دراسة تكشف الذكاء الاصطناعي يتفوق على البشر في الإقناع السياسي

دراسة تكشف الذكاء الاصطناعي يتفوق على البشر في الإقناع السياسي

تخيل نفسك في خضم حديث عفوي مع روبوت دردشة مدعوم بالذكاء الاصطناعي، وبعد دقائق معدودة تجد نفسك وقد غيرت قناعاتك الراسخة تجاه قضية سياسية كنت تتبناها بحماس، قد يبدو الأمر وكأنه مشهد من فيلم خيال علمي، لكنه واقع نعيشه اليوم، حيث تكشف أبحاث حديثة عن قدرة فائقة لنماذج الذكاء الاصطناعي الرائدة على الإقناع، بل وتتفوق في بعض الأحيان على قدرات البشر في هذا المجال، فهي لا تكتفي بتبادل الحقائق، بل تصمم استجابات مخصصة لكل مستخدم، وتوظف أساليب الكلام، والأدلة، والتخصيص ببراعة فائقة للتأثير في الآراء بمهارة لافتة.

### نماذج الذكاء الاصطناعي تتفوق في الإقناع

وفقًا لتقرير نشرته Financial Express، أشارت دراسات أجراها معهد أمن الذكاء الاصطناعي في المملكة المتحدة بالتعاون مع جامعات عريقة مثل أكسفورد ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، إلى أن نماذج الذكاء الاصطناعي مثل GPT-4، وGPT-4,5، وGPT-4o من OpenAI، وLlama 3 من Meta، وGrok 3 من xAI، وQwen من Alibaba، قادرة على التأثير في الآراء السياسية خلال محادثات لا تتجاوز العشر دقائق.

### تأثير دائم يتجاوز اللحظة

المثير للاهتمام أن التغيرات في الآراء لم تكن مجرد ردود فعل عابرة، بل حافظت نسبة كبيرة من المشاركين على قناعاتهم الجديدة حتى بعد مرور شهر كامل، ولم يعتمد الباحثون على السلوك الافتراضي للذكاء الاصطناعي فحسب، بل قاموا بتحسين هذه النماذج من خلال تعريضها لآلاف المحادثات حول قضايا خلافية مثل تمويل الرعاية الصحية وسياسة اللجوء.

### التخصيص سر الإقناع الفعال

من خلال مكافأة النتائج التي تنسجم مع أسلوب الإقناع المطلوب، وإضفاء لمسات شخصية كالإشارة إلى عمر المستخدم، أو توجهاته السياسية، أو آرائه السابقة، أصبح الذكاء الاصطناعي أكثر تأثيرًا، وقد أظهرت النتائج أن التخصيص زاد من قدرة الذكاء الاصطناعي على الإقناع بنسبة 5% مقارنة بالإجابات العامة.

أقرأ كمان:  «ثورة في عالم النوم!»: ساعة أبل تكشف عن تقنية متطورة لتحسين جودة نومك

### القدرة على تغيير الرأي العام

قد تبدو هذه النسبة متواضعة، لكنها تحمل دلالات كبيرة في سياق التأثير في الرأي العام، فالحملات السياسية تنفق الملايين لتحقيق تغيير طفيف لا يتعدى 1% في توجهات الناخبين، والقدرة على تحقيق هذا التغيير في دقائق معدودة وعلى نطاق واسع، أمر يثير الدهشة والقلق في آن واحد، فالفرق شاسع بين استخدام الذكاء الاصطناعي للترويج لهاتف ذكي جديد، وبين توجيهه للتأثير في السياسات الحكومية.

### الإقناع يتجاوز السياسة إلى مجالات أخرى

أظهرت الدراسة أن قدرة الذكاء الاصطناعي على الإقناع لا تقتصر على المجال السياسي، فقد كشفت أبحاث سابقة من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وكورنيل أن هذه النماذج قادرة على تقليل الإيمان بنظريات المؤامرة، وإنكار تغير المناخ، والتشكيك في اللقاحات من خلال محادثات شخصية قائمة على الأدلة، ورغم أن هذا قد يبدو استخدامًا إيجابيًا، إلا أنه يسلط الضوء على إمكانية استغلال هذه المهارات بطرق غير أخلاقية، مثل نشر المعلومات المضللة أو الترويج لأيديولوجيات ضارة.

### تطبيقات تجارية مثيرة للجدل

تمتد قوة الذكاء الاصطناعي الإقناعية إلى المجالات التجارية أيضًا، حيث أشار ديفيد راند من جامعة كورنيل إلى أن روبوتات الدردشة قادرة على التأثير بشكل كبير في تصورات العلامة التجارية وقرارات الشراء، ومع سعي شركات التكنولوجيا مثل OpenAI وGoogle إلى دمج الإعلانات وميزات التسوق في مساعدي الذكاء الاصطناعي، قد تتحول هذه القدرة إلى مصدر دخل مربح، وإن كان يحمل في طياته مخاطر أخلاقية.

### الحاجة إلى وعي وضوابط

يكمن التحدي الحقيقي في مدى قدرة الذكاء الاصطناعي على الإقناع في المستقبل القريب، مع ظهور أجيال جديدة من النماذج أكثر تطورًا، ستكون اللوائح والضمانات ضرورية، بالإضافة إلى تعزيز الوعي العام، فإذا أدرك المستخدم أن روبوت الدردشة الذي يتحدث معه قد يحاول توجيه آرائه بمهارة، فقد يفكر مليًا قبل تصديق كل ما يسمعه، هذه التكنولوجيا تحمل قوة هائلة، وربما خطيرة، وعلى العالم أن يتعامل معها بحذر شديد.

أقرأ كمان:  بلو أوريجين تنجح في إطلاق رحلة فضائية بطاقم دولي NS-24