
أطلق عالم الفيزياء النظرية ستيفانو بروفومو، الأستاذ بجامعة كاليفورنيا – سانتا كروز، نظريتين جديدتين ومثيرتين للاهتمام حول أصل المادة المظلمة، وذلك في إطار جهود مستمرة لفهم هذا اللغز الكوني الذي أرق العلماء لعقود طويلة، وتم نشر هاتين النظريتين مؤخرًا في دورية Physical Review D العلمية المرموقة، وهما تقدمان منظورين مختلفين لكيفية نشأة المادة المظلمة، تلك المادة التي لا تتفاعل مع الجسيمات العادية، لكنها تؤثر بقوة في بنية الكون عبر الجاذبية.
### عالم مرآة مظلم: كون موازٍ غير مرئي
تشير إحدى النظريتين إلى أن المادة المظلمة ربما تكون ناتجة عن “عالم مرآة”، وهو قطاع مظلم يضم جسيمات وقوى مماثلة للنموذج القياسي المعروف، مثل الكواركات والغلونات، ولكنها غير قابلة للكشف بأي وسيلة متاحة حاليًا، ويفترض هذا النموذج أن هذه الجسيمات ربما شكلت “باريونات مظلمة” ضخمة متماسكة بفعل الجاذبية، وربما انهارت لتكوين أجسام شبيهة بالثقوب السوداء من كتلة بلانك، وهي غير مرئية لكنها تؤثر في تشكيل الكون.
### المادة المظلمة من أفق الكون
أما النظرية الثانية، التي نُشرت في مايو الماضي، فتقترح أن المادة المظلمة ربما نشأت من الإشعاع الصادر عن “أفق الكون” أثناء تمدده بعد الانفجار العظيم، وتستند هذه الفرضية إلى مبادئ نظرية الحقول الكمومية في الزمكان المنحني، وتفترض وجود فترة قصيرة من “التكوين الحراري” أنتجت مادة مظلمة باردة ومستقرة، ثم انفصلت عن النموذج القياسي بعد مرحلة التضخم الكوني، وتتوافق هذه النظرية مع ما نعرفه عن إشعاع الثقوب السوداء، وقد تعني أن أكوانًا أخرى مماثلة لكوننا ربما بدأت من “بذور غير مرئية” من المادة.
### رؤى جديدة لتفسير لغز المادة المظلمة
يؤكد البروفيسور بروفومو أن هذه النظريات لا تزال فرضيات استكشافية، لكنها تستند إلى مبادئ فيزيائية راسخة في ميادين الجاذبية والظواهر الكمومية، وتقدم احتمالات علمية قابلة للاختبار في المستقبل، وتُعتبر جامعة كاليفورنيا في سانتا كروز من المؤسسات الرائدة عالميًا في مجال ربط المفاهيم الكمومية بعلم الفلك، وتطوير نماذج جديدة قد تساهم في حل واحد من أكبر ألغاز الفيزياء الحديثة.