«تخريب ممنهج» فساد الحكومة والحرس الثوري يُغرق النظام المصرفي الإيراني في أزمة خانقة

في الأسبوع الماضي، شهدت الساحة المصرفية الإيرانية تطورًا مثيرًا للجدل، حيث قام بنك أياندا المثقل بالديون، والتي تجاوزت 7 مليارات دولار، بحل نفسه ودمجه في بنك مملوك للدولة، هذا الإجراء، بحسب موقع “Middle East Forum” الأميركي، ينقل عبء الفساد المصرفي الهائل إلى كاهل الحكومة، مما يثير تساؤلات حول مستقبل الاقتصاد الإيراني وتأثيره على المواطنين.

ديون بنك أياندا: كارثة اقتصادية تلوح في الأفق

وفقًا لمسؤولي البنك المركزي، يدين بنك أياندا بمبلغ فلكي يقدر بنحو 7500 كوادريليون ريال، ثلثاها للبنك المركزي وما تبقى للمودعين من القطاع العام، هذا الرقم يمثل أكثر من 2% من حجم الاقتصاد الإيراني، ورغم أن البنك مصنف اسميًا كبنك خاص، إلا أنه يخضع لسيطرة شخصيات ومسؤولين في النظام، مما يعيق الرقابة والمساءلة بسبب علاقاتهم السياسية المتشعبة.

تأميم الخسائر: الشعب الإيراني يدفع الثمن

يرى الموقع أن دمج بنك أياندا مع بنك ملي الحكومي يعني أن الشعب الإيراني سيتحمل ديون المصرف الضخمة، في حين أن ديون بنك ملي الحالية تتجاوز 400 مليون دولار بالفعل، إلا أن دين بنك أياندا الهائل سينتهي به المطاف على عاتق الحكومة، والتي ستلجأ كالعادة إلى الاقتراض من البنك المركزي لتغطية هذه الديون، هذا الإجراء سيؤدي حتمًا إلى تضخم السيولة وارتفاع الأسعار مع طباعة المزيد من الأموال، مما يجعل المواطنين الإيرانيين العاديين يتحملون تكلفة انهيار بنك أياندا من جيوبهم الخاصة.

غياب المساءلة: هل يفلت المسؤولون من العقاب؟

علق الخبير الاقتصادي الإيراني ياسر جبرائيلي على موقع “اكس” بأن دمج بنك أينده مع بنك ملي، دون محاكمة المسؤولين ومصادرة الأصول المرتبطة بالبنك، لن يكون سوى “تأميم للخسائر”، لتوضيح حجم المشكلة، يشير جبرائيلي إلى أن إجمالي ديون كل البنوك الإيرانية الستة والعشرين للبنك المركزي يبلغ حوالي 7 مليارات دولار، ويمثل بنك أيانده وحده 65% من هذا الإجمالي، على الرغم من التحذيرات المتكررة من الخبراء الماليين بشأن نقص رأس المال والالتزامات الضخمة التي تواجه البنك، إلا أن اللافت للنظر هو أن أكثر من 60% من ديون بنك أياندا للبنك المركزي (حوالي 3.13 مليار دولار) نتجت عن الاقتراض الذي تم في الأشهر الأخيرة قبل حله.

غضب شعبي واستياء واسع النطاق

أثار اندماج بنك أينده مع بنك ملي، دون تحقيق قضائي أو اعتقال المسؤولين عن تراكم هذه الديون، دهشة واستياء الإيرانيين على وسائل التواصل الاجتماعي، تشير بعض التقديرات إلى أن حوالي 40% من ديون النظام المصرفي للبنك المركزي تعود إلى بنك أياندا، ويتساءل الكثيرون عما إذا كانت هذه الأفعال ترقى إلى جرائم مثل تعطيل الاقتصاد الوطني، وغسل الأموال، وإساءة استخدام المال العام، ويطالبون بمحاكمة علنية للمسؤولين كأقل ما يستحقه الشعب، ويشيرون إلى أن الحكومة والبنك المركزي، اللذين كانا على علم تام بما يحدث مع البنك، قاما بتحويل مبالغ طائلة إليه، والذي بدوره أقرضها لمقترضين نافذين.

تحذيرات مبكرة وتجاهل تام

يذكر الناشط وحيد أشتري، الذي اعتُقل عدة مرات بسبب كشفه لقضايا فساد، أنه حذر من الفساد في بنك أيانده قبل خمس سنوات، ويتذكر قائلًا: “قال لي القاضي: من أنت لتتحدث عن ضرورة حل بنك؟”.

النظام المصرفي الإيراني: هيمنة الدولة والنفوذ

تكشف بيانات البنك المركزي أن ما لا يقل عن خمسة عشر من أكبر عشرين مدينًا في النظام المصرفي الإيراني هي كيانات مملوكة للدولة أو شركات تابعة للحرس الثوري الإسلامي، كما يتبين أن الرؤساء التنفيذيين للشركات الخمس المتبقية هم من الشخصيات ذات العلاقات الجيدة داخل الجمهورية الإسلامية والشخصيات المفضلة داخل الحرس الثوري، مما يشير إلى أن هذه الشركات أيضاً تعمل تحت السيطرة الفعلية للحرس الثوري خلف الكواليس.

خسائر فادحة وتلاعب بالعملة

على مدار الأشهر الستة الماضية، ارتفعت قيمة الدولار الأميركي بنسبة 35% مقابل الريال الإيراني، بمعنى آخر، كانت قيمة 3.3 كوادريليون ريال إيراني تعادل حوالي 4 مليارات دولار قبل ستة أشهر، لكنها اليوم أقل من 3 مليارات دولار، مما يعني أن المقترضين النهائيين، الحكومة والحرس الثوري الإسلامي، قد ربحوا فعليًا أكثر من مليار دولار، يرى الموقع أن مثل هذه الممارسات الحاكمة، وهذا النطاق الهائل من الاختلاسات التي ترعاها الدولة، فريدة من نوعها بالنسبة للجمهورية الإسلامية، فهي ليست حدثاً لمرة واحدة، بل تظهر الإفلات من العقاب الذي لا يزال المطلعون على بواطن الأمور في النظام يشعرون به.