«استعدادًا للمستقبل».. الصين تضاعف جهود تطوير البنية التحتية مع احتدام المنافسة في مجال الذكاء الاصطناعي

في ظل التطورات المتسارعة التي تشهدها التكنولوجيا الرقمية، تتجه الصين نحو تعزيز مكانتها كقوة رقمية عظمى، مع التركيز على تطوير البنية التحتية الرقمية لتكون محركًا أساسيًا للنمو الاقتصادي، ولقد شهدت السنوات الأخيرة انتشارًا واسعًا لشبكات الجيل الخامس (5G) في الصين، مما ساهم في تعزيز قدراتها الحاسوبية لتصبح في المرتبة الثانية عالميًا بعد الولايات المتحدة الأمريكية، وتأتي هذه الخطوة في إطار رؤية شاملة تهدف إلى تحويل الصين إلى مركز عالمي للابتكار الرقمي

وفي هذا السياق، صرح ليو ليهونغ، مدير المكتب الوطني للبيانات، خلال مؤتمر صحفي عُقد في بكين، بأن الصين عازمة على المضي قدمًا في تطوير البنية التحتية للبيانات، وأكد أن هذا التطوير لا يزال في مراحله الأولية، وأن البلاد ستواصل جهودها في نشر مرافق واسعة النطاق، وتعزيز نظام بيئي قوي وقائم على السوق، وذلك بهدف دعم الاقتصاد الرقمي، وتحفيز الابتكار العلمي والتكنولوجي

بنية تحتية رقمية متطورة

أكد ليو ليهونغ على التزام الصين ببناء بنية تحتية للبيانات الوطنية تكون:

• ملائمة وفعالة.
• مستقلة وآمنة.
• رائدة عالميًا.

وذلك وفقًا لتقرير نشرته “العربية Business” نقلًا عن موقع “scmp”

صناعة البيانات: محرك جديد للنمو

تبرز صناعة البيانات في الصين كمحرك جديد وفاعل لنمو الاقتصاد الرقمي، حيث حققت أكثر من 400 ألف شركة صينية ناتجًا إجماليًا بلغ 5.86 تريليون يوان (ما يعادل 816.4 مليار دولار أمريكي) خلال العام الماضي، ويمثل هذا الرقم زيادة كبيرة قدرها 117% مقارنة بنهاية الخطة الخمسية الثالثة عشرة في عام 2020، وذلك بحسب بيانات صادرة عن المعهد الوطني لأبحاث تطوير البيانات، وتشير التوقعات إلى أن هذه الصناعة ستواصل الحفاظ على معدلات نمو مرتفعة خلال السنوات القليلة القادمة

دلتا نهر اليانغتسي: مركز صناعة البيانات

أشار ليو إلى أن منطقة دلتا نهر اليانغتسي في شرق الصين، والتي تضم مدنًا متطورة مثل شنغهاي وسوتشو وهانغتشو، قد شهدت تطور نظام بيئي متكامل ومتعدد المستويات لصناعة البيانات

وفي عام 2024، ساهمت هذه المنطقة بنسبة 22.6% من إجمالي ناتج صناعة البيانات في الصين، واستضافت أكثر من 100 ألف شركة تعمل في هذا المجال، مما يعزز مكانتها كمحرك رئيسي للنمو

الاستثمار في القدرات الحاسوبية

ركزت الصين خلال السنوات الخمس الماضية على الاستثمار المكثف في توسيع قدراتها الحاسوبية، وتشير التوقعات إلى أن القدرات الحاسوبية للأغراض العامة ستشهد نموًا بنسبة 20% خلال العام الجاري، في حين أن القدرات الحاسوبية الذكية ستنمو بنسبة 43%، وذلك وفقًا لتقرير تقييم قدرات الحوسبة بالذكاء الاصطناعي الصادر عن شركة البيانات الدولية وشركة إنسبور إنفورميشن

ويتوقع التقرير أيضًا أن تنمو القدرات الحاسوبية الذكية في الصين بمعدل سنوي مركب قدره 46.2% خلال الفترة ما بين عامي 2023 و 2028، مقارنة بنسبة 18.8% للقدرات الحاسوبية للأغراض العامة

الذكاء الاصطناعي: ساحة تنافس بين الصين وأمريكا

أصبح الذكاء الاصطناعي ساحة معركة حاسمة في التنافس التكنولوجي والاقتصادي بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية، وتسعى واشنطن إلى تقييد قدرات بكين المتنامية في هذا المجال

وفي الشهر الماضي، كشف البيت الأبيض عن أول استراتيجية شاملة للذكاء الاصطناعي منذ عودة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى منصبه، وتضمنت الاستراتيجية خططًا لتشديد ضوابط تصدير أدوات صناعة الرقائق الأمريكية، والحد من الانتشار العالمي لنماذج الذكاء الاصطناعي الصينية، وجاء ذلك بعد أيام فقط من السماح لشركتي “إنفيديا” و “AMD” باستئناف تصدير بعض رقائق الذكاء الاصطناعي المتقدمة إلى الصين

تفوق صيني في نماذج الذكاء الاصطناعي

في وقت سابق من هذا العام، فاجأت شركة ديب سيك للذكاء الاصطناعي، وهي شركة صينية محلية، الأوساط التقنية بنموذج لغة ضخم منخفض التكلفة وعالي الأداء، وقد نافس هذا النموذج – أو حتى تفوق – على نموذج شات جي بي تي في بعض الجوانب، مما أثار تساؤلات حول القدرة التنافسية للصين في سباق الذكاء الاصطناعي العالمي