تحتاج مدارسنا اليوم، التي تحتضن أبناءنا، إلى رؤية جديدة تعيد للطالب شغفه ومتعه، وتغير نظرته للحياة، وتجعل المعلم يؤدي دوره الحقيقي في نقل المعرفة، وأن يكون قدوة للطلاب بدلاً من أن يكون في سباق الدرجات.
التقويم المتوازن هو مفتاح الحل والطريق نحو الفهم الحقيقي
لا تعود كثرة التقييمات بفائدة على الطالب في المدرسة، بل إن الإفراط فيها قد يرهق الطالب ويحول التعليم إلى منافسة ضاغطة، أما التقنين فيجعلها أداة فعالة لقياس مدى التعلم، فالتكرار هو السبيل لترسيخ المعلومات في الذاكرة، كل معلومة تتطلب تكرارًا لتثبيتها، فيستطيع الطالب استدعاءها بسهولة عند الحاجة، إذ إن المراجعة المنتظمة تبني ثقة المتعلم وتساعد في تثبيت المعرفة في الذاكرة. ضيق الوقت داخل الحصة يعيق الشرح، مما يدفع الطلاب للجوء إلى دروس خصوصية لتعويض ما فاتهم، وتقليل فجوة الفهم، وهكذا يتحول التعليم من رسالة سامية إلى تجارة يستنزف فيها أولياء الأمور.
الأنشطة: لماذا لا تكون هي الجسر الذي يربط الطالب بمدرسته؟
لماذا لا تكون الأنشطة المتنوعة هي الرابط العاطفي بين الطالب ومدرسته؟ فهي تساهم في خلق روح المشاركة بين الطلاب، وتكون متنفسًا آمنًا لطاقة الطلاب، وزرع حب الانتماء، وربط الطالب بالعلم من خلال الفهم وليس الحفظ. الفهم العميق يصبح ممكنًا حينما تقدم المدرسة شروحًا مفيدة وممتعة، تغني الطالب عن الحاجة إلى الدروس الخصوصية، وتجعل المدرسة بيته الثاني ومصدر معرفته الأول، مما يجعله مستغنيًا عن أي مصادر خارجية. الأنشطة تساهم أيضًا في الحد من العنف، إذ نجد أن الطلاب ينبذون هذه السلوكيات حينما يجدون في المدرسة أماكن مخصصة لهم لممارسة رياضتهم أو هواياتهم، وبالتالي تنخفض معدلات العنف لأن النشاط يحول طاقاتهم إلى إبداع وإنجاز، مما يخلق جوًا من التوازن والراحة النفسية والاجتماعية.
لسنا ضد التقييم، بل نرى أنه أمر منطقي، لكننا ندعو إلى العدل والاعتدال، فالتقييم جزء من العملية التعليمية، لكنه يجب ألا يتحول إلى أداة ضغط، أو عبء إضافي على الطالب، فالتقويم السليم هو الذي يحفز الطالب دون معاناة، ولا يُرهِقه، ويقوّم دون أن يُعاقب. يجب التغلب على مشاكل العام الماضي التي أدت إلى الغش، ويتطلب ذلك أن تكون الفصول جيدة التهوية، ويُسمح للطلاب بأخذ فترات راحة خلال اللجان، مع ضمان التأمين داخل وخارج المدرسة، وخلق جو هادئ من المراقبين والمشرفين، بالإضافة إلى منح وقت إضافي بدل الوقت المستقطع، مع ضرورة أن تكون الدسكات مناسبة لأحجام الطلاب، فهل يمكن العودة إلى نظام “البوكليت” كبديل عن الأساليب التقليدية؟ فهو يوفر أمانًا ودقة في التقييم. لماذا لا يكون البديل العملي الذي يقلل من فرص الغش، ويحقق نوعًا من التكافؤ الحقيقي بين الطلاب؟
أما درجات أعمال السنة، فقد يستغلها البعض بطريقة غير نزيهة، لذا تحتاج إلى نظرة موضوعية، وضغط الدرجات على أولياء الأمور يتطلب تقنينًا، وذلك بسبب سوء الاستغلال من قبل بعض الأشخاص الذين يهدفون إلى إرهاب الطلاب بدلاً من تشجيعهم، مما يستدعي إعادة النظر لتحقيق العدالة والتحفيز معًا.
