
تشهد ساحة التكنولوجيا الصينية حراكًا ملحوظًا في قطاع الذكاء الاصطناعي، حيث يتنقل كبار الباحثين بين الشركات الكبرى، ويبرز مختبر تونغي التابع لشركة علي بابا، مطور نماذج Qwen مفتوحة المصدر، كنقطة جذب للمواهب التي تسعى إلى آفاق جديدة لدى المنافسين في السوق الصينية
فقد يان تشيجي، أحد الركائز الأساسية في أكاديمية دامو التابعة لشركة علي بابا، منصبه في فبراير الماضي لينضم إلى أكاديمية إكسبلور التابعة لشركة JD
وبعد فترة وجيزة قضاها في “تينسنت” تبعتها إعادة هيكلة داخلية، استلم لي شيانغانغ من شركة 01.AI زمام الأمور في مختبر تونغي في يونيو، وذلك وفقًا لتقرير نشره موقع “techinasia” واطلعت عليه “العربية Business”
كما انضم بو ليفينغ، الرئيس السابق لقسم الرؤية التطبيقية في تونغي، إلى فريق هونيوان للذكاء الاصطناعي التابع لشركة تينسنت
المنافسة الشرسة على المواهب
تُسلط هذه التحركات الضوء على التنافس المحتدم بين عمالقة التكنولوجيا الصينيين في سعيهم الحثيث لضم أفضل خبراء الذكاء الاصطناعي إلى صفوفهم
وفي هذا السياق، أطلقت شركات مثل “بايت دانس” و”علي بابا” و”تينسنت” مؤخرًا حملات توظيف مكثفة تستهدف الخريجين الجدد، مع التركيز بشكل خاص على مجالات الذكاء الاصطناعي
أنماط منهجية في استقطاب المواهب
تعكس خسائر “علي بابا” من الكفاءات نمطًا أوسع نطاقًا في هذا المجال، حيث أصبحت الشركات التكنولوجية الرائدة محط أنظار المنافسين الراغبين في اقتناص أفضل العقول
وقد تجسد هذا النهج بوضوح في الفترة بين عامي 2015 و2017، عندما نجحت “أمازون” في استقطاب ما لا يقل عن 30 مديرًا تنفيذيًا أو أعلى، تحديدًا من “مايكروسوفت”، مما يدل على أن الشركات تستهدف منافسين محددين بشكل استراتيجي بدلًا من اتباع أسلوب التوظيف العشوائي
كما أن للتركيز الجغرافي دورًا في تعزيز هذا الاتجاه، فقرب “أمازون” و”مايكروسوفت” في سياتل سهل انتقال المواهب بينهما، وهو ما يشبه إلى حد كبير تمركز شركات التكنولوجيا الصينية العملاقة في مناطق متقاربة
ويعكس هذا التوجه تفكيرًا استراتيجيًا، حيث تحدد الشركات المهارات والخبرات التي تحتاج إليها وتستهدف المؤسسات المعروفة بتطوير هذه الكفاءات، بدلًا من الاكتفاء بحملات توظيف واسعة النطاق دون تركيز
ازدهار سوق الذكاء الاصطناعي وتأثيره على التوظيف
تعكس حرب المواهب في مجال الذكاء الاصطناعي في الصين النمو الهائل الذي يشهده هذا السوق، مما يؤدي إلى زيادة كبيرة في كثافة التوظيف
ويعتبر التوظيف المكثف من قبل “JD” و”تينسنت” جزءًا من الطفرة الأوسع في سوق مواهب الذكاء الاصطناعي في الصين، الذي قُدرت قيمته بنحو 50,55 مليون دولار في عام 2023، ومن المتوقع أن يصل إلى 121 مليون دولار بحلول عام 2035
ويتزامن هذا المعدل السنوي للنمو، البالغ 7,6%، مع إطلاق شركات التكنولوجيا الصينية الكبرى لحملات توظيف واسعة النطاق، حيث تخطط “بايدو” وحدها لتوظيف 21,000 متدرب على مدار ثلاث سنوات، مع التركيز على وظائف الذكاء الاصطناعي
وتعكس هذه الكثافة التوجه الاستراتيجي للصين، حيث تستفيد أكثر من 50% من الشركات من تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحسين العمليات، مما يخلق منافسة حادة على العدد المحدود من الباحثين والمهندسين ذوي الخبرة في هذا المجال
وتقوم شركات مثل “تينسنت” بإعادة هيكلة أقسام بأكملها، كما فعلت مع مختبر الذكاء الاصطناعي الخاص بها في أبريل الماضي، بهدف التنافس بشكل أكثر فعالية على استقطاب أفضل المواهب في مجال نماذج اللغات الكبيرة وتطوير الذكاء الاصطناعي المتعدد الوسائط