Published On 28/10/2025
|
آخر تحديث: 11:25 (توقيت مكة)
انقر هنا للمشاركة على وسائل التواصل الاجتماعي
share2
كابل – بعد سنوات من العزلة الاقتصادية والتحديات اللوجستية التي أعاقت حركة التجارة والنمو، بدأت أفغانستان خطوات إستراتيجية لتعزيز موقعها الاقتصادي كحلقة وصل بين آسيا وأوروبا، إذ تقع في قلب آسيا الوسطى، وبين دول حيوية مثل إيران وتركمانستان وأوزبكستان، مما يجعلها بوابة طبيعية للممرات التجارية الإقليمية والدولية.
في هذا السياق، أطلقت أفغانستان مشروع السكك الحديدية بالتعاون مع تركيا وإيران وتركمانستان، بهدف إنشاء شبكة نقل متكاملة تربط المدن الأفغانية بالموانئ الإقليمية، وتفتح آفاقاً جديدة للصادرات والواردات، وتسهم في جذب الاستثمارات الأجنبية وتعزيز التنمية الاقتصادية المحلية.
يشمل المشروع نقل البضائع وتعزيز التكامل الإقليمي بين الدول المشاركة، وتسهيل حركة المنتجات بين آسيا الوسطى وأوروبا والشرق الأوسط، مما يجعل أفغانستان مركزاً لوجستياً محورياً في قلب القارة.
تشير المؤشرات الرسمية إلى أن المشروع تجاوز مرحلة التخطيط، حيث تم توقيع مذكرة تفاهم رسمية في إسطنبول، وعقدت عدة اجتماعات ثلاثية لتحديد مسار السكك الحديدية، والموانئ المرتبطة، وآليات التنفيذ.
شارك مولوي محمد إسحاق صاحب زاده، نائب وزير الأشغال العامة لشؤون السكك الحديدية، في الدورة الـ36 للهيئة الدولية للسكك الحديدية في تركيا، بالإضافة إلى اجتماعات ثلاثية مع إيران وتركيا لتنسيق المشروع وتحديد أفضل السبل لتوسيع خطوط السكك الحديدية، بما في ذلك هرات/مزارشريف وخط خواف/هرات، والاستفادة من الموارد المالية والتقنية والبشرية للدول الثلاث.
أهمية مشروع سكة الحديد
قال المتحدث باسم وزارة الأشغال العامة، محمد أشرف حق شناس، في حديث للجزيرة نت، إن “مشروع السكك الحديدية الثلاثي خطوة إستراتيجية لتعزيز التعاون الإقليمي وتطوير البنية التحتية للنقل”، وأضاف: سيمكن المشروع من تحسين حركة التجارة بين الدول الأربع، وتسهيل وصول المنتجات الأفغانية إلى الأسواق العالمية عبر الموانئ التركية، وأشار حق شناس إلى أن المشروع سيعزز قدرة أفغانستان على أن تكون مركزاً لوجستياً مهماً في قلب آسيا، ما يسهم في جذب الاستثمارات وتحفيز النمو الاقتصادي، موضحاً أن الحكومة تعمل على تسهيل الإجراءات اللازمة لتنفيذ المشروع، بما في ذلك الدعم الفني والمالي، والتنسيق المستمر بين الجهات المعنية في الدول المشاركة.
مسار السكك الحديدية
وحسب المشروع، ستتصل أفغانستان بالشبكات الإقليمية عبر 3 محاور رئيسية:
- خط خواف/هرات (إيران/أفغانستان): يربط مدينة خواف الإيرانية بمدينة هرات الأفغانية، بطول إجمالي 130 كيلومتراً، منها 60 كيلومتراً داخل أفغانستان، ويعتبر جزءاً من شبكة السكك الحديدية الإيرانية الممتدة إلى تركيا وأوروبا عبر الموانئ الإيرانية.
- خطوط أفغانستان/تركمانستان: الربط يتم عبر معبر تورغوندي وأقينه لتسهيل حركة النقل والبضائع بين البلدين.
- خطوط أفغانستان/أوزبكستان: الربط عبر ميناء حيرتان، ما يتيح تبادل البضائع بين البلدين وتسهيل النقل الإقليمي.
تجعل هذه الشبكة أفغانستان مركزاً محورياً للعبور التجاري بين آسيا الوسطى وأوروبا والشرق الأوسط، مع تسهيل حركة البضائع وتقليل الاعتماد على الطرق التقليدية.
الفوائد الاقتصادية المتوقعة
المشروع سيؤدي إلى:
- زيادة حركة التجارة والصادرات والواردات عبر ممرات آمنة وسريعة.
- جذب الاستثمارات في البنية التحتية والخدمات اللوجستية.
- خلق فرص عمل في البناء والنقل والخدمات اللوجستية.
- تعزيز موقع أفغانستان الإقليمي كحلقة وصل إستراتيجية.
يقول أستاذ كلية الاقتصاد بجامعة كاردان، مير شكيب مير، في حديث للجزيرة نت: “تطوير السكك الحديدية ليس مجرد مشروع بنية تحتية، بل فرصة لتعزيز التكامل الاقتصادي مع دول الجوار، وربط الأسواق بالشرق الأوسط وأوروبا، سيمكن البلاد من تصدير منتجاتها الزراعية والصناعية بسرعة وأمان، ويقلل الاعتماد على الطرق التقليدية التي غالباً ما تواجه عراقيل لوجستية وأمنية”، وأضاف شكيب: “المشروع سيسهم في زيادة حجم التجارة، وجذب الاستثمارات الأجنبية، وخلق فرص عمل مباشرة في قطاعات البناء والنقل والخدمات اللوجستية، إلى جانب الوظائف غير المباشرة في الأسواق والموانئ والمناطق الصناعية المتصلة بالشبكة الجديدة”.
من جهته، يقول المحلل الاقتصادي عبد الظهور مدبر للجزيرة نت: “أفغانستان يمكن أن تتحول إلى مركز عبور تجاري إقليمي يربط آسيا الوسطى وأوروبا والشرق الأوسط، فشبكة سكك حديدية متطورة ستشجع المستثمرين المحليين والدوليين على المشاركة في مشاريع البنية التحتية والخدمات اللوجستية، وستعزز قدرة الشركات الصغيرة والمتوسطة على تصدير منتجاتها بشكل أسرع وأقل كلفة”، وأشار إلى أن المشروع سيحفز القطاعات المصاحبة مثل التخزين، والتأمين، والخدمات المالية والجمركية، ما يعزز الاقتصاد الوطني بشكل مستدام، مع التأكيد على أهمية التنسيق المستمر بين الدول الثلاث لضمان نجاح المشروع.
السياق الإقليمي والدولي
حسب مراقبين:
- يعكس هذا المشروع رغبة دول الجوار في تعزيز الربط الاقتصادي، وتسهيل حركة البضائع عبر ممرات آمنة.
- يمثل فرصة لإيران وتركيا وتركمانستان لتوسيع النفوذ التجاري والاقتصادي في أفغانستان.
- يقلل الاعتماد على الممرات التقليدية عبر باكستان.
الأبعاد الدولية
هذا المشروع:
- يظل مدعوماً من الاتحاد الدولي للسكك الحديدية، ما يضفي بعداً قانونياً وتقنياً عالمياً.
- يمثل فرصة للدول المانحة، والمستثمرين لدعم البنية التحتية، وتحقيق استقرار اقتصادي مستدام.
- يُتوقع أن يُسهم في تحويل أفغانستان إلى مركز عبور تجاري إقليمي، وتسهيل حركة البضائع، وجذب الاستثمارات المحلية والدولية.
- يعتبر حلقة وصل بين آسيا الوسطى وأوروبا والشرق الأوسط.
التحديات والفرص
بينما يواجه هذا المشروع، حسب محللين أفغان، عدد من التحديات، مثل:
- إيجاد تمويل كامل له.
- تطوير البنية التحتية في المناطق الجبلية الوعرة.
- استمرار التنسيق بين الدول الثلاث.
أما الفرص فتشمل:
- تحويل أفغانستان إلى مركز عبور وتجاري إقليمي.
- تسهيل حركة البضائع.
- جذب الاستثمارات المحلية والدولية.
- تنمية الصناعات المصاحبة للبنية التحتية.
آفاق مستقبلية
يتوقع مراقبون أفغان أن يسهم نجاح المشروع في إدماج أفغانستان في شبكات النقل الإقليمية والدولية، ويضعها على طريق التحول إلى ممر بري إستراتيجي يربط آسيا بأوروبا، ويأمل الخبراء أن يفتح المشروع فصلاً جديداً من التنمية الاقتصادية، ويعزز اندماج أفغانستان الإقليمي بعد سنوات طويلة من العزلة.
