هل يستطيع العلماء منع ثوران البراكين قبل وقوعه

هل يستطيع العلماء منع ثوران البراكين قبل وقوعه

شهدت الأراضي المحيطة ببركان كامبي فليغري الإيطالي تقلبات مستمرة على مر العصور، إلا أنه في بداية ثمانينيات القرن الماضي، ارتفعت الأرض فجأة بما يزيد عن ستة أقدام، هذا الارتفاع المفاجئ أجبر السفن على مغادرة  ميناء بوتسولي، وتسبب في إجلاء ما يقارب 40 ألف شخص من منازلهم

في محاولة لفهم أسباب هذه الظاهرة وتقليل مخاطر الثوران المحتمل، يقترح العلماء حلولًا مثل ضخ المياه إلى أعماق الأرض أو منع تسرب مياه الأمطار، وذلك بهدف تقليل فرص الثوران أو على الأقل توفير إنذار مبكر للسكان، قادت تيزيانا فانوريو من كلية ستانفورد للاستدامة هذا البحث، وذلك بالتعاون مع مجموعة من العلماء من إيطاليا والولايات المتحدة، وفقًا لما ذكره موقع Earth.com

بركان كامبي فليغري، الذي يقع غرب نابولي، يُبقي القرى والبلدات المجاورة في حالة تأهب مستمر، تغطي كالديراه (الحفرة البركانية) مساحة واسعة تبلغ حوالي ثمانية أميال، وهي موطن لحوالي 350 ألف شخص، مما يجعلها المنطقة البركانية الأكثر اكتظاظًا بالسكان في قارة أوروبا

دورة زلزالية تتحكم فيها المياه والغطاء الصخري

يُعرف النمط المتكرر لارتفاع وانخفاض الأرض المحيطة بالبركان باسم "الاهتزاز البطيء" (bradyseism)، وهو مصطلح يعود إلى القرن التاسع عشر، خلال هذه الظاهرة، تتسبب  الزلازل الصغيرة المتكررة في اهتزاز الجدران وتصدع الطرق، مما يذكرنا بثوران مونتي نوفو في عام 1538، الذي أدى إلى ظهور تل جديد خلال ثمانية أيام فقط نتيجة لانفجار بخاري

اعتمد فريق فانوريو في دراستهم على بيانات جمعت على مدار أربعين عامًا، شملت صورًا للأقمار الصناعية، وسجلات للزلازل، ومستويات هطول الأمطار، توصلوا إلى أن الزلازل تبدأ على عمق ميل تقريبًا داخل  خزان حراري مائي مغلق، ومغطى بطبقة صلبة من الرماد البركاني تُعرف باسم "الغطاء الصخري"

أقرأ كمان:  «وداعًا للبيرة فقط» وفاة رجل تايلاندي بعد شهر من الاعتماد الحصري على المشروب الكحولي

مع تسرب مياه الأمطار والجريان السطحي، يمتلئ هذا الخزان تدريجيًا، مما يؤدي إلى زيادة الضغط الداخلي حتى تتشكل شقوق في الغطاء الصخري، و يتسرب منها البخار وتبدأ الزلازل بالحدوث, و لإيجاد حل لهذه المشكلة

من اللافت للنظر أن الغطاء الصخري لا يتضرر بشكل دائم، بل يتعافى بمرور الوقت، مما يسمح للنظام باستعادة توازنه وبدء دورة ضغط جديدة، هذا يفسر سبب تكرار هذه الاضطرابات بشكل دوري كل بضعة عقود

سعيًا لتحقيق فهم أعمق، أجرى الباحثون تجارب معملية تحاكي ظروف  الغطاء الصخري، قاموا بوضع الرماد البركاني والصخور المكسرة في وعاء فولاذي، وغمروا الخليط في محلول ملحي غني بالكالسيوم، ثم قاموا بتسخينه إلى درجة حرارة 390 فهرنهايت، و خلال يوم واحد فقط، تشكلت ألياف معدنية داخل الشقوق، لتكوين طبقة محكمة تشبه الغطاء الطبيعي

مفاتيح ثوران كامبي فليغري

أظهرت التجارب أن هذا الغطاء الاصطناعي قادر على تحمل ضغط كبير يصل إلى 6500 رطل لكل بوصة مربعة قبل أن ينكسر، وعندما ينكسر الغطاء ثم يعاد ترميمه بشكل طبيعي، يصبح أقوى، مما يعزز قدرته على احتجاز كميات جديدة من الماء

وقد دعمت الصور الزلزالية هذا النموذج، حيث أظهرت وجود شريط ضيق منخفض النفاذية فوق الخزان المضغوط

يُعد اكتشاف الأنماط المتكررة للشذوذ في بنية كامبي فليجري، بالإضافة إلى اقتراح آلية تجمع بين ملاحظات من مختلف التخصصات العلمية، إنجازًا كبيرًا في فهم هذا النظام  البركاني الحراري المعقد، الذي يجمع بين النشاط البركاني والحراري المائي، و لهذا الاكتشاف تأثير مباشر على تحسين تقييم المخاطر البركانية وإدارتها

على الرغم من أن الانفجارات الفريتية غالبًا ما تكون قصيرة الأمد، إلا أنها تعتبر من بين أخطر أنواع الثورات البركانية بسبب طبيعتها المفاجئة، فهي تحدث دون سابق إنذار، عندما يتحول الماء فجأة إلى بخار عند ملامسته للصهارة الساخنة، مما يؤدي إلى  تمدد عنيف للبخار يتسبب في موجات صدمية قوية، و مقذوفات صخرية، وتساقط للرماد, وقد ينتج عنها أيضًا انهيارات أرضية أو تشكل فوهات جديدة، خاصة في المناطق التي تعاني من اضطرابات مائية-حرارية

أقرأ كمان:  تدخل فرنسا العسكري يمنح بلجيكا استقلالها عن هولندا