
خلف كواليس فيلم “بيت بلا حنان” الذي أُطلق عام 1976، دارت أحداث شيقة ومثيرة، قبل أن يشاهده الجمهور على شاشات السينما، مما يجعله تحفة فنية لا تُنسى
كشف الكاتب الكبير مصطفى محرم، رحمه الله، عن تفاصيل مثيرة من كواليس الفيلم، وذلك من خلال مذكراته القيّمة التي حملت عنوان “حياتي في السينما”، مسلطًا الضوء على جوانب خفية من صناعة السينما المصرية
إذ أشار إلى أن سيناريو الفيلم، الذي يُعد باكورة أعماله السينمائية، قد مرّ على عدد كبير من المخرجين قبل أن يبدي المخرج علي عبد الخالق إعجابه الشديد به، ويقرر تحويله إلى فيلم سينمائي، لتبدأ بينهما رحلة فنية ممتعة
رفض ميرفت أمين
وقع اختيار الثنائي على النجم محمود ياسين لبطولة الفيلم، ثم توجها نحو الفنانة ميرفت أمين لعرض دور البطولة النسائية عليها، لكنها اعتذرت بسبب عدم وجود دور بطولة فردية لها في السيناريو، مما أدى إلى البحث عن بديلة مناسبة
بعد ذلك، استقر اختيار محرم وعبد الخالق على الفنانة الموهوبة حياة قنديل، التي توقع لها الجميع مستقبلاً باهرًا، يضاهي نجومية سعاد حسني، لكن القدر كان له رأي آخر
واقترح علي عبد الخالق أيضًا مشاركة نادية لطفي في أحد أدوار الفيلم، وعندما التقيا بها، أبدت إعجابها الشديد بما يقدمه مصطفى محرم من أعمال فنية، فأخبرها محرم بأنها رفضت سابقًا المشاركة في فيلم “ليل وقضبان” الذي كتبه، فردت بأن الدور الذي عُرض عليها آنذاك كان الأقل أهمية في الفيلم، ووصفت سميرة أحمد بـ “سميرة مصباح” بعد قبولها الدور، متهكمة بأنها لم تفعل شيئًا سوى الإمساك بالمصباح لمحمود ياسين
كما تم اختيار القديرة تحية كاريوكا لتجسيد دور الأم في الفيلم، وهو من الأدوار المحورية في القصة، مما أضاف قيمة فنية للعمل
اعتذار مفاجئ
مع اقتراب موعد التصوير، فاجأ محمود ياسين فريق العمل باعتذاره بسبب تضارب المواعيد، مما دفع المخرج علي عبد الخالق إلى الاستعانة بالفنان سمير صبري كبديل له، في خطوة غير متوقعة
وفي اليوم الأول من التصوير، فوجئت تحية كاريوكا بأنها ستؤدي دور الأم لسمير صبري بدلاً من محمود ياسين، فاعتذرت على الفور وانسحبت من الفيلم، مصرة على موقفها بسبب تشاؤمها من هذا التغيير، معتبرة إياه فألًا سيئًا
حاول صناع الفيلم تدارك الموقف وإنقاذ اليوم الأول من التصوير، فقاموا بالاتصال بالفنانة القديرة هدى سلطان، التي لبت النداء وحضرت على الفور، وقامت بتصوير المشهد بعد أن شرح لها المخرج فكرة الدور بشكل سريع، في موقف يعكس احترافيتها والتزامها
ضرب نادية لطفي
شارك في الفيلم أيضًا الفنان القدير جميل راتب، الذي كان قد عاد لتوه من فرنسا ولم يكن يتقن اللهجة المصرية العامية بشكل كامل، وكان معتادًا على الانفراد بنفسه قبل تصوير أي مشهد يشارك فيه، للتركيز والاستعداد
وفي أحد المشاهد، كان من المفترض أن يقوم جميل راتب بضرب نادية لطفي، فاعتزل كعادته، لكن نادية لطفي تجسست عليه لترى ما يفعله قبل تصوير هذا المشهد الصعب، بدافع الفضول والترقب
عادت نادية لطفي وهي ترتجف من الخوف، وأخبرت الجميع بأن جميل راتب كان يقوم بشحن نفسه وتعبئة طاقته من أجل ضربها بشكل حقيقي في المشهد، وقامت بسبه تعبيرًا عن خوفها وغضبها
وعلق مصطفى محرم مؤكدًا أن نادية لطفي تلقت “علقة ساخنة” بالفعل في ذلك المشهد من جميل راتب، مما يوضح مدى اندماج الفنان في الدور وتقمصه للشخصية