«في ذكرى الزعماء».. 23 يوليو: ثورة مصرية أشعلت فتيل التحرر في العالم العربي

«في ذكرى الزعماء».. 23 يوليو: ثورة مصرية أشعلت فتيل التحرر في العالم العربي

في ليلة الثالث والعشرين من يوليو عام 1952، لم تعرف مصر النوم، بل كانت تتخلى عن صمتها وتستبدل جلدها بهدوء مهيب، لم تدرك جدران القصر أن خطوات خافتة في الظلام ستسطر نهاية حقبة، وأن النسائم الآتية من معسكرات الجيش لم تكن مجرد هواء، بل كانت عاصفة تحمل معها تصميمًا جديدًا للوطن، لم يكن أحد يعلم أن الفجر سيأتي بملامح مختلفة عما سبق، وأن الشمس التي ستنير النيل ستحمل اسمًا جديدًا لجمهورية ولدت من رحم الغضب، من صبر الفلاحين، ومن دموع الجنود، لم تكن تلك مجرد حركة انقلابية، بل لحظة لإعادة تعريف الذات، لحظة انتفض فيها التاريخ ذاته ليقول: حان الوقت لمصر أن تتحدث باسمها الحقيقي،

ثورة 23 يوليو.. حلم تجاوز حدود السياسة

أكد الكاتب الصحفي، معتز الشناوي، المتحدث الرسمي لحزب العدل، أن ثورة 23 يوليو لم تكن مجرد حدث سياسي غيّر شكل الحكم في مصر، بل كانت لحظة أمل للعديد من الشعوب التي كانت تحلم بالحرية والكرامة، إنها قصة ثورة ألهمت الأمم للتحرر من الاستعمار، حيث انطلقت من قلب شعب أرهقته الهزائم والاحتلال والفقر، لكنها جسدت حلم الإنسان البسيط في حياة كريمة، بمسكن يأويه، وأرض يزرعها، وكرامة لا تُهان،

وأشار «الشناوي» في تصريحاته لـ «الأسبوع» إلى شعار الاستقلال والعدالة الاجتماعية، موضحًا بذلك أن «الثورة لم تكن تخاطب المصريين وحدهم، بل كانت تقول لكل المستضعفين في العالم: إن الشعوب قادرة على كسر القيد»، ولهذا تحولت القاهرة إلى قبلة للمناضلين، وملاذًا لكل من يناضل من أجل قضية عادلة،

وأضاف «الشناوي»: «في كل زاوية في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، كان هناك من يرى في ثورة يوليو برهانًا على أن الحرية ليست حلمًا بعيد المنال، بل ممكنة متى ما اتحدت الإرادة»،

واختتم المتحدث الرسمي لحزب العدل، قائلًا: «بينما نحتفل بذكراها، لا نقتصر على الاحتفاء بالتاريخ فحسب، بل نستحضر المعنى العميق: أن الإنسان إذا تشبث بحقه، ورفض الظلم، وآمن بقيم العدل والحرية، فإن التغيير لا محالة سيتحقق، مهما استغرق من وقت»،

ثورة 23 يوليو 1952

تعتبر ثورة 23 يوليو 1952 علامة بارزة في تاريخ مصر الحديث، حيث شكلت تحولًا جذريًا في هيكل الدولة والمجتمع المصري، وأشعلت فتيل التغيير في المنطقة العربية بأكملها،

قاد الثورة البكباشي جمال عبد الناصر ورفاقه من تنظيم «الضباط الأحرار»، وجاءت الثورة استجابة لحالة الغضب الشعبي العارم من فساد النظام الملكي، وتدهور الأوضاع الاقتصادية، والتبعية للاستعمار البريطاني الذي هيمن على مصر لعقود طويلة،

التحرر من الاحتلال البريطاني

ألغت الثورة النظام الملكي وأرست دعائم النظام الجمهوري في مصر، مما شكل نقطة تحول سياسية وتاريخية مهدت الطريق للتحرر من الهيمنة البريطانية المباشرة وغير المباشرة، كما باشرت الثورة في تنفيذ سلسلة من الإصلاحات الجوهرية، من أبرزها:

  • قانون الإصلاح الزراعي،
  • وتأميم قناة السويس عام 1956،
  • وتوسيع نطاق التعليم،
  • وتحقيق قدر من العدالة الاجتماعية،

لم تكن ثورة يوليو حدثًا محليًا فحسب، بل ألهمت حركات التحرر في الوطن العربي وأفريقيا، ودعمت الشعوب المستعمرة في نضالها من أجل الاستقلال، الأمر الذي عزز مكانة مصر كقائدة لحركة عدم الانحياز والمشروع القومي العربي في الستينيات،