في أجواء مليئة بالروحانية، احتفلت الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، اليوم الخميس، بالذكرى الـ1700 لانعقاد مجمع نيقية، الذي يُعتبر واحدًا من أبرز المجامع المسكونية في تاريخ الكنيسة العالمية، حيث لعب دورًا كبيرًا في صياغة العقيدة المسيحية وتعزيز unity الإيمان بين الكنائس في القرن الرابع الميلادي، وقد حضر الاحتفال قداسة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، بالإضافة إلى أعضاء المجمع المقدس وعدد كبير من الأساقفة والكهنة.
خلال الاحتفالية، أكد البابا أن مجمع نيقية لم يكن مجرد حدث تاريخي، بل كان تجربة لاهوتية وروحية متكاملة، تجمع بين الحوار العميق والدفاع عن الإيمان، مشددًا على أن دروسه لا تزال تؤثر في حياة الكنيسة حتى اليوم، وأوضح أن المجمع يمثل نموذجًا يُحتذى به في سعي الكنيسة للبحث عن الحق الإيماني من خلال النقاش والمداولات المستنيرة.
رسائل روحية للبابا تواضروس من الماضي إلى الحاضر
ألقى البابا كلمة شاملة تناول فيها أهمية مجمع نيقية في ترسيخ الإيمان، مشيرًا إلى أن الكنيسة تتعلم من هذا الحدث كيفية المحافظة على الثبات في العقيدة مع الحفاظ على روح المحبة والتلمذة الروحية، وأضاف أن المداولات التي استمرت شهرًا كاملًا بين آباء المجمع كانت مثالًا للروح الحوارية البناءة التي تحتاجها الكنيسة في كل عصر لتفسير الكتاب المقدس ونقل التعليم الصحيح.
كما تحدث البابا عن زيارته الأخيرة لمحافظة أسيوط خلال الاحتفالات بمرور 13 عامًا على جلوسه على الكرسي المرقسي، مؤكدًا أنها كانت زيارة مميزة حافلة بالترحيب الشعبي والروحي، وعبّر عن سعادته بهذه المحطة التي وصفها بأنها “بركة خاصة” في مسيرته هذا العام.
وأثنى قداسة البابا على جهود فريق عمل فيلم “مجمع نيقية” الذي بدأ عرضه منذ أيام، مضيفًا أن الأعمال الفنية التي توثق التاريخ الكنسي تُساهم في تعزيز الوعي والحفاظ على هوية الكنيسة، كما شدد على أهمية تقديم التاريخ بصورة جاذبة للأجيال الجديدة، باعتباره جزءًا أصيلًا من مسؤولية الكنيسة في نقل الإيمان عبر الزمن.
مصر… قلب الله وروح الكنيسة
أكد البابا أن مصر تحتل مكانة روحية فريدة، إذ احتضنت الإيمان منذ القرون الأولى وحافظت عليه متينًا رغم التحديات، وقال: “كل بلاد العالم في يد الله، أما مصر فهي في قلبه”، مشيرًا إلى أن ما تشهده البلاد من إنجازات يعكس عناية الله بها وقدرتها المستمرة على تقديم الرموز والأبطال، كما شدد على أن نجاح الكنيسة واستمرار رسالتها لا يعتمد فقط على جهود البشر، بل هو عمل إلهي تقوده يد الله عبر العصور، تمامًا كما قاد الكنيسة في أيام مجمع نيقية.
طقوس احتفالية وتراث كنسي
شهدت الكاتدرائية خلال اليوم فعاليات متنوعة، شملت صلوات وطقوسًا كنسية وعروضًا تراثية قدمت لمحة عن التاريخ الإيماني للكنيسة القبطية، كما أقيمت ندوات توعوية للتأكيد على معاني مجمع نيقية ورسائله التي لا تزال تؤثر في مسيرة الكنيسة حتى اليوم، بهذه المناسبة، تجدد الكنيسة القبطية الأرثوذكسية تمسكها بإرثها الروحي العريق، مؤكدة استمرار رسالتها القائمة على الإيمان والمحبة ووحدة الكنيسة في مواجهة تحديات العصر.