يشير سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة OpenAI، إلى أن مصطلح الذكاء الاصطناعي العام (AGI) يفقد قيمته تدريجيًا، وذلك بسبب التطورات المتسارعة التي تجعل تعريفه أمرًا صعبًا، فالوتيرة المتلاحقة للتحديثات في هذا المجال تتجاوز التعريفات التقليدية.
مصطلح “AGI” يلمح إلى نوع من الذكاء الاصطناعي القادر على محاكاة القدرات الذهنية للإنسان في أداء المهام المختلفة، هذا ما أكده تقرير نشرته شبكة “CNBC” واطلعت عليه “العربية Business”، هذا المفهوم ظل محور اهتمام الباحثين والمطورين لسنوات طويلة.
على مدى سنوات، انخرطت OpenAI في جهود مكثفة للبحث والتطوير في مجال الذكاء الاصطناعي العام، مع التركيز على ضمان سلامة البشرية في ظل هذا التطور المتسارع.
وردًا على سؤال حول ما إذا كان نموذج GPT-5 الأخير يقربنا من تحقيق الذكاء الاصطناعي العام، علّق ألتمان بأنه يرى أن هذا المصطلح لم يعد مفيدًا بالقدر الكافي، وأن قيمته بدأت تتلاشى مع مرور الوقت.
وكان هذا الرائد في مجال الذكاء الاصطناعي قد أشار في تصريحات سابقة إلى إمكانية تطوير الذكاء الاصطناعي العام في “مستقبل قريب نسبيًا”، مما يعكس تفاؤله بمستقبل هذا المجال الواعد.
وأوضح ألتمان أن التحدي الأساسي يكمن في تعدد التعريفات المتداولة لمفهوم الذكاء الاصطناعي العام، حيث يتبنى كل فرد وشركة تفسيرًا مختلفًا لهذا المصطلح.
وأشار ألتمان إلى أن أحد هذه التعريفات يصف الذكاء الاصطناعي بأنه القادر على إنجاز “قدر كبير من العمل في العالم”، إلا أنه اعترف بأن هذا التعريف يواجه صعوبات جمة بسبب التغير المستمر في طبيعة العمل نفسه.
وأضاف ألتمان: “أعتقد أن الخلاصة هي أن الأمر لا يهم حقًا، وأن هذا النمو المستمر في قدرات النماذج هو ما سنعتمد عليه في المزيد والمزيد من الأمور”، مما يؤكد على أهمية التركيز على التطور المستمر للقدرات بدلًا من الجدال حول التعريفات.
ولا يقتصر التشكيك في جدوى مصطلح “الذكاء الاصطناعي العام” على ألتمان وحده، بل يشاركه فيه العديد من الخبراء والمختصين في هذا المجال.
صعوبة في التعريف
يرى نيك باتينس، نائب الرئيس ورئيس قسم الذكاء الاصطناعي في مجموعة فيوتشروم، أن الذكاء الاصطناعي العام، على الرغم من كونه “مصدر إلهام رائع”، إلا أنه يفتقر إلى الفائدة العملية كمصطلح محدد.
وأضاف: “إنه يجذب التمويل ويستحوذ على اهتمام الجمهور، لكن تعريفه الغامض والأشبه بالخيال العلمي غالبًا ما يثير ضجة إعلامية تخفي التقدم الحقيقي الملموس الذي نحرزه في مجال الذكاء الاصطناعي الأكثر تخصصًا”، مما يسلط الضوء على أهمية التركيز على التطبيقات العملية والتخصصية للذكاء الاصطناعي.
نجحت OpenAI وغيرها من الشركات الناشئة في جمع مليارات الدولارات وتحقيق تقييمات عالية بشكل ملحوظ، مدفوعة بالوعود بتحقيق شكل من أشكال الذكاء الاصطناعي القوي بما يكفي لاعتباره “ذكاءً اصطناعيًا عامًا”.
وقدّر المستثمرون قيمة OpenAI في آخر تقدير بنحو 300 مليار دولار، وتتردد أنباء عن استعدادها لبيع أسهم ثانوية بقيمة 500 مليار دولار، مما يعكس الثقة الكبيرة في مستقبل الشركة وإمكانياتها.
وفي الأسبوع الماضي، أطلقت الشركة GPT-5، أحدث نماذجها اللغوية الكبيرة، لجميع مستخدمي شات جي بي تي.
وأكدت OpenAI أن النظام الجديد يتميز بكونه أذكى وأسرع و”أكثر فائدة بكثير”، خاصة في مجالات الكتابة والترميز وتقديم المساعدة في استفسارات الرعاية الصحية.
إلا أن إطلاق هذا النموذج أثار انتقادات من بعض المستخدمين عبر الإنترنت، الذين اعتبروه ترقية مخيبة للآمال، حيث لم يقدم سوى تحسينات طفيفة مقارنة بالإصدار السابق.
وعلقت ويندي هول، أستاذة علوم الحاسوب بجامعة ساوثهامبتون، قائلة: “بكل المقاييس، إنه تدريجي، وليس ثوريًا”.
وأردفت هول أنه “يجب إجبار شركات الذكاء الاصطناعي على إعلان مدى التزامها بالمعايير المتفق عليها عالميًا” عند إطلاق منتجات جديدة، “إنه وضع صعب للغاية بالنسبة لبائعي الزيوت المزيفة في الوقت الحالي”، مما يؤكد على ضرورة الشفافية والمساءلة في هذا المجال.
هل هو تشتيت؟
من جانبه، أقر ألتمان بأن نموذج OpenAI الجديد يفتقر إلى بعض خصائص التعريف الشخصي للذكاء الاصطناعي العام، حيث إن النظام لا يزال غير قادر على التعلم المستمر بشكل مستقل.
وفي حين أن OpenAI لا تزال تعتبر الذكاء الاصطناعي العام هدفها النهائي، صرح ألتمان بأنه من الأفضل التركيز على مستويات التقدم نحو هذا الهدف بدلًا من الانشغال بتصنيف ما إذا كان شيء ما يندرج ضمن تعريف الذكاء الاصطناعي العام أم لا.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة OpenAI خلال ندوة FinRegLab للذكاء الاصطناعي في نوفمبر 2024: “نحاول الآن استخدام هذه المستويات المختلفة، بدلًا من ثنائية ‘هل هو ذكاء اصطناعي عام أم لا؟’، أعتقد أن هذا أصبح مبالغًا فيه مع اقترابنا من هذا الهدف”.
ولا يزال ألتمان يتوقع أن يحقق الذكاء الاصطناعي بعض الإنجازات الكبرى في مجالات محددة، مثل تطوير نظريات رياضية جديدة واكتشافات علمية هامة، خلال العامين القادمين أو نحو ذلك.