«آيس كريم لا يذوب تحت الشمس» هل يمكن ابتكار مثلجات مقاومة للحرارة؟

«آيس كريم لا يذوب تحت الشمس» هل يمكن ابتكار مثلجات مقاومة للحرارة؟


تُعد المثلجات رفيقة الصيف المفضلة، غير أن تحديها الأكبر هو ذوبانها السريع مع ارتفاع الحرارة، فهل ينجح العلماء في ابتكار حلول تُبقيها باردة ومتماسكة لوقت أطول، وتمنحنا تجربة منعشة بلا فوضى.

في أيام القيظ تمنحنا كرة آيس كريم في مخروط سعادة خاطفة، لكن يفسدها بسرعة انسيابها على الأصابع أو سقوطها أرضاً، وهو مشهد كفيل بإحباط الكبار قبل الصغار، ما يجعل البحث عن وسيلة لإبطاء الذوبان مطلباً لمدمني الآيس كريم.

نتسامح غالباً مع متع قصيرة العمر التي تزداد قيمة كلما نفدت سريعاً، لكن مع الآيس كريم يختلف الأمر لأننا لا نرضى أن نخسره قبل ت savor نكهته كاملة، وهنا يبدأ سؤال العلم عن كيفية إطالة لحظات الاستمتاع دون المساس بالمذاق.

خلال السنوات الأخيرة ظهرت تجارب مثيرة مثل مصاصات شركة كانازاوا آيس اليابانية ثم آيس كريم طري يقاوم الذوبان في الحرارة المرتفعة، ما فتح الباب أمام تقنيات جديدة تستهدف ثبات القوام وتحسين التجربة.

أحرز الباحثون تقدماً بصناعة مثلجات مضافة إليها كميات مرتفعة من البوليفينولات وهي مضادات أكسدة طبيعية في كثير من الفواكه، فأتاحت هذه المركبات تماسكاً لافتاً ومنعت السيلان على الأصابع، ما أثار الفضول حول آلية التأثير.

يصنع الآيس كريم أساساً من الكريمة والسكر، ويجمد المزيج في أسطوانة تبريد عميق ثم يكشط ويقدم، هذه العملية تحد من تشكل بلورات الثلج وتضخمها الذي يفسد نعومة القوام ويحدث تعرجاً ملحوظاً خصوصاً عند التخزين المنزلي لفترات أطول.


تتكون البلورات غير المرغوبة غالباً بسبب ذوبان جزئي أثناء النقل من المصنع ثم إعادة التجميد في نقاط البيع، فتتعرض المثلجات لتقلبات حرارية صغيرة تؤدي إلى نمو بلورات أكبر تفسد القوام المخملي.

أقرأ كمان:  «وجهتك الأكاديمية بوضوح».. 4 نصائح ذهبية لاختيار كليتك في تنسيق الجامعات 2025

لمعالجة ذلك يلجأ المصنعون إلى مثبتات مثل الكاراجينان المشتق من الأعشاب البحرية وصمغ القوار المستخرج من بذور القوار، وهي إضافات تحد من تلف البنية خلال سلسلة التوريد وتحافظ على التجانس قدر الإمكان.

كاميرون ويكس عالمة أغذية كانت بجامعة ويسكونسن ثم انتقلت إلى جنرال ميلز شاهدت فيديو لمنتج كانازاوا آيس المقاوم للذوبان، فأثارها تساؤل حول دور البوليفينولات المحتمل في إحكام تماسك الآيس كريم.

البوليفينولات معروفة بفوائد صحية محتملة أكثر من خصائصها الهندسية، لذا اختبر الفريق في المختبر رفع مستوياتها تدريجياً ضمن خلطات الكريمة باستخدام حمض التانيك بوصفه نموذجاً قابلاً للقياس والتكرار.

مزج الباحثون الكريمة مع حمض التانيك بتراكيز 0.75 في المئة و1.5 في المئة حتى 3 في المئة، ولوحظ أن القوام يبدأ بالتكاثف سريعاً مع ارتفاع التركيز، ما يشير إلى تفاعل مباشر يؤثر في بنية المزيج.

بعد تبريد الخلطات 24 ساعة أظهرت القياسات أن 3 في المئة من حمض التانيك جعلت المزيج متماسكاً لدرجة يمكن قطعها بالسكين، وحتى عند قلب الكوب رأساً على عقب بقي في مكانه دون انسكاب، ما يعكس صلابة شبكية واضحة.

تحت المجهر رأت ويكس تكاثراً لكريات دهنية محددة المعالم في التراكيز الأعلى، واستنتج الفريق أن حمض التانيك يرتبط ببروتينات الكريمة مشكلاً شبكة واقية تمنع اندماج كريات الدهون وتعيق الانسياب وبالتالي تؤخر مظاهر الذوبان.

هكذا تفسر مقاومة الذوبان، إذ يبقى الدهن المحرر من بلورات الكريمة محاطاً بحاجز صنعته البوليفينولات فلا يسهم في انهيار البنية سريعاً، فيستمر الآيس كريم محتفظاً بشكله لفترة أطول.


مع ذلك لا تكسر هذه التقنية قوانين الفيزياء ولا تجمد الزمن، بل تعمل كدعامة بنيوية تحفظ القوام لفترة محدودة ريثما يُستهلك المنتج في ظروف واقعية.

أقرأ كمان:  «لغز في كاليفورنيا» اختفاء جماعي للطواويس يثير الذعر في فندق تاريخي

أظهرت اختبارات لاحقة أن المثلجات المعززة بالبوليفينولات قد تكتسب مع الزمن الدافئ قواماً أقرب إلى البودينغ مع احتفاظها بالشكل، كما أن هذه المركبات لا تمنح برودة إضافية فهي لا تخفض الحرارة الفعلية للمنتج.

بمعنى آخر لا تذوب الكتلة تماماً بل تتحول إلى قوام مطاطي عند التسخين النسبي، وهو ملمس غير متوقع لمن يتخيل آيس كريم تقليدياً، ما يجعل توقعات المستهلك عاملاً حاسماً في قبول المنتج.

توقعاتنا الغذائية تؤثر في الرضا، فإذا ترقبت فانيليا كريمية ثم واجهت قواماً مطاطياً أقرب لبطاطس مهروسة ستشعر بنفور رغم ثبات الشكل، لذا يجب الموازنة بين الثبات الحسي والملمس المألوف.

في الختام قد تنضم البوليفينولات إلى قائمة المثبتات القوية التي تحافظ على الحالة الطبيعية نسبياً خلال النقل لمسافات طويلة، ويبقى السؤال هل سنرى حلويات غنية بالبوليفينولات تقاوم الحرارة لساعات في أكشاك الآيس كريم القريبة قريباً، الإجابة رهن ما ستكشفه الابتكارات المقبلة.