
بعد تصديق الرئيس عبدالفتاح السيسي على قانون الإيجار القديم انتقلت إحدى أكثر القضايا الاجتماعية تعقيدًا في مصر إلى مرحلة جديدة من النقاش القانوني، حيث تبدل مسار الجدل من قاعات البرلمان إلى أروقة المحاكم، وسط ترقب واسع لمآلات العلاقة بين الملاك والمستأجرين في ظل تعديلات تشريعية وُصفت بالجذرية.
الطريق إلى المحكمة الدستورية العليا
رغم دخول القانون حيّز التنفيذ بتصديق رئيس الجمهورية إلا أن الخلافات حوله لم تتوقف، بل فُتح الباب واسعًا أمام الطعن على دستوريته، إذ يرى مختصون في القانون أن ثمة مساحات جادة للطعن في بعض مواده أمام المحكمة الدستورية العليا بوصفها الجهة المخولة وحدها بتمحيص مدى اتساق التشريعات مع نصوص الدستور.


كيف يتم الطعن على قانون الإيجار القديم
بيّن الدكتور حمدي عمر أستاذ القانون الدستوري أن الطعن لا يباشَر من الأفراد بصورة مباشرة، بل يسير عبر مسار قضائي محدد، إذ يتعين على مستأجر متضرر رفع دعوى أمام محكمة مدنية، وخلال نظر الدعوى يُثار الدفع بعدم الدستورية، فإذا قدّرت المحكمة جدية الدفع أوقفت نظر الدعوى ومنحت رافعها مهلة للتقدم بطعنه أمام المحكمة الدستورية العليا.


موازنة دستورية صعبة
يؤكد الدكتور حمدي عمر أن المشرع أمام معادلة دستورية شديدة الحساسية، فالدستور المصري يصون حق الملكية الخاصة، وفي الوقت نفسه يكفل الحق في السكن الملائم، ما يستدعي من البرلمان صياغة توازن دقيق يضمن عائدًا منصفًا للمالك على ممتلكاته، ويحفظ في المقابل حقوق المستأجرين المرتكزة على عقود قديمة تغيرت سياقاتها الاقتصادية والاجتماعية بصورة كبيرة.


شبهة عدم الدستورية والحلول المقترحة
يرى الدكتور أحمد سعيد أستاذ القانون الدستوري أن الصياغة الحالية قد تثير شبهة عدم الدستورية إذا اتجهت نحو إلغاء شامل للعقود القديمة، بما يمس مبدأ حرية التعاقد، ويقترح مسارًا تدريجيًا يحدد قيمة إيجارية عادلة تُزاد سنويًا بنسب تتراوح بين عشرين وثلاثين بالمئة على مدى زمني متدرج، بما يقارب القيمة السوقية دون إنهاء مفاجئ لتلك العقود.