
أصبحت منصات التواصل الاجتماعي مصدر دخل رئيسي للآلاف من الشباب في مصر والعالم العربي، لكنها في الوقت ذاته باتت ساحة جدل واسع حول أخلاقيات المحتوى وطبيعة الأرباح الناتجة عنه، خاصة مع تزايد مقاطع الفيديو التي تُصنف باعتبارها “خادشة للحياء” أو مخالفة لقيم المجتمع
وفي ظل سهولة الوصول إلى الإنترنت وأدوات صناعة المحتوى، تنامت ظاهرة الربح من فيديوهات تيك توك في مصر 2025، ما دفع الجهات الرسمية إلى التحرك لضبط التجاوزات القانونية والأخلاقية، والتساؤل عن مدى شرعية هذه الأموال وكيفية تنظيمها
كيف يحقق صناع المحتوى الأرباح على تيك توك ومنصات التواصل؟
بحسب محمد حنفي، مدير أكاديمية التسويق الرقمي بوزارة الاتصالات، فإن الربح من مواقع مثل تيك توك وفيسبوك ويوتيوب يتم عبر عدة مسارات، أهمها:
-
المشاهدات العالية
-
الإعلانات والرعاية التجارية
-
الهدايا الرقمية من المتابعين أثناء البث المباشر
ويضيف حنفي أن منصة تيك توك حاليًا هي الأكثر استخدامًا في مصر، وقد تحولت إلى مصدر رزق فعلي للعديد من صناع المحتوى الرقمي، حيث تعتمد على نظام “التكبيس” في البث المباشر، أي النقر المتكرر من المشاهدين لزيادة التفاعل، فضلًا عن تقديم الهدايا الرقمية التي تختلف قيمتها بشكل كبير
ومن أبرز الهدايا على تيك توك، “هدية الأسد” والتي تصل قيمتها إلى نحو 20 ألف جنيه مصري، فيما تعتبر “هدية الوردة” الأقل، وتبلغ نحو 22 جنيهًا فقط، ويحصل صانع المحتوى على أكثر من نصف القيمة مباشرة من تيك توك
الفرق بين الربح القانوني والربح غير المشروع من المحتوى
يؤكد حنفي أن هناك فرقًا واضحًا بين الربح القانوني من صناعة المحتوى، والذي يعتمد على تقديم محتوى مفيد وجذاب ويحترم القيم العامة، وبين الربح غير المشروع الذي يتم من خلال بث مقاطع مخالفة لقانون تقنية المعلومات أو تتضمن مشاهد خادشة للحياء
وأشار إلى أن هناك حالات موثقة تم فيها استخدام تيك توك لغرض غسيل الأموال، من خلال إرسال هدايا رقمية باهظة الثمن ثم استعادتها من صانع المحتوى بنظام “العمولة”، ما يحوّل العملية إلى وسيلة للتحايل على أنظمة الرقابة المالية
حملات أمنية ضد محتوى مخالف على تيك توك في مصر
شهدت الفترة الأخيرة تحركات أمنية واسعة ضد البلوغرز وصناع المحتوى الذين يروجون لمقاطع خادشة أو مسيئة عبر تيك توك، وذلك بناء على بلاغات متعددة من المواطنين، ووفقًا للقانون المصري الذي يجرم المحتوى غير الأخلاقي والمضر بالأمن العام
وتأتي هذه الخطوة في إطار محاولة الدولة تنظيم بيئة المحتوى الرقمي، وضمان توافقها مع الذوق العام والقيم المجتمعية، خاصة مع الانتشار الكبير لهذه المقاطع بين المراهقين والشباب
خبراء يحذرون من استغلال تيك توك في أنشطة مالية غير قانونية
من جانبه، أوضح مصطفى أبو جمرة، خبير أمن المعلومات، أن منصات صناعة المحتوى مثل تيك توك ويوتيوب أصبحت تتفوق على الإعلام التقليدي من حيث الانتشار والتأثير، مشيرًا إلى أن أدوات إنتاج المحتوى باتت متاحة للجميع دون قيود تقنية
لكنه حذر من استغلال النظام المالي داخل تيك توك في أنشطة مثل غسيل الأموال وتمويل المحتوى المخالف، من خلال آلية الهدايا الرقمية المدفوعة، خاصة أن بعضها يتم عبر محافظ إلكترونية يصعب تتبعها بسهولة
وأكد أبو جمرة أن التنظيم القانوني الصارم يجب أن يسير جنبًا إلى جنب مع التوعية المجتمعية، لضمان عدم تحوّل هذه المنصات إلى بوابات للربح السريع على حساب الأخلاق والأمن
مستقبل الربح من تيك توك في مصر والمنطقة العربية
تشير التحليلات إلى أن الربح من صناعة المحتوى سيواصل النمو في مصر والمنطقة العربية خلال السنوات القادمة، لكن هذا النمو يصاحبه تحديات قانونية وأخلاقية يجب التعامل معها بجدية، خاصة مع دخول فئات عمرية صغيرة إلى ساحة المحتوى
الحل يكمن في موازنة الطموح المالي بالمسؤولية الاجتماعية، مع تطوير قوانين الرقابة الرقمية، وتعزيز ثقافة المحتوى الهادف، بدلًا من ملاحقة الشهرة بأي ثمن