
فاجأت أرامكو السعودية أسواق المال والمستثمرين بإعلان توزيعات أرباح تجاوزت 80 مليار ريال، وذلك على الرغم من انخفاض أرباحها الصافية بنسبة 22% خلال الربع الثاني من عام 2025، هذه الخطوة الجريئة تأتي في خضم تحديات متزايدة تشهدها أسواق النفط العالمية، وهبوط أسعار الخام إلى مستويات تعتبر منخفضة نسبياً، توزيعات الأرباح هذه تثير تساؤلات حول استراتيجية الشركة في مواجهة تقلبات السوق، وقدرتها على تحقيق توازن بين إرضاء المساهمين والحفاظ على استقرارها المالي على المدى الطويل، و يعكس هذا القرار الجرأة في اتخاذ القرارات المالية في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة.
أعلنت عملاقة النفط السعودية عن توزيع أرباح نقدية إجمالية للربع الثاني بقيمة 80,11 مليار ريال (ما يعادل 21,36 مليار دولار)، وتشمل هذه التوزيعات توزيعات أساسية بقيمة 79,29 مليار ريال، بالإضافة إلى توزيعات مرتبطة بالأداء تبلغ 822 مليون ريال، ويعكس هذا القرار ثقة إدارة الشركة في قدرتها على الحفاظ على سياسة توزيع أرباح مستدامة، حتى في ظل الظروف الصعبة التي تواجهها أسواق الطاقة.
### تراجع الأرباح وتحليل الأسباب
لم يكن تراجع الأرباح مفاجئاً للمحللين، حيث انخفض صافي الربح إلى 85,02 مليار ريال، مقارنة بـ 109,01 مليار ريال في الفترة نفسها من العام الماضي، ويعزى هذا التراجع بشكل أساسي إلى انخفاض متوسط سعر النفط الخام الذي حققته الشركة إلى 66,7 دولار للبرميل، مقارنة بـ 85,7 دولار في الربع الثاني من عام 2024، مما يوضح مدى تأثير تقلبات أسعار النفط على أداء الشركة المالي.
### انخفاض الإيرادات وتأثيره على الأداء المالي
شهدت الإيرادات أيضاً انخفاضاً ملحوظاً بنسبة 11%، لتصل إلى 378,83 مليار ريال، مقابل 425,71 مليار ريال في الفترة المماثلة من العام السابق، وقد أثر هذا الانخفاض بشكل مباشر على الأداء المالي للشركة، إلا أنه لم يمنعها من الالتزام بسياستها في توزيع الأرباح على المساهمين، مما يعكس التزام الشركة تجاه مساهميها حتى في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة.
تعكس نتائج الربع الثاني والنصف الأول لعام 2025م مكانتنا الريادية في قطاع الطاقة عالميًا، وذلك من خلال توفير طاقة موثوقة تُسهم في تعزيز الاقتصاد والصناعة والمجتمعات
لمعرفة المزيدhttps://t.co/VkgmlvvJoCpic.twitter.com/N1AHEkGVL8
— أرامكو (@saudi_aramco) August 5, 2025
### توقعات النمو واستمرار سياسة توزيع الأرباح
على الرغم من التحديات، أكد المهندس أمين بن حسن الناصر، الرئيس التنفيذي للشركة، أن أساسيات السوق لا تزال قوية، وتوقع ارتفاع الطلب على النفط في النصف الثاني من 2025 بأكثر من مليوني برميل يومياً مقارنة بالنصف الأول، وتبرر هذه التوقعات الإيجابية جزئياً الثقة في استمرارية سياسة توزيع الأرباح السخية التي تتبعها الشركة.
### آلية توزيع الأرباح المرتبطة بالأداء
تظهر التوزيعات المعلن عنها نموذجاً متطوراً في إدارة الأرباح، حيث تضمنت آلية توزيعات مرتبطة بالأداء تعتمد على 70% من التدفقات النقدية الحرة للشركة لعام 2024، ويعكس هذا النهج مرونة في التعامل مع تقلبات السوق، وضمان عدالة التوزيع بناءً على الأداء الفعلي للشركة.
### ضغوط السوق وقدرة أرامكو على التكيف
واجهت الشركة ضغوطاً متعددة خلال الربع الثاني، بما في ذلك التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط والتباطؤ النسبي في الطلب على النفط من بعض الأسواق الرئيسية، ومع ذلك، تمكنت من الحفاظ على موثوقيتها في تقديم الطاقة لعملائها محلياً وعالمياً، مما عزز مكانتها كشريك استراتيجي موثوق، وهذا يبرز قدرة الشركة على التكيف مع الظروف الصعبة.
### تفاصيل توزيعات الأرباح للمساهمين
وفقاً لبيانات الشركة، يبلغ عدد الأسهم المستحقة للتوزيعات 241 مليار و889 مليون و582 ألف و221 سهماً، بحصة للسهم الواحد تصل إلى 0,3312 ريال سعودي، ويشمل هذا التوزيع الأرباح الأساسية بحصة 0,3278 ريال، والأرباح المرتبطة بالأداء بحصة 0,0034 ريال للسهم الواحد، مما يوفر تفصيلاً دقيقاً لعوائد المساهمين.
### الأداء الربع سنوي والتحديات العالمية
أظهر أداء الشركة على أساس ربعي تراجعاً بنسبة 12,8% مقارنة بالربع الأول من العام الجاري، والذي حققت فيه أرباحاً بلغت 97,54 مليار ريال، ويعكس هذا التراجع المتسارع حجم التحديات التي تواجهها الصناعة النفطية عالمياً، إلا أن قدرة أرامكو على الحفاظ على ربحيتها تبقى مؤشراً إيجابياً لقوتها ومرونتها في مواجهة الصعاب.
### استراتيجية أرامكو للمستقبل
تركز الاستراتيجية طويلة المدى للشركة على الاستثمار في التقنيات الجديدة والذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى تنويع مصادر الطاقة، ويهدف هذا التوجه إلى الاستفادة من تعدد نطاقات أعمال الشركة وتكلفتها المنخفضة، مما يضمن نجاحها على المدى الطويل على الرغم من تقلبات السوق الحالية، وهذا يعكس رؤية الشركة للمستقبل واستعدادها للتكيف مع التغيرات العالمية.
### دور أرامكو في تحقيق رؤية 2030
تأتي النتائج المالية لأرامكو في وقت تسعى فيه السعودية لتنويع اقتصادها من خلال رؤية 2030، والتي تهدف إلى تقليل الاعتماد على عائدات النفط، ومع ذلك، تظل أرامكو المصدر الرئيسي لتمويل هذه المشاريع الطموحة، مما يجعل أداءها المالي أمراً بالغ الأهمية لتحقيق أهداف التنويع الاقتصادي في المملكة، وهذا يؤكد على الدور الحيوي الذي تلعبه الشركة في دعم التنمية الاقتصادية في المملكة العربية السعودية.