
ألمانيا: كشف النقاب عن نوع جديد من الزواحف البحرية الجوراسية من أحفورة منسية
دراسة حديثة نُشرت في مجلة “PeerJ” العلمية في 4 أغسطس 2025، تكشف عن نوع لم يسبق له مثيل من الزواحف البحرية التي تعود للعصر الجوراسي، وذلك بناءً على أحفورة تم العثور عليها في جنوب غربي ألمانيا منذ أكثر من أربعة عقود، هذه الدراسة تلقي الضوء على حقبة زمنية غنية بالتنوع البيولوجي
وقد أظهرت الدراسة، التي أشرف عليها باحثون من ألمانيا وبولندا، أن العينة تخص كائنًا بحريًا يتميز بعنق طويل، عاش قبل حوالي 183 مليون سنة، ويتم تصنيفه الآن كنوع وجنس جديدين ضمن فصيلة البليزيوصورات، تلك المخلوقات التي كانت تجوب محيطات الأرض في العصر الجوراسي، هذا الاكتشاف يفتح آفاقًا جديدة لفهم الحياة البحرية القديمة
كائن غامض في قلب متحف ألماني
على الرغم من أن الهيكل العظمي شبه الكامل اكتُشف في عام 1978 في محجر بوسيدونيا شيل ببلدة هولزمدن في ولاية بادن- فورتمبيرغ، إلا أن هذا الكائن ظل حبيسًا لأرشيف متحف شتوتغارت للتاريخ الطبيعي لعقود دون أن يتم التعرف عليه بشكل كامل، هذه القصة تبرز أهمية إعادة النظر في الاكتشافات القديمة بتقنيات حديثة
لكن بفضل التحليل الدقيق الذي أجراه الباحث سفين ساكس من متحف التاريخ الطبيعي في بيليفيلد، بالتعاون مع د، دانيال مادزيا من الأكاديمية البولندية للعلوم، اتضح أن الأحفورة لا تنتمي إلى أي نوع معروف سابقًا، وقد أطلق عليها العلماء اسم “Plesionectes longicollum”، وهو ما يعني “السباح القريب طويل العنق”، هذا الاسم يعكس الخصائص الفريدة لهذا الكائن
ووفقًا للباحثين، يحتفظ الهيكل العظمي بآثار نادرة من الأنسجة الرخوة، مما يجعل هذه العينة ذات قيمة علمية استثنائية، هذه الأنسجة الرخوة تقدم نظرة فريدة على التركيب البيولوجي للكائن
“وحش البحار”، اكتشاف حفرية لأحد أسلاف البرمائيات ذات الأقدام
لغز بيولوجي يكشف عن تنوع خفي
يشير الدكتور ساكس في تصريحاته إلى أن التحليل التشريحي كشف عن مجموعة من الصفات غير المألوفة التي لم يتم رصدها في أنواع أخرى من البليزيوصورات، هذه الخصائص تجعل هذا الاكتشاف مميزًا
ويضيف:”هذه العينة كانت مخبأة على مرأى من الجميع، ولكن لم يسبق لأحد أن فحصها بهذا العمق، لقد اكتشفنا تركيبًا فريدًا يبرر تصنيفها كنوع جديد تمامًا”، هذا التأكيد يوضح أهمية البحث العلمي المستمر والمتعمق
وعلى الرغم من أن العينة تعود لفرد لم يكن بالغًا تمامًا عند الوفاة، إلا أن التكوين التشريحي لم يتأثر بمرحلة النمو، مما يعزز من صحة تصنيفه كنوع مستقل، هذا الاكتشاف يؤكد أن حتى العينات غير الكاملة يمكن أن تقدم رؤى قيمة
من جهته، يؤكد د، مادزيا أن هذا الاكتشاف يقدم معلومات حيوية عن النظم البيئية البحرية في فترة التوراسي المبكر، وهي فترة شهدت تحولات مناخية كبرى، من بينها حدث نقص الأوكسجين في المحيطات، الذي أثر على التنوع البيولوجي البحري عالميًا، هذه المعلومات تساعدنا على فهم تأثير التغيرات المناخية على الحياة البحرية القديمة
التغير المناخي، أين يقف العالم الآن منه وما التحديات التي تواجه الكوكب؟
أحفورة تُعيد رسم ملامح الماضي
يُعتبر هذا النوع الجديد أقدم بليزيوصور يتم توثيقه في منطقة هولزمدن، المعروفة بأنها من بين أغنى المواقع عالميًا في اكتشاف حفريات العصر الجوراسي البحري، حيث كشفت طبقة بوسيدونيا عن خمسة أنواع أخرى من البليزيوصورات، هذا يؤكد أهمية المنطقة في الدراسات الجيولوجية
تُعرض الأحفورة الآن ضمن المجموعة الدائمة في متحف شتوتغارت للتاريخ الطبيعي تحت رقم العينة SMNS 51945، لتصبح مرجعًا علميًا جديدًا يُضاف إلى سجل ألمانيا الغني بالاكتشافات الجيولوجية الهامة، هذه الأحفورة ستكون متاحة للباحثين والجمهور على حد سواء، مما يعزز من المعرفة العلمية