سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة OpenAI الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي، يكشف عن مخاوفه العميقة حيال مستقبل هذه التكنولوجيا، وهي مخاوف تتجاوز مجرد التحديات التقنية، بل تمس جوهر الأمن البشري ومستقبل المجتمعات
خلال مشاركته في فعالية لمجلس الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن العاصمة، تطرق ألتمان إلى السيناريوهات الأكثر إثارة للقلق بالنسبة له، وذلك استنادًا إلى تقرير نشره موقع “digitaltrends” واطلعت عليه “العربية Business”، حيث حذر من المخاطر المحتملة التي قد تنجم عن التطورات المتسارعة في هذا المجال
في هذا السياق، يرى ألتمان أن التحديات لا تقتصر على الجوانب التقنية فحسب، بل تمتد لتشمل الأخلاقيات والضوابط التي يجب أن تحكم استخدام هذه التكنولوجيا، فمن الضروري أن يكون هناك وعي مجتمعي كامل بالمخاطر المحتملة، وأن يتم وضع آليات رقابة فعالة لضمان استخدام الذكاء الاصطناعي في خدمة الإنسانية، وليس العكس
الشخص الشرير يحصل على الذكاء الخارق أولاً
السيناريو الأول الذي يثير قلق ألتمان، هو أن يمتلك أفراد أو جهات ذات نوايا خبيثة، قدرات الذكاء الاصطناعي الخارق قبل الآخرين، مما يمكنهم من استغلال هذه التقنية لتحقيق أهداف مدمرة، وهو سيناريو أقرب إلى أفلام الخيال العلمي المثيرة، حيث يتم استخدام نظام ذكاء اصطناعي فائق التطور لم يُخترع بعد، لإلحاق الضرر بالعالم
أكد ألتمان على خطورة هذا الاحتمال، قائلاً: “يحصل الشخص الشرير على الذكاء الخارق أولاً، ويستخدمه قبل أن يمتلك بقية العالم نسخةً قويةً منه بما يكفي للدفاع عن نفسه”، ويضيف أن القدرات البيولوجية والأمنية السيبرانية للذكاء الاصطناعي تتزايد أهميةً، مشيرًا إلى أن فريقه “يواصل التحذير من هذا الأمر”
كما أعرب ألتمان عن أسفه لعدم أخذ العالم لهذه التحذيرات على محمل الجد، قائلًا: “أعتقد أن العالم لا يأخذنا على محمل الجد، لا أعرف ما الذي يمكننا فعله غير ذلك، لكن هذا أمرٌ بالغ الأهمية قادم”
حوادث فقدان السيطرة
المخاوف الأخرى التي عبر عنها ألتمان، تتعلق بفقدان السيطرة على أنظمة الذكاء الاصطناعي، حيث يتخوف من اللحظة التي قد يقول فيها الذكاء الاصطناعي: “لا أريدك أن تُزعجني، أو أخشى أنني لا أستطيع فعل ذلك”، وهو ما يعني أن الذكاء الاصطناعي المتقدم قد يبدأ بالتصرف بشكل غير متوقع، وتنفيذ ما يراه مناسبًا، سواءً للحفاظ على نفسه أو لتحقيق أهداف أخرى، مما قد يؤدي إلى فوضى عارمة
يشدد الرئيس التنفيذي لشركة OpenAI على أن هذا القلق يتزايد مع ازدياد قوة الأنظمة، مؤكدًا أن “مع ازدياد قوة الأنظمة، يُصبح هذا مصدر قلق حقيقي”، وللتصدي لهذا الخطر، قامت OpenAI بإنشاء وحدة متخصصة قبل عامين، تهدف إلى وضع ضمانات لمنع أنظمة الذكاء الاصطناعي فائقة الذكاء من التمرد
النماذج تسيطر على العالم عن طريق الخطأ
السيناريو الثالث الذي يقلق ألتمان، هو احتمال سيطرة أنظمة الذكاء الاصطناعي على العالم عن طريق الخطأ، ودون أن ندرك ذلك، وهو يرى أنه “مخيف للغاية التفكير في أن أنظمة الذكاء الاصطناعي يمكن أن تصبح متأصلة في المجتمع، لدرجة أننا لا نستطيع فهم ما تفعله حقًا، ولكننا مضطرون للاعتماد عليها نوعًا ما، وحتى دون أدنى ذرة من الحقد من أي شخص، قد ينحرف المجتمع في اتجاه غريب نوعًا ما”
ألمح ألتمان إلى إمكانية وصول الذكاء الاصطناعي إلى مستوى من الذكاء، يسمح لرئيس أمريكي مستقبلي بتفويض إدارة البلاد له، معتبرًا أن “هذا يعني أن المجتمع قد نقل بشكل جماعي جزءًا كبيرًا من عملية صنع القرار إلى هذا النظام القوي للغاية الذي يتعلم منا، ويتطور معنا، ولكن بطرق لا نفهمها تمامًا”
وفي حديثه عن الذكاء الاصطناعي بشكل عام، أشار ألتمان إلى صعوبة التنبؤ بالتأثير المستقبلي لهذه التقنية، على الرغم من ادعاء العديد من الخبراء قدرتهم على ذلك، مرجعًا ذلك إلى أن الذكاء الاصطناعي “نظام معقد للغاية، وهذه التقنية جديدة جدًا ومؤثرة للغاية”