الفضة تفقد قيمتها مع ارتفاع الدولار وزيادة التفاؤل في الأسواق التجارية

تراجعت أسعار الفضة في الأسواق المحلية والعالمية خلال تعاملات اليوم الثلاثاء، متأثرةً بتراجع الطلب على أصول الملاذ الآمن وصعود الدولار الأمريكي، بينما يهيمن التفاؤل بإحراز تقدم في المفاوضات التجارية بين الولايات المتحدة والصين على شهية المخاطرة، وفق تقرير صادر عن مركز الملاذ الآمن للأبحاث.

أسعار الفضة في السوق المحلية

أوضح التقرير أن أسعار الفضة في السوق المحلية تراجعت بنحو 3 جنيهات خلال الأسبوع الماضي، إذ هبط جرام عيار 800 من 72 إلى 69 جنيهًا، وسجّل عيار 925 نحو 80 جنيهًا، وبلغ عيار 999.86 إلى 85 جنيهًا، فيما استقر جنيه الفضة عند 522 جنيهًا.

اتجاهات السوق العالمية

على الصعيد العالمي، تراجعت الفضة بنحو 3 دولارات لتتداول قرب 46 دولارًا للأوقية، في امتدادٍ لموجة تصحيح حادة بدأت بعد بلوغ المعدن الأبيض ذروته في منتصف أكتوبر، وبحسب تقديرات السوق، فقد خسرت الفضة أكثر من 16% منذ تلك القمة التي لامست قرابة 55 دولارًا للأوقية، وهو أكبر تراجع نسبي منذ الربع الثاني من العام الجاري.

عوامل التراجع

ويربط محللون هذا التراجع بانحسار المخاوف الجيوسياسية وتحسّن التوقعات الاقتصادية مع اقتراب اتفاق تجاري جديد بين واشنطن وبكين، ما شجّع المتعاملين على تقليص مراكزهم في الملاذات الآمنة والتوجّه نحو الأصول عالية المخاطر، كما أسهم ارتفاع مؤشر الدولار إلى أعلى مستوياته في أسبوعين في زيادة الضغوط على السلع المقوّمة بالدولار، إذ ترتفع كلفتها على حائزي العملات الأخرى، ما يقلّص الطلب الاستثماري على الفضة.

توقعات بشأن أسعار الفائدة

تزداد التحوّطات قبيل اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة FOMC، المقرّر أن يُستكمل غدًا الأربعاء بقرار بشأن أسعار الفائدة، وتوقعت الأسواق خفضًا بواقع 25 نقطة أساس للمرة الثانية على التوالي هذا العام، غير أن نبرة رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول ستبقى العامل الحاسم لمعنويات المعادن، بين لهجة حذِرة تيسيرية قد تنعش الطلب على الفضة، أو لهجة متشددة قد تُبقي الأسعار تحت ضغط بيعي.

التطورات السياسية والاقتصادية

على المستوى السياسي-الاقتصادي، يتوقّع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التوصل إلى اتفاق تجاري عادل مع الرئيس الصيني شي جين بينج خلال قمة مرتقبة في كوريا الجنوبية هذا الأسبوع، كما شهدت الأيام الماضية اتصالات اقتصادية رفيعة بين الجانبين لصياغة إطار عمل أولي للاتفاق، بالتوازي مع اتفاقات أمريكية في جنوب شرق آسيا بشأن التجارة والمعادن الأساسية، وأسهمت هذه التطورات في قفز مؤشرات وول ستريت إلى قمم قياسية، ما عزّز شهية المخاطرة على حساب الملاذات الآمنة.

تحليل الفضة في الأسواق

يرى محللون أن الهبوط الجاري تصحيحٌ صحي بعد موجة صعود حادّة غذّاها الطلب الصناعي القوي والاضطرابات الجيوسياسية، وتشير تحركات المحافظ إلى عمليات جني أرباح واسعة وإعادة توازن للمراكز قبيل قرارات السياسة النقدية، وتبقى الفضة أكثر حساسية من الذهب لتبدّل المزاج الاستثماري، بحكم طبيعتها المزدوجة كملاذ آمن ومكوّن صناعي رئيسي في التكنولوجيا والطاقة الشمسية والإلكترونيات الدقيقة، وهو ما يفاقم تقلّبها في المنعطفات الاقتصادية.

التوقعات المستقبلية للفضة

رغم التراجعات الأخيرة، تظل أساسيات الطلب الصناعي، خاصةً في الطاقة النظيفة وسلاسل الإلكترونيات، رافعةً هيكلية لآفاق الفضة خلال الأعوام المقبلة، وتشير توقّعات محللين دوليين إلى متوسطات أسعار أعلى على المدى المتوسط إذا استمر زخم التحول للطاقة المتجددة وتوسّع السعة التصنيعية المرتبطة بالفضة.

الاستنتاجات النهائية

تلخّص التداولات الراهنة توازنًا دقيقًا بين تفاؤل تجاري يعزّز شهية المخاطرة وترقّبٍ نقدي يقيّد أي ارتداد مستدام قبل اتضاح نبرة الفيدرالي، ومع أن الهبوط يبدو حادًا قصير الأجل، فإن السوق ما تزال تحتفظ بعوامل داعمة تجعل من المعدن الأبيض مرشحًا للبقاء ضمن نطاق استثماري جاذب خلال الأشهر المقبلة، خصوصًا إذا تزامن أي تيسير نقدي مع تحسّن الطلب الصناعي العالمي.