
أثار قرار مصنع “أسمنت الوطنية” اليمني بالتوقف عن التعامل بالريال اليمني والتحول إلى الريال السعودي في معاملاته التجارية موجة من الاستياء في أوساط السوق المحلي، وذلك بالتزامن مع أزمة اقتصادية متفاقمة وفقدان الثقة بالعملة الوطنية، هذا التحول يعكس مدى هشاشة الوضع الاقتصادي في البلاد وتأثيره المباشر على القطاعات الحيوية.
أفادت مصادر مطلعة بأن المصنع قد بدأ بالفعل في تطبيق هذا القرار في عدد من منافذ البيع والتوزيع التابعة له، خاصة في المناطق التجارية الرئيسية، وأشارت إلى أن المقاولين والتجار الراغبين في شراء الإسمنت أصبحوا ملزمين بدفع المبالغ المستحقة نقداً بالريال السعودي أو عبر تحويلات مصرفية بالعملة الأجنبية.
يتزامن التحول إلى الريال السعودي مع انحدار كبير في قيمة الريال اليمني ونقص حاد في السيولة النقدية، مما دفع المصنع للبحث عن عملة أكثر استقراراً لضمان استمرارية عملياته التشغيلية، وتواجه الشركات في اليمن صعوبات جمة في استيراد المواد الخام الضرورية، مما يدفع الكثير منها نحو تبني العملات الأجنبية التي توفر هامشاً معقولاً من الاستقرار المالي.
تأثيرات القرار
من المتوقع أن يؤثر قرار مصنع الإسمنت سلباً على القطاعات التجارية المرتبطة بالبناء والتشييد، حيث أن اعتماد الريال السعودي سيرفع من تكلفة المواد، مما يفرض أعباء مالية إضافية على المشاريع الصغيرة والمستهلكين، ويرى خبراء الاقتصاد أن هذه الخطوة قد تشجع قطاعات أخرى مثل الكهرباء والوقود على اتخاذ نفس المسار، مما قد يؤدي إلى تهميش أوسع للعملة المحلية في المعاملات اليومية.
في المقابل، لم تصدر إدارة مصنع “أسمنت الوطنية” بياناً رسمياً يوضح أسباب هذا القرار، إلا أن مصادر داخلية عزت ذلك إلى الضغوط المالية الهائلة الناتجة عن تقلبات أسعار الصرف وارتفاع تكاليف التشغيل، مما أجبر المصنع على البحث عن بدائل مالية أكثر أماناً.
وضع الاقتصاد اليمني
يشهد الاقتصاد اليمني تدهوراً مستمراً وانقسامات مؤسسية، مما اضطر القطاعات الصناعية إلى اتخاذ قرارات جذرية للحفاظ على الاستقرار المالي، ويحذر الخبراء من أن مثل هذه الإجراءات قد تفاقم أزمة السيولة المحلية وتجعل الريال اليمني عملة غير مفضلة حتى داخل السوق المحلية.
دعوات لإيجاد حلول
تسلط هذه الأزمة الضوء على الحاجة الماسة لتدخل المجتمع الدولي لدعم الاقتصاد اليمني واستعادة الثقة في العملة الوطنية، ويتطلب التعامل مع تداعيات هذا القرار وضع استراتيجية شاملة لإصلاح السياسة النقدية ودعم الإنتاج المحلي بشكل فوري.
في ظل هذه التحديات، يبقى مستقبل العملة اليمنية على المحك، وتعتمد قدرة الاقتصاد اليمني على التعافي على تعزيز السياسات المالية والاستثمارات طويلة الأجل، ويقع على عاتق المجتمع الدولي اليوم اتخاذ خطوات فعالة لدعم الاقتصاد اليمني في هذا المنعطف الحرج.