«زلزال اقتصادي قادم» الدولار يواجه شبح الانهيار وفقدان 40% من قيمته

ما قصة التوقعات المثيرة بشأن انهيار محتمل في سعر الدولار؟ وكيف تتحول نقاط قوته التاريخية إلى نقاط ضعف تهدده؟ ولماذا يتوقع البعض انخفاضًا يصل إلى 40%؟ والأهم، ما هو تأثير ذلك على سعر الدولار في مصر؟ وكيف يمكن للعملة التي كانت رمزًا للاستقرار الاقتصادي العالمي أن تصبح مصدرًا للقلق؟

هذه التساؤلات أصبحت محور نقاشات الخبراء الاقتصاديين في كل مكان، خاصة بعد التحذيرات التي أطلقتها مؤسسة “آر بي سي كابيتال ماركيتس”، والتي تشير إلى إمكانية دخول الدولار الأمريكي في مرحلة ضعف طويلة الأمد، على غرار ما حدث بعد انفجار فقاعة الإنترنت في مطلع الألفية، عندما فقد الدولار حوالي 40% من قيمته مقابل العملات الأخرى.

### العوامل التي قد تقلب الطاولة على الدولار

التحليل يوضح أن العوامل التي دعمت الدولار لسنوات طويلة قد تنقلب ضده، فالمستثمرون العالميون ضخوا أموالهم في الأسهم الأمريكية، خاصة الصناديق الكبيرة ذات الإدارة الخاملة، مما أدى إلى زيادة الطلب على الدولار بشكل مصطنع، لكن الوضع الآن يشهد تغيرات.

ريتشارد كوشينوس، خبير العملات في “آر بي سي”، ذكر في مذكرة بحثية أن أي تحول مفاجئ في توجهات المستثمرين أو في أداء الاقتصاد الأمريكي قد يخلق صدمة كبيرة، تسحب البساط من تحت الدولار، تمامًا كما حدث في الفترة من 2001 إلى 2008. بمعنى آخر، إذا تحولت شهية المستثمرين وبدأوا في الخروج من الأصول الأمريكية، فقد يشهد السوق موجة هبوط حادة في قيمة الدولار عالميًا.

### تأثير انهيار الدولار المحتمل على مصر

الإجابة على هذا السؤال ليست بسيطة، فالضعف المحتمل للدولار له تأثيرات متعددة الجوانب، من جهة، قد يخفف انخفاض الدولار عالميًا الضغط على الجنيه المصري، خاصة إذا استمر تدفق الاستثمارات الأجنبية أو زادت الصادرات، لأن العملات الأخرى (مثل اليورو واليوان) ستصبح أقوى، وهذا قد يجعل تكلفة الاستيراد من أوروبا والصين أرخص نسبيًا، مما قد يؤدي إلى انفراجة بسيطة في أسعار السلع المستوردة.

لكن من جهة أخرى، يجب أن نتذكر أن مصر جزء من الاقتصاد العالمي، وأي اضطراب كبير في الدولار يؤثر على حركة التجارة العالمية، بدءًا من أسعار النفط والذهب وصولًا إلى الفائدة الأمريكية، وإذا دخلت أمريكا في ركود بسبب انهيار الدولار، فقد يضغط ذلك على الطلب العالمي، مما يعني أن التصدير أيضًا قد يتأثر.

### عالم ما بعد كورونا: قواعد جديدة للاقتصاد

التحليل يشير أيضًا إلى أن العالم على أعتاب مرحلة جديدة، تختلف تمامًا عن المراحل السابقة، فالأمر لا يتعلق فقط بتغيرات اقتصادية، بل بمزيج معقد من التقدم التكنولوجي، والتوترات الجيوسياسية، والسياسات النقدية التجريبية التي استخدمتها أمريكا بعد جائحة كورونا، وهذا يعني أن القواعد القديمة للاستثمار لم تعد تعمل كما كانت من قبل.

ما يحدث حول الدولار ليس مجرد حركة في سعر عملة، بل هو مؤشر على تغير ميزان القوة الاقتصادية في العالم، وإذا انخفض الدولار بنسبة 40% كما يحذر البعض، فسوف يبدأ العالم بأسره في التعامل بمعادلات جديدة، ومصر يجب أن تكون مستعدة لتحقيق التوازن بين فرص الاستفادة من هذا الضعف والمخاطر المحتملة التي قد تنجم عن تقلبات الأسواق.

### سيناريوهات وتحديات مستقبلية

في ضوء هذه التطورات، من الضروري لمصر أن تدرس السيناريوهات المحتملة بعناية، وأن تضع خططًا استراتيجية للتعامل معها، يمكن تلخيص أبرز التحديات والفرص المحتملة في الجدول التالي:

التحديات المحتملة الفرص المحتملة
تأثر الصادرات المصرية نتيجة لانخفاض الطلب العالمي في حال حدوث ركود في الولايات المتحدة. انخفاض تكلفة الاستيراد من أوروبا والصين نتيجة لقوة عملاتهم مقابل الدولار.
زيادة التقلبات في الأسواق المالية العالمية وتأثيرها على الاستثمارات الأجنبية في مصر. جذب استثمارات أجنبية جديدة نتيجة لجاذبية الأصول المصرية في ظل ضعف الدولار.
ارتفاع تكلفة الديون المقومة بالدولار إذا لم يتم التحوط بشكل صحيح. إمكانية تخفيف الضغط على الجنيه المصري في حال استمرار تدفقات النقد الأجنبي.

من خلال فهم هذه التحديات والفرص، يمكن لمصر اتخاذ خطوات استباقية لتعزيز اقتصادها وتقليل تعرضها للمخاطر المحتملة، مثل تنويع الصادرات، وتشجيع الاستثمار الأجنبي المباشر، وإدارة الدين العام بحكمة، وتعزيز القدرة التنافسية للقطاعات الاقتصادية المختلفة.