منى غنيم
نشر في:
الأحد 16 نوفمبر 2025 – 3:43 م
| آخر تحديث:
الأحد 16 نوفمبر 2025 – 3:45 م
• بين أم مخرجة سينمائية ترشحت للأوسكار وأب أستاذ جامعي ومؤلف ..كيف نشأ زهران ممداني أول عمدة مسلم لنيويورك• ميرا ناير: سينما تنحاز للمهمّشين… وتربية صنعت قائدًا أمريكيًا شابًا
استضافت مجلة “هاربرز بازار” الأمريكية، المخرجة الهندية الأمريكية ميرا ناير، في لقاء خاص داخل شقتها بمنطقة مانهاتن في نيويورك، حيث ناقشت مسيرتها الفنية الغنية، وعلاقتها الوثيقة بابنها، الناشط السياسي زهران ممداني، الذي انتخب عمدة لمدينة نيويورك في 4 نوفمبر 2025.
تداولت الجالية الجنوب آسيوية بنوع من الفخر معلومات عن صلة زهران بـ “ناير”، خاصة بعد نجاحه الأخير في المجال السياسي، والذي تجلى خلال حملته الانتخابية المميزة. واعتبر الكثيرون هذا الارتباط استمرارًا طبيعيًا لمسيرة “ناير” الفنية والإنسانية.
استعرضت “ناير” خلال المقابلة تاريخها السينمائي، بدءًا من فيلمها الوثائقي “السجادة الهندية” عام 1985، وصولًا إلى “ملكة كاتوي” عام 2016، موضحةً أن أعمالها تناولت قضايا اجتماعية وثقافية متعددة، مثل “سلام بومباي” الذي يصور حياة أطفال الشوارع عام 1988، و”مسيسيبي ماسالا” الذي يتناول العلاقات بين السود والآسيويين في أمريكا عام 1991.
ذكرت المجلة أن “ناير” تميزت بنهجها في تقديم قصص المهمّشين بدقة ثقافية وصدق سردي، مما أكسبها تقديرًا نقديًا وجماهيريًا كبيرًا، بما في ذلك ترشيحها للأوسكار، وجائزة الكاميرا الذهبية، وجائزة الجمهور عن فيلم “سلام بومباي”، بالإضافة إلى الأسد الذهبي في مهرجان فينيسيا عن فيلم “زواج مونسون”.
عندما سُئلت عن كيفية الحفاظ على رؤيتها الفنية وسط الضغوط الغربية، أكدت “ناير” أن جذورها القوية عززت قدرتها على “التحليق”. نشأت في بلدة صغيرة في أوريسا مع شقيقين أكبر، وكانت تطالع الأدب الروسي والإنجليزي، حتى أنها حلمت في سن الثانية عشرة بأن يكون هناك كاتب هندي يتناول واقع بلدتها الصغيرة، مما دفعها للتساؤل حول مستقبلها ككاتبة أو رسامة أو موسيقية. وتقدمت خفية للمنح التعليمية، وقبلت في كامبريدج لكنها تراجعت سريعًا عنها.
بينما تطرقت لموقفها من التوجه إلى أمريكا، اعترفت بأن مشاهدتها لفيلم “قصة حب” في سينما أوديون بدلهي كانت عامل جذب لها، حيث رأى المتعة في بيئة مرفهة وغير مألوفة، وقررت الذهاب إليها بمنحة، فتوجهت إلى جامعة هارفارد في عمر الثامنة عشرة بدون خطة واضحة، سوى الاستكشاف.
لقد كان لديها مبدأ راسخ لرفض الانسياق وراء النظرة الأمريكية السطحية للهند، حيث انتقدت الصور النمطية التي كانت رائجة آنذاك، وتعاملت مع مجتمعها بذكاء، واستغرقت في تصوير تجربتها كإنسانة ملونة تعيش في أمريكا، تظهر في فيلم “مسيسيبي ماسالا” تأثير تلك التجربة على رؤيتها.
ضغوط ثقافية وتوقعات
تحدثت “ناير” عن الضغوط التي تواجه الفنانين من أجل تمثيل ثقافاتهم بشكل يجذب الغرب، مشيرة إلى تلقيها انتقادات حادة من الناس بعد إصدار أعمال تتناول قضايا حيادية وعميقة، مثل فيلمها الوثائقي عن راقصات النوادي الليلية في مومباي. أبدت قناعتها بأن استعراض الشخصيات المثالية لا يعكس الصورة الحقيقة للمشاكل الإنسانية المركبة.
وعبرت عن استيائها من نقد بعض الرجال الهنود، الذين اعترضوا على طرحها لجوانب بشكل واقعي، واستنكرت الاتهامات التي تسعى لتصوير جاليتها بصورة مُثلى، موضحة أنها تركز على الموضوعات التي تتفاعل معها إنسانيًا وسياسيًا، دون خشية من ردود فعل هوليوود.
تجربة الأمومة والدعم العائلي
تحدثت “ناير” عن تجربتها كأم، مشيرة إلى أن الأمر لم يكن مخططًا، وأبدت سعادتها عندما اكتشفت حملها. كانت نشأتها في بيئة متنوعة دينيًا سببًا في عدم قلقها من أن يكون ابنها من أبوين هندوسي ومسلم. ولدت طفلها في أوغندا مكان عمل زوجها، حيث كانت العادات التقليدية تتطلب رعاية الأمهات للطفل في الأسابيع الأولى، رغم الظروف الصعبة هناك.
لقد كان دعم أسرتها لها خلال مسيرتها المهنية يعتبر جزءًا أساسيًا من نجاحها، إذ عاشت مع والدتها وحماها وحماتها الذين أثروا في تربية زهران، مما منحه تربية غنية بالتجارب الثقافية المتعددة، سواء في نيويورك أو كامبالا أو الهند.
دعم الطموحات الشخصية
أكدت “ناير” أنها كانت دائمًا تشجع ابنها زهران في اختياراته المهنية، حيث ظهرت لديه موهبة مبكرة في العمل العام، وبدأ كمستشار في شؤون الإسكان، مما أتاح له فرصة التعرف على مشكلات المهاجرين. بعد ترشحه لمجلس منطقة أستوريا في 2020 خلال بداية الوباء، اعتمد بشكل أساسي على دعم عائلته لمساعدته في حملته.
عندما أعلن زهران ترشحه لمنصب عمدة نيويورك، شعرت “ناير” بالدهشة، لكنها تذكرت إنجازات زوجها ونجاحها في سن الثلاثين، واعتبرت أن العمر هو الوقت المناسب للمجازفة. وقد ساعدها تذكر نجاحاتها المبكرة في تجاوز الشكوك بشأن عدم خبرته.
التربية في زمن التحديات
كما سلطت “ناير” الضوء على أهمية التربية في مواجهة التحديات السياسية والعالمية، موضحة أن تعليمه وتأثير والده أكسبه تصورات عميقة حول الاستعمار والعدالة. علم الزوج محمود ممداني، الأكاديمي والناشط، العديد من الأفكار الفكرية العميقة، وكان زهران حاضرًا في هذه الأجواء منذ الصغر.
أعربت “ناير” عن قلقها تجاه متطلبات العمل العام التي قد تؤثر على حياة ابنها الخاصة، لكنها تبقى واثقة بأنه سيحقق أثرًا إيجابيًا وملموسًا. كما قدمت نصائح للأسر الراغبة في تربية مفكرين ومؤثرين، مشددة على أهمية الحب والتنوع الأسري في بناء الثقة بالنفس.
اختتمت “ناير” اللقاء بدموع من الفخر، مستذكرة اللحظة الجميلة عندما قرأ زهران خطاب قبوله الجامعي معًا، موضحة أن اللحظة تراوحت بين الفخر والامتنان للمساهمة في تقديم شخصية ملهمة للعالم.
