من سيدفع فاتورة نهاية عصر النفط والغاز؟

في جولة صحفية اليوم، نغوص في أعماق التحديات الاقتصادية والبيئية والفكرية التي تواجه عالمنا، بدءًا من معركة تمويل “الانتقال العادل” في مؤتمر المناخ، مرورًا بتحليل الانهيارات المفاجئة للشركات الأمريكية كمؤشر محتمل لأزمة ائتمانية قادمة، وصولًا إلى التحذيرات من تأثير الذكاء الاصطناعي على قدرتنا على التفكير.

تأخذنا صحيفة الغارديان إلى قلب مفاوضات مؤتمر المناخ (كوب 30) في مدينة بليم البرازيلية، حيث تتصاعد حدة الخلافات حول تمويل التحول نحو مستقبل خالٍ من الوقود الأحفوري، وتصف الصحيفة أجواء المؤتمر بالطقس المتقلب في بليم، صباحات مشمسة تعقبها غيوم كثيفة وأمطار غزيرة، مما يعكس مسار المفاوضات الصعبة.

### معركة التمويل في مؤتمر المناخ

تشير الغارديان إلى أن الخلاف الرئيسي يدور حول كيفية تحقيق هدف الحد من الاحترار العالمي عند 1.5 درجة مئوية، فالدول النامية تتمسك بضرورة التزام الدول الغنية بتوفير التمويل اللازم، بينما تفضل الدول المتقدمة حلولًا تعتمد على أسواق الكربون، وتعتبر الصحيفة أن غياب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب قد يسهل التقدم في المفاوضات، حيث تسعى مجموعة الـG77 مع الصين إلى إنشاء “آلية انتقال عادل” توفر التكنولوجيا والتمويل الخالي من الديون.

وتوضح الغارديان أن الدول النامية تطالب بتمويل سنوي قدره 1.3 تريليون دولار، لكنها لم تحصل سوى على تعهدات لا تتجاوز 300 مليار دولار بحلول عام 2035، معظمها قروض، ويكشف تحليل لمنظمة “أكشن إيد” أن أقل من 3% من مساعدات المناخ تدعم “انتقالًا عادلاً” للعمال والمجتمعات المحلية.

وتنتقد الصحيفة الدول الغنية التي “تنفق المليارات على حملة سنداتها، لكنها تعلن العجز” عندما يتعلق الأمر بتمويل الأزمة المناخية، وترى أن مؤتمر المناخ سيحدد ما إذا كان الشمال العالمي سيقبل بدفع حصته العادلة، أم سيستمر في التهرب بينما “يحترق الكوكب”.

### مؤشرات أزمة ائتمانية قادمة في أمريكا؟

تنتقل بنا صحيفة بلومبيرغ إلى تحليل للكاتب آرون براون حول الانهيارات المفاجئة للشركات الأمريكية المثقلة بالديون، ويحذر براون من أن هذه الانهيارات، المصحوبة باتهامات بالاحتيال، قد تكون إشارة مبكرة على أزمة مالية واسعة النطاق، ويشير إلى أن هذه الانهيارات تجتمع فيها ثلاثة عناصر خطرة: الرافعة المالية المفرطة، ونقص السيولة، والتقييمات المضللة.

ويستعرض الكاتب أمثلة على الانهيارات الأخيرة، مثل شركات “فيرست براندز” و”ترايكلور هولدينغز” و”رينيفو”، ويقول إن هذه الانهيارات “لا يجب أن تحدث بسبب نقص القدرة على دفع الفوائد”، ويرى أن الاحتيال أو سوء الإدارة هما التفسير الوحيد لانهيار شركات عاملة بشكل مفاجئ.

ويحذر براون من أن صناديق الائتمان الخاصة المتداولة علنًا، بلا احتياطيات رأسمالية تُذكر، وبكشف ضئيل، وتقييمات غير شفافة، تشكل خطرًا كبيرًا، ويصف الرافعة المالية العالية، والسيولة المتدنية، والتقييمات غير الموثوقة بأنها “الثلاثية السامة” وراء معظم الانهيارات المالية، ويختتم الكاتب تحليله بتحذير مماثل لما قاله جيمي ديمون، الرئيس التنفيذي لـ”جيه بي مورغان”: “حين ترى صرصاراً واحداً… فهناك عادة المزيد”.

### الكتابة والذكاء الاصطناعي: هل نتخلى عن التفكير؟

أما صحيفة “لوموند” الفرنسية، فتناقش في مقال للكاتب كورنتان لامي، تأثير الاعتماد المتزايد على الذكاء الاصطناعي في الكتابة، ويشير لامي إلى أن استخدام مولدات النصوص مثل تشات جي بي تي لا يقتصر على الإجابة عن الأسئلة اليومية، بل أصبح يمتد إلى الكتابة نيابة عن المستخدمين، وينقل الكاتب عن الفيلسوف إريك سادان تحذيره من أن “مليارات الأفراد” باتوا يرون في هذه الأدوات فرصة للتوقف عن ممارسة قدراتهم الأساسية، مثل الكتابة والتعبير.

ويستشهد الكاتب بالكاتب الأمريكي المتخصص في الذكاء الاصطناعي إيد زترون الذي يرى أن الكتابة ليست “وضع كلمات فحسب”، بل هي صراع مع الأفكار والمشاعر لا يمكن للذكاء الاصطناعي محاكاته، ويشير لامي إلى دراسة من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا خلصت إلى أن 83% من الطلاب الذين استعانوا بـ تشات جي بي تي لكتابة مقالات لم يتذكروا لاحقاً جملة واحدة مما كتبوه، ما يدل على أن النص لا ينتمي إليهم فكرياً.

ويؤكد الكاتب أن تشات جي بي تي “لا يفكر” أصلاً، بل يعيد تركيب معارف مستمدة من البيانات التي دُرّب عليها، ويحذر من الانحيازات العرقية والجندرية المدمجة في النماذج، إضافة إلى التأثير السياسي والثقافي لأصحاب الشركات المشغلة، ويختتم الكاتب مقاله بتحذير الصحفي تيبو بريفو، الذي يرى أن هذا النموذج يجعل البشر “مادة خام للاستغلال”، وأن تشات جي بي تي ليس سوى “واجهة تقنية لعملية قديمة جداً في خصخصة الثروة”.

[related_news]