أكدت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، أن الدولة المصرية تتبنى استراتيجية جديدة لتطوير منظومة التخطيط القومي، وذلك من خلال التحول من مجرد “تخطيط للمشروعات” إلى “تخطيط استراتيجي شامل”، يعتمد على جودة السياسات ويضمن تحقيق نمو اقتصادي مستدام وعالي الجودة، ويتكامل بين خطط التنمية السنوية، والخطط متوسطة وطويلة الأجل، والاستراتيجيات القطاعية المختلفة، مع استخدام أحدث الأدوات التخطيطية، والاعتماد على منهجية “خطط البرامج والأداء”، في إطار تفعيل قانون التخطيط العام للدولة وقانون المالية العامة، مؤكدة على أهمية تحقيق الأهداف الاستراتيجية ذات الأولوية للدولة، مع ربط الأداء التنموي بالأداء المالي، بما يسهم في تقليل الفجوات التنموية بين المناطق الجغرافية المختلفة، وتحسين مؤشرات التنافسية المحلية والدولية، وزيادة رضا المواطنين عن الخدمات الحكومية المقدمة، والارتقاء بمؤشرات الجودة والإتاحة، وتعزيز مساهمة القطاع الخاص في التنمية، وتقليل الآثار السلبية للتغيرات المناخية، ومراعاة الفئات الاجتماعية الأكثر احتياجًا.
جاء هذا التصريح خلال كلمة الوزيرة في الجلسة الحوارية التي أعقبت إطلاق الاستراتيجية الوطنية للصحة الرقمية 2025-2029، ضمن فعاليات النسخة الثالثة من المؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية البشرية (PHDC’25)، الذي يقام تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، تحت شعار “تمكين الأفراد، تعزيز التقدم، إتاحة الفرص”، في الفترة من 12 إلى 15 نوفمبر الجاري، وبحضور الدكتور خالد عبد الغفار، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة والسكان.
### مواءمة الأهداف الصحية مع التنمية الشاملة
أشارت الدكتورة رانيا المشاط، إلى أهمية قطاع الصحة، مؤكدة على الحرص على مواءمة الأهداف الصحية مع أولويات التنمية الشاملة، للتأكد من أن لكل هدف صحي تأثيرًا مباشرًا على المجتمع والاقتصاد والبيئة، بالإضافة إلى تعزيز التكامل بين مختلف القطاعات مثل الصحة والتعليم والبيئة والحماية الاجتماعية والوعي الثقافي، مما يضمن أن أي تدخل صحي لا يعمل بمعزل عن غيره، بل يرتبط بشكل مباشر بتحسين نتائج القطاعات الأخرى، ويسهم في تحقيق الأهداف التنموية للدولة.
### أولويات المرحلة القادمة في قطاع الصحة
أوضحت الوزيرة أن الرؤية الوطنية للتنمية الاقتصادية وبرنامجها التنفيذي، المبني وفق منهجية البرامج والأداء، يتضمن مجموعة من الأولويات لقطاع الصحة، والتي تم تحديدها بالتعاون مع وزارة الصحة والسكان وكافة الوزارات المعنية، وتشمل:
* تحسين جودة وإتاحة الخدمات الصحية المتميزة.
* التوسع في كليات الطب البشري وكليات ومعاهد التمريض.
* زيادة معدل إتاحة الأسرة بالمستشفيات، مع التركيز على المحافظات ذات الأولوية، خاصة محافظات الصعيد والمحافظات الحدودية.
* مضاعفة نسبة المنشآت الصحية الحاصلة على الاعتماد المحلي.
* تعزيز وتكثيف برامج الصحة الوقائية والتثقيفية.
* تحقيق مزيد من الحوكمة لقطاع الصحة، وهو الأمر الذي توليه المجموعة الوزارية للتنمية البشرية اهتمامًا بالغًا.
### تطوير آليات المتابعة وتقييم الأداء
أكدت الدكتورة رانيا المشاط، على أهمية تطوير آليات المتابعة وتقييم الأداء، مشيرة إلى أن وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي تعمل على تعزيز قدرات المختصين في كافة الوزارات والجهات التابعة، على أحدث المنهجيات الدولية في هذا المجال، من خلال الأدلة الإرشادية المختلفة مثل دليل إعداد الخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، ودليل المتابعة والتقييم، ودليل تطبيق خطط البرامج والأداء، بالإضافة إلى ميكنة عملية المتابعة ضمن “منظومة أداء” وضمن “المنظومة المتكاملة لإعداد ومتابعة الخطة”، بما يضمن جودة التنفيذ بما يتوافق مع جودة التخطيط.
### الصحة كمحرك للنمو الاقتصادي المستدام
في إجابتها عن سؤال حول إعادة هيكلة نموذج الاستثمار في الصحة كمحرك للنمو في ظل التحول الاقتصادي العالمي، أوضحت الدكتورة رانيا المشاط أن الصحة ليست مجرد خدمة للمواطنين، بل هي ركيزة استراتيجية للنمو الاقتصادي والتنمية المستدامة، حيث أن كل استثمار في تحسين الخدمات الصحية هو استثمار في رأس المال البشري، مما يعزز قدرة الدولة على إعادة ترتيب أولويات الإنفاق، وتحويل القطاع الصحي إلى محرك نمو مستدام يدعم جودة الحياة ويعزز مكانة مصر كمركز إقليمي للاستثمار الصحي.
### مضاعفة مساهمة قطاع الصحة في الاقتصاد الوطني
أشارت الوزيرة إلى أن الرؤية الوطنية للتنمية الاقتصادية تستهدف مضاعفة مساهمة قطاع الصحة في الاقتصاد الوطني بحلول عام 2030، مما سيؤدي إلى توسع في تصنيع الأدوية والمنتجات الطبية، وزيادة مساهمة القطاع الخاص في تقديم الخدمات الطبية العالية الجودة، بما يتفق مع وثيقة سياسة ملكية الدولة، وتكثيف أنشطة البحث والتطوير والتكنولوجيا الطبية، وزيادة معدلات السياحة العلاجية، وهو ما يسهم في توفير المزيد من فرص العمل اللائقة، وزيادة نسب الاكتفاء الذاتي، وخفض الاستيراد، وزيادة صادرات الخدمات العلاجية والمنتجات الطبية.
### حوافز الاستثمار في القطاع الصحي
أوضحت الوزيرة أنه في ضوء حرص الدولة على تشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في القطاع الصحي، يتضمن قانون الاستثمار رقم 72 لسنة 2017 مجموعة من حوافز الاستثمار المقدمة للقطاع الصحي، كما تم مؤخرًا إطلاق مجموعة من حوافز الاستثمار للمستثمرين في القطاع الصحي الخاص، بالإضافة إلى ذلك، تحفز الحكومة القطاع الخاص على تقديم الخدمات الصحية للمواطنين وفق منظومة التأمين الصحي الشامل، مما يجعله شريكًا استراتيجيًا في هذه المنظومة التي تستهدف تغطية النسبة الأكبر من المواطنين بحلول عام 2030.
### تدفقات الاستثمار في القطاع الصحي
أضافت الوزيرة أنه نتيجة لهذه الجهود، تجاوزت قيمة التدفقات في رأس المال المصدر الموجه من القطاع الخاص لقطاع الصحة في مصر خلال الفترة من 2014 إلى 2025 حوالي 78 مليار جنيه، منها نسبة 60% موجهة للخدمات الطبية والعلاجية، و40% لقطاع الأدوية.
### البنية الرقمية المتطورة في قطاع الصحة
أشارت الوزيرة إلى البنية الرقمية المتطورة التي نفذتها الحكومة خلال السنوات الماضية، والتي تمهد الطريق بشكل كبير لاعتماد التكنولوجيا الرقمية في الخدمات الصحية، وتحويل القطاع الصحي في ذات الوقت إلى منصة استثمارية جاذبة للشركات العالمية، كما يعزز هذا التوجه كفاءة الإدارة الحكومية ويحسن جودة الخدمات للمواطنين، ويخلق بيئة متكاملة تتيح تقديم خدمات صحية أفضل وأكثر استدامة، مع فتح فرص نمو اقتصادي جديدة ودعم مكانة مصر كمركز إقليمي للتكنولوجيا الصحية والاستثمار الطبي.
### توافر العمالة الماهرة في القطاع الصحي
أشارت أيضًا إلى توافر العمالة الطبية والفنية الماهرة، نتيجة لزيادة عدد الكليات والمعاهد الطبية المرتبطة بالتكنولوجيا الصحية، مما أدى إلى زيادة عدد الخريجين بنسبة تجاوزت 125% بين عامي 2014 و2023، مؤكدة أن كل هذه الخطوات ستعزز من فرص تحقيق مستهدفات الدولة في زيادة نسبة صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر من الناتج المحلي الإجمالي لتصل إلى 3.5% عام 2030.
