في ظل تصاعد الجدل حول المحتوى غير اللائق على منصات التواصل الاجتماعي، وتحديداً “تيك توك”، أطلقت السلطات المصرية حملة مكثفة تستهدف صناع هذا المحتوى المثير للجدل، وذلك في إطار جهودها للحفاظ على القيم والأخلاق العامة،
أوقفت الأجهزة الأمنية عدداً من مشاهير “تيك توك” الذين اشتهروا بتقديم فيديوهات تعتبر خادشة للحياء، ويجري حالياً اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة تمهيداً لمحاكمتهم، وفي سياق متصل، كشف تقرير صادر عن “تيك توك” عن إزالة أكثر من 16.5 مليون فيديو مخالف لإرشادات المجتمع خلال الفترة الممتدة من يناير إلى مارس 2025، وشمل ذلك خمس دول، تصدرتها مصر،
فيديوهات وبث مباشر محظور
أفادت “تيك توك” بأنها حذفت حوالي 2.9 مليون فيديو في مصر خلال الربع الأول من العام الحالي بسبب انتهاك هذه الفيديوهات لإرشادات المجتمع، كما تم إيقاف ما يزيد على نصف مليون بث مباشر في مصر بسبب مخالفتها لقواعد الآداب العامة،
تحرك برلماني سريع
بالتوازي مع الحملة الأمنية، بادر البرلمان المصري بتحرك سريع لمواجهة هذه الظاهرة، حيث عقد سلسلة من الاجتماعات مع الأطراف المعنية، وفي هذا الصدد، أوضح رئيس لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بمجلس النواب، أحمد بدوي، أن اللجنة عقدت عدة اجتماعات ضمت الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات ومدير “تيك توك” لمنطقة مصر وشمال أفريقيا، وذلك لمناقشة التجاوزات الواضحة على المنصة، خاصة المحتوى غير الأخلاقي وغير المطابق للضوابط، وأكد بدوي أن الجانب المصري رفض بشكل قاطع استمرار هذا النوع من المحتوى، موجهاً اللوم لمسؤولي “تيك توك” بسبب عدم اتخاذهم إجراءات جادة لمواجهة هذه المشكلة،
وكشف بدوي في تصريحات لوسائل إعلام مصرية أن ممثلي “تيك توك” طلبوا مهلة ثلاثة أشهر لتحسين جودة المحتوى، محذراً من أن اللجنة ستلجأ إلى تطبيق قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات في حال عدم الاستجابة الفورية، كما أشار إلى أن الهدف ليس حظر المنصة بشكل كامل، بل تنظيم المحتوى من خلال وضع تشريعات رادعة ومعايير محتوى تتناسب مع القيم المصرية، مؤكداً استعداد البرلمان لاستخدام سلطاته القانونية في حال عدم الالتزام بتطبيق هذه الضوابط،
نحو بيئة رقمية صحية
من جهتها، أكدت النائبة مها عبد الناصر، عضو لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بمجلس النواب، في تصريحات لـ”العربية,نت”، أن حظر “تيك توك” ليس حلاً جذرياً لمشكلة المحتوى المسيء على منصات التواصل، مشيرة إلى أن معالجة هذه الظاهرة تتطلب تبني نهج شامل وتوعية مجتمعية، وأضافت أن فكرة الحظر قد تبدو حلاً سهلاً وسريعاً للبعض، لكنها في الواقع غير فعالة، موضحة أن المستخدمين يمكنهم بسهولة تجاوز قرار الحجب باستخدام تطبيقات الـVPN والانتقال إلى منصات بديلة تقدم نفس النوعية من المحتوى غير المرغوب فيه، ودعت عبد الناصر إلى خلق بيئة رقمية صحية تعتمد على إنتاج ودعم محتوى هادف وجذاب، وذلك بالتعاون بين الدولة وصناع المحتوى، كما اقترحت إمكانية التعاون لتقديم محتويات تعليمية وثقافية وإبداعية تجذب الملايين،
تطوير منظومة رقابة ذكية
من جانبه، صرح أحمد البنداري، مسؤول التسويق الرقمي بإحدى شركات التكنولوجيا، لـ”العربية,نت” بأن مواقع التواصل مثل “فيسبوك” و”إنستغرام” و”واتساب” و”تيك توك” تؤدي وظائف متشابهة، إلا أن المشكلة تكمن في بعض المواد التي تبدأ بمحتوى ساخر أو خفيف، ثم تتحول تدريجياً إلى محتوى خادش للمشاهدين، ودعا البنداري إلى تطوير منظومة رقابة ذكية لرصد الأنشطة المشبوهة، مثل الثراء المفاجئ أو الانتشار غير المبرر للمحتوى، بدلاً من الاعتماد على الحظر الكامل الذي يصعب تطبيقه عملياً، وأوضح أنه من الممكن استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لرصد المحتوى الضار، وسن قوانين رادعة تحد من التربح غير المشروع دون المساس بحرية الاستخدام الرقمي,