد شهود عيان جنوبي الخرطوم لـ “سودان تربيون” أنهم سمعوا أصوات المضادات الأرضية وهي تتصدى لمسيرات حلقت في المنطقة، فضلًا عن سماع أصوات انفجارات مدوية.
في الدمازين، عاصمة إقليم النيل الأزرق جنوب شرق البلاد، حلقت مسيرات تابعة للدعم السريع في الساعات الأولى من صباح يوم الجمعة، بينما تعاملت المضادات الأرضية للجيش معها بنجاح للحيلولة دون بلوغها أية أهداف محتملة.
كانت مسيرات الدعم السريع قد هاجمت الدمازين خلال اليومين الماضيين، مما أسفر عن إلحاق أضرار بمحطة كهرباء تقع بالقرب من خزان الروصيرص.
مفاوضات في أمريكا لإنهاء الحرب
في سياق مفاوضات وقف الحرب، أكدت وزارة الخارجية السودانية أن السفير محيي الدين سالم أحمد، وزير الخارجية والتعاون الدولي، يقوم بزيارة رسمية إلى العاصمة الأمريكية واشنطن بدعوة من حكومة الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك في إطار حرص حكومة جمهورية السودان على تعزيز العلاقات الثنائية والتعاون البناء مع الولايات المتحدة الأمريكية.
صرحت الخارجية في بيان لها اليوم أن هذه الزيارة تأتي ضمن الجهود المستمرة لتطوير العلاقات بين الخرطوم وواشنطن، ومواصلة الحوار حول القضايا ذات الاهتمام المشترك، بما في ذلك دعم السلام في السودان، وتعزيز التعاون الاقتصادي والإنساني، ومناقشة فرص إعادة بناء العلاقات على أسس من الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة.
إقالة نائب محافظ بنك السودان المركزي
أصدر رئيس مجلس السيادة الانتقالي والقائد العام للقوات المسلحة، الفريق أول الركن عبدالفتاح البرهان، قرارًا بإعفاء محمد عثمان أحمد محمد خير من منصبه كنائب لمحافظ بنك السودان المركزي.
وفقًا لوكالة الأنباء السودانية، وجه القرار بنك السودان المركزي والجهات المعنية باتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذ هذا القرار.
مليشيا الدعم السريع تقصف محطة الكهرباء
أعلن مجلس التنسيق الإعلامي لشركة كهرباء السودان القابضة عن تعرض محطة سنجة التحويلية للكهرباء في ولاية سنار لاستهداف بطائرات مسيرة يوم الجمعة، مما قد يتسبب في تعطيل الخدمة الكهربائية.
في المقابل، اتهمت لجان مقاومة الدمازين بإقليم النيل الأزرق قوات الدعم السريع باستهداف مرافق حيوية ومدنية خدمية داخل المدينة لليوم الرابع على التوالي.
وقال مجلس التنسيق الإعلامي للكهرباء في بيان صدر عقب الهجمات، إن الفرق الفنية ستقوم بعمل تقييم فني شامل لأضرار الاعتداء الذي وصفته بـ “الغاشم”، وستقوم بإفادة المواطنين بتفاصيل إضافية حول التطورات ومواعيد استئناف الخدمة فور توفرها.
أوضاع صعبة في الفاشر السودانية
كشفت شبكة أطباء السودان أن ما لا يقل عن ثلاثة أطفال يفقدون حياتهم يوميًا في مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، وذلك بسبب سوء التغذية والأمراض، وشُح الإمكانيات الصحية والإنسانية في المدينة المحاصرة.
تعاني الفاشر من حصار محكم تفرضه قوات الدعم السريع منذ منتصف العام الماضي، في سياق حربها ضد الجيش السوداني، ساعيةً للسيطرة على المنطقة الأخيرة التي لا تزال تحت سيطرة الجيش في إقليم دارفور، مما خلف وضعًا إنسانيًا قاسيًا ومعقدًا.
صرحت الدكتورة رزان المهدي، الناطقة باسم شبكة أطباء السودان في بيان صدر يوم الجمعة، أن الوضع الإنساني في مدينة الفاشر يشهد تدهورًا مريعًا لأكثر من شهر.
وأضافت أن حالات الوفيات بين الأطفال تزايدت بشكل ملحوظ بسبب النقص الحاد في الغذاء، وارتفاع معدلات الإصابة بأمراض سوء التغذية، وذلك في ظل غياب أي بوادر لفتح مسار إنساني يمكن أن ينقذ آلاف الأطفال.
عبرت الشبكة عن قلقها البالغ تجاه الأوضاع المأساوية التي تتابعها فرقها الميدانية في الفاشر.
أكدت الشبكة في رسالة موجهة إلى المجتمع الدولي أن الوضع الإنساني تجاوز حدود الإدراك، نتيجة الأزمة الغذائية والدوائية الخانقة الناجمة عن الحصار المستمر.
وقالت الدكتورة رزان إنهم يفقدون في كل يوم يمضي ما لا يقل عن ثلاثة أطفال، وذلك بسبب سوء التغذية والأمراض، وشُح الإمكانيات الصحية والإنسانية المتاحة.
ظل الناشطون في الفاشر يطلقون النداء تلو النداء لإغاثة المدنيين المحاصرين في المدينة، وفتح ممرات آمنة لهم، وتجنيبهم الاشتباكات والقصف المتكرر الذي يهدد حياتهم.
قبل يومين، وجهت تنسيقية لجان المقاومة في الفاشر نداءً أخيرًا، حذّرت فيه من تفاقم أزمة الجوع في المدينة، وصرّحت قائلة: “الجوع يقتل شعبنا رويدًا رويدًا، وسنكتفي بعد هذه النداءات المتكررة ونشاهد معكم موتنا”.
على مدار الأشهر الماضية، توالت نداءات من منظمات محلية ودولية تحذّر من تفاقم الأزمة الإنسانية، بينما يشكو السكان من بطء استجابة الجهات الرسمية والصعوبات اللوجستية التي تحول دون وصول المساعدات إلى جميع المناطق المتضررة.
بتاريخ: 2025-10-25
