«تحت الضغط العالمي» الصلب الصيني يبحث عن موطئ قدم في السوق السعودية

تشهد صادرات الصلب الصينية مستويات قياسية تدفعها إلى الأسواق العالمية، وذلك على الرغم من تزايد القيود التجارية التي تفرضها دول عديدة، حيث أصبحت المملكة العربية السعودية وجهة بارزة للشحنات الصينية خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2025، إذ سجلت نموًا ملحوظًا بنسبة 41% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، لتتصدر قائمة الأسواق الكبرى من حيث معدل الزيادة، وذلك وفقًا لبيانات الجمارك الصينية وتحليلات “بلومبرغ”.

التحول في وجهات التصدير الصينية

يأتي هذا الارتفاع الكبير في الصادرات الصينية إلى السعودية في أعقاب انخفاض ملحوظ في حجم الشحنات المتجهة إلى الأسواق التقليدية التي فرضت رسومًا جمركية أو قيودًا على الواردات، مثل فيتنام وكوريا الجنوبية، بينما سجلت دول أخرى في جنوب شرق آسيا، مثل الفلبين وإندونيسيا وتايلاند، نموًا قويًا، بالإضافة إلى بروز منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا كمحركات جديدة للطلب على منتجات الصلب الصينية.

أرقام قياسية لصادرات الصلب الصيني

بلغ إجمالي صادرات الصين من الصلب خلال الأشهر العشرة الأولى من عام 2025 نحو 97.76 مليون طن، متجاوزة بذلك 92.05 مليون طن خلال الفترة نفسها من عام 2024، مما يضعها على المسار الصحيح لتحقيق رقم قياسي سنوي جديد، وذلك على الرغم من التحديات الناجمة عن ارتفاع الرسوم الجمركية والتحقيقات المتعلقة بمكافحة الإغراق في عدد من الدول.

دور الاستثمارات الصينية في تعزيز الطلب

ساهمت الاستثمارات الصينية المباشرة في السعودية والإمارات، في إطار مبادرة “الحزام والطريق”، في تعزيز الطلب على الصلب، حيث بلغ حجم الإنفاق الصيني المشترك في الدولتين حوالي 86 مليار دولار خلال العقد الماضي، وتوجهت معظم هذه الاستثمارات إلى القطاعات التي تعتمد بشكل كبير على استخدام الصلب، مثل الطاقة والنقل والبنية التحتية.

تحليل الخبراء لاتجاهات السوق

أوضحت جينغ تشانغ، خبيرة الأبحاث في “وود ماكنزي”، أن هذه الاستثمارات ساهمت في إعادة توجيه صادرات الصلب الصينية نحو الشرق الأوسط وأفريقيا، وأشارت إلى أن “تركيبة المنتجات المصدرة تعكس هذا التحول، حيث تجاوزت صادرات الأنابيب والمنتجات الطويلة المستخدمة في مشاريع البنية التحتية إجمالي العام الماضي، وهو اتجاه من المتوقع أن يستمر”.

السعودية.. سوق واعدة للصلب الصيني

شهدت السعودية ارتفاعًا ملحوظًا في صادرات منتجات الإنشاءات، حيث تضاعفت تقريبًا مقارنة بالعام الماضي، في حين زادت شحنات الصلب شبه المُصنّع بأكثر من ستة أضعاف، ومع ذلك، يبقى استمرار هذا الطلب معتمدًا على وتيرة تنفيذ المشاريع الكبرى، وعلى رأسها مدينة نيوم المستقبلية بتكلفة 500 مليار دولار، والتي تركز بشكل أكبر على الصناعات عالية التقنية والذكاء الاصطناعي.

تأثير الرسوم الجمركية على الصادرات الصينية

تشير البيانات إلى أن الدول التي فرضت أو تخطط لفرض رسوم جمركية على الصلب الصيني تمثل حوالي 45% من إجمالي الصادرات الصينية خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2025، وهو انخفاض ملحوظ من 54% خلال الفترة نفسها من عام 2024، مما يعكس قدرة الصين على توجيه الشحنات إلى أسواق أقل تقييدًا.

تحديات استدامة طفرة الصلب الصيني

على الرغم من النتائج الإيجابية التي تحققت حتى الآن، يبقى السؤال حول استدامة طفرة الصلب الصيني مرتبطًا باستمرار منطقة الشرق الأوسط كمشترٍ نشط، وقدرة اقتصادات جنوب شرق آسيا على الحفاظ على معدلات نمو قوية، بالإضافة إلى قدرة الصين على إدارة التحديات الناجمة عن التوترات التجارية العالمية.

مقارنة بين الصادرات إلى الدول التي فرضت رسومًا جمركية وتلك التي لم تفرضها

الفترة الدول التي فرضت/تخطط لفرض رسوم جمركية (من إجمالي الصادرات الصينية)
الأشهر التسعة الأولى من 2024 54%
الأشهر التسعة الأولى من 2025 45%