
شهدت أسعار الذهب العالمية قفزة ملحوظة في الفترة الأخيرة، وذلك في أعقاب قرار الولايات المتحدة بفرض رسوم جمركية بنسبة 39% على واردات سبائك الذهب، مما أدى إلى تحولات جذرية في سوق الذهب على الصعيد الدولي وانعكاسات واضحة على السوق المصرية، ما يستدعي تحليلًا معمقًا لتلك التطورات وتأثيراتها المحتملة،
تأثير الرسوم الجمركية الأمريكية على أسعار الذهب العالمية
في خطوة مفاجئة، قامت هيئة الجمارك وحماية الحدود الأمريكية بفرض رسوم جمركية جديدة على واردات سبائك الذهب القادمة من سويسرا، بتاريخ 31 يوليو، وسويسرا تعتبر مركزًا رئيسيًا لتكرير وتصدير الذهب عالميًا، هذا القرار أحدث تغييرًا كبيرًا في ديناميكيات سوق الذهب العالمي، إذ ارتفعت عقود الذهب الآجلة في بورصة نيويورك إلى مستويات غير مسبوقة، مع توسع الفارق بين الأسعار الفورية والعقود الآجلة ليصل إلى أكثر من 100 دولار للأونصة، وهو تباين غير مألوف حتى في أوقات الأزمات، وقد بلغت أسعار الذهب ذروتها عند 3409 دولارات للأونصة، قبل أن تستقر عند 3397 دولارًا في نهاية الأسبوع، محققة بذلك مكاسب أسبوعية بنسبة 1%، على الرغم من عدم استقرار الأسعار فوق مستوى 3400 دولار عند الإغلاق، مما يعكس بعض التردد بين المستثمرين،
تأتي هذه الإجراءات الأمريكية ضمن نطاق أوسع يشمل فرض رسوم على الواردات الهندية بنسبة تصل إلى 50%، بالإضافة إلى التهديد بفرض رسوم تصل إلى 100% على واردات أشباه الموصلات، وذلك على خلفية استمرار الهند في شراء النفط الروسي، مما أدى إلى زيادة التقلبات في الأسواق العالمية وتعزيز جاذبية الذهب كملاذ آمن،
انعكاسات القرار الأمريكي على الصاغة المصرية والسوق المحلي
في أعقاب هذه التطورات، قام البيت الأبيض بتعليق العمل بالرسوم مؤقتًا لإعادة النظر في البنود المستثناة، مما ساهم في تهدئة الأسواق إلى حد ما، إلا أن حالة القلق لا تزال قائمة بين المستثمرين في انتظار الإعلان الرسمي الذي سيحدد مصير هذه الرسوم، وفي المقابل، أعرب رئيس الجمعية السويسرية للمعادن الثمينة، كريستوف وايلد، عن بالغ قلقه بشأن الآثار المحتملة للرسوم على حركة الذهب بين سويسرا والولايات المتحدة، معتبرًا أن هذا القرار سيؤثر سلبًا على سلاسل الإمداد والتجارة، خاصةً مع استهداف السبائك التي كانت معفاة سابقًا،
أما على الصعيد المحلي، فقد أكد خبراء الذهب أن أي تطبيق نهائي للرسوم الأمريكية سينعكس بشكل مباشر على الأسعار في السوق المصرية، حيث ترتبط أسعار الذهب في مصر ارتباطًا وثيقًا بالسعر العالمي للأونصة، بالإضافة إلى سعر صرف الجنيه المصري مقابل الدولار، ومستويات العرض والطلب، وعلى الرغم من الاستقرار النسبي الذي شهده السوق مؤخرًا، إلا أن أي تحرك طفيف في سعر الدولار قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار الذهب محليًا،
استعدادات الصاغة المصرية لمواجهة تداعيات القرار
أكد رئيس شعبة الذهب، نادي نجيب، أن السوق المحلية تترقب عن كثب القرار النهائي بشأن الرسوم الأمريكية، مع توقعات بارتفاع الأسعار في حال تم تفعيلها رسميًا، خاصةً وأن القرار صدر قبيل العطلة الأسبوعية لبورصات الذهب العالمية، مما يجعل الأيام القادمة حاسمة في تحديد اتجاه الأسعار داخل مصر، ومع ذلك، يظل الاستقرار النسبي قائمًا بفضل تراجع سعر الدولار وضعف القوة الشرائية خلال موسم الصيف، حيث تتوجه نفقات الأسر نحو المصايف والمدارس،
من جهة أخرى، أشار حسام العجمي، خبير أسعار وتقارير الذهب في شركة “جولد بيليون”، إلى التأثير الفوري للقرار على عقود الذهب الآجلة، مما أدى إلى حالة من التأهب في السوق، في انتظار البيان الختامي الذي سيحدد ما إذا كانت الرسوم ستستمر أو سيتم تعديلها،
- القرار الأمريكي تسبب في تقلبات حادة في أسعار الذهب العالمية،
- التراجع المؤقت عن الرسوم ساهم في تخفيف بعض الضغوط على السوق،
- الأسعار المحلية تتأثر بعوامل عالمية ومحلية مثل سعر الأونصة والدولار،
- الصاغة يراقبون بقلق تحركات الأسعار مع اقتراب إعلان القرار النهائي،
- تراجع القدرة الشرائية للمستهلكين يؤدي إلى استقرار نسبي في الطلب المحلي،
من الجدير بالذكر أن استمرار هذه الإجراءات الأمريكية على واردات الذهب سيمثل تحديًا إضافيًا للقطاع، مما يستدعي التفكير في حلول محلية لتعزيز القدرة على مواجهة تقلبات الأسواق، في ظل اعتماد السوق المصرية بشكل كبير على الأسعار العالمية وتأثرها بالسياسات الخارجية، ويبقى المستقبل مفتوحًا أمام تطورات قد تعيد تشكيل أسواق الذهب عالميًا، مع ترقب حذر من جانب الصاغة والمستثمرين على حد سواء،