«تاريخ الذهب والمخاوف الاقتصادية» الذهب بعد أزمة الدين الأمريكي يشهد تكرار سيناريو “الإغلاق الصعودي”

مع اقتراب الكونجرس الأمريكي من حسم قضية الإغلاق الحكومي المحتمل، تتجه أنظار المحللين الاقتصاديين والمستثمرين نحو الذهب كأحد أهم مؤشرات الأسواق المالية، كونه الملاذ الآمن في فترات عدم اليقين، وتثير التداعيات الاقتصادية لأزمة سقف الدين تساؤلات جوهرية حول مسار الذهب المستقبلي، هل نحن على أعتاب دورة صعودية جديدة للذهب، مدفوعة بتآكل الثقة وضعف الدولار؟.

الإغلاق الحكومي 2018-2019: دراسة حالة تؤكد نمطًا

قال محمود جمال سعيد، محلل سوق المال والمستشار المالي، إنه من الضروري استعراض تجربة الإغلاق الحكومي الأطول في تاريخ الولايات المتحدة، الذي استمر لمدة 35 يومًا من 22 ديسمبر 2018 إلى 25 يناير 2019، مشيرًا إلى أن تلك الفترة تزامنت مع تزايد المخاطر الاقتصادية والجيوسياسية، وما أن تمت الإشارة إلى إمكانية التوصل لاتفاق لإنهاء الإغلاق، حتى استجاب الذهب بشكل فوري وحاسم، ففي غضون 5 أسابيع بعد اتفاق الكونغرس، شهدت أسعار الذهب زيادة ملحوظة قاربت 55 دولارًا للأوقية، منتقلة من مستوى 1280 دولارًا إلى 1346 دولارًا.

أضاف جمال في تصريحات خاصة لـ أهل مصر، أن هذا الارتفاع لم يكن مجرد استجابة مؤقتة، حيث بعد تصحيح طفيف لم يتجاوز 10 دولارات، شهد الذهب مسارًا صعوديًا مستدامًا، لم يعد خلاله إلى مستوياته السابقة عند 1280 دولارًا، مؤكدًا بذلك قدرته على تحقيق مكاسب هيكلية على المدى الطويل في ظل ظروف معينة، مشيرًا إلى أن هذه السابقة تقدم مؤشرًا قويًا لسلوك المعدن الأصفر بعد الأزمات التشريعية الأمريكية.

محفزات الصعود: التضخم المتفاقم وضعف الدولار كهيكل أساسي

كشف جمال أن الربط بين إنهاء الإغلاق الحكومي وارتفاع الذهب لا يتمثل في الحدث نفسه، بل في التداعيات الاقتصادية الكلية لهذا الحدث، فعادةً ما يتطلب حل أزمة سقف الدين إجراءات تهدف إلى تمويل الحكومة وتلبية التزاماتها المالية، وغالبًا ما يتم هذا التمويل عن طريق إصدار سندات دين حكومية جديدة يشتريها الاحتياطي الفيدرالي بكميات كبيرة، وهذه العملية، رغم ضرورتها لتجنب التخلف عن السداد، تُعتبر “طباعة نقود” غير مباشرة،

إذ تضخ الأموال الجديدة في الاقتصاد، مما يؤدى إلى زيادة المعروض النقدي، وفي المقابل، يتسبب هذا التوسع النقدي في تراجع القوة الشرائية للدولار الأمريكي، مما يُغذي ظاهرة التضخم، وهو ما يعزز من جاذبية الذهب كأداة تحوط تقليدية ضد التضخم، حيث يصبح الاحتفاظ بالذهب أكثر جاذبية لحماية الثروة، كما أن توسيع سقف الدين يرسل إشارة إلى الأسواق العالمية بشأن استمرار السياسات المالية التوسعية، والتي قد تؤثر على المستوى التضخمي على المدى المتوسط والطويل، وتدفع المخاوف من تآكل القوة الشرائية للدولار والاضطرابات الاقتصادية الكلية المستثمرين نحو الأصول الآمنة مثل الذهب.

التوقعات المستقبلية

استنادًا إلى هذه المعطيات الاقتصادية والسوابق التاريخية، فإن التوقعات تشير إلى أن إقرار الكونجرس لاتفاق إنهاء الإغلاق ورفع سقف الدين سيشكل محفزًا رئيسيًا لارتفاع أسعار الذهب، قد تشهد الأسواق تقلبات قصيرة الأجل أو “تلاعبات سعرية” من بعض الكيانات الكبيرة، مما قد يؤدي إلى انخفاض مؤقت في أسعار الذهب، لكن تُعتبر هذه الهبوطات “فرص شراء ذهبية” للمستثمرين الذين يتطلعون إلى المدى الطويل، والذين يدركون أن الاتجاه العام للذهب يميل نحو الصعود،

أكد أن العلاقة بين الذهب وأزمات سقف الدين الأمريكي ليست مجرد صدفة تاريخية، بل هي نتيجة لديناميكيات اقتصادية عميقة ترتبط بالتضخم، والقوة الشرائية للدولار، والثقة في السياسات المالية والنقدية، بينما يترقب العالم القرار الأخير في واشنطن، يبقى الذهب هو البوصلة التي تعكس اتجاهات الاقتصاد الكلي، مؤكدًا على مكانته كحارس للثروة في أوقات التحديات.

أسعار الذهب اليوم في مصر

عيار 24 6366 جنيها.
عيار 21 5570 جنيها.
عيار 18 4774 جنيها.
الجنيه الذهب 44560 جنيها.
أونصة الذهب 4200 دولار.