الذهب يواجه تحديات الدعم والمقاومة بينما يتطلع المستثمرون لاختراق حاجز 4,000 دولار

الذهب الفوري (XAU/USD) يرتد بأكثر من 46 دولارا من قاع 3,915 دولارا وسط تذبذب عنيف

الأسعار تستعيد جزءا من خسائرها وتقف عند 3,961 دولارا، لكن الصراع يحتدم دون مستوى 4,000 دولار النفسي

شهدت أسعار الذهب الفوري (Spot Gold – XAU/USD) خلال جلسة التداول المبكرة اليوم الأربعاء، ارتداداً فنياً قوياً بعد موجة هبوط حادة، لتنجح في استعادة جزء ملموس من خسائرها المسجلة خلال الأيام الماضية، وسط تقلبات حادة في الأسواق العالمية، وتغيرات متسارعة في شهية المستثمرين تجاه الأصول الآمنة.

فبعد أن لامست الأسعار أدنى مستوى يومي عند 3,915.23 دولارا للأونصة، ارتدت بقوة لتكسب أكثر من 46 دولارا، مدعومةً بعمليات شراء فنية ومضاربات قصيرة المدى، في وقت لا يزال فيه الذهب تحت ضغط واضح من قوة الدولار الأمريكي وتحسن شهية المخاطرة في أسواق الأسهم.

تذبذب حاد في النطاق اليومي

يتداول سعر الأونصة الفورية حالياً عند 3,961.90 دولارا، مرتفعاً بنسبة 0.23% (+9.19 دولار) عن إغلاق الجلسة السابقة، ضمن نطاق يومي متسع يتراوح بين 3,915.23 دولارا كأدنى مستوى و3,982.47 دولارا كأعلى مستوى حتى الآن، ويعكس هذا التذبذب الحاد حالة من عدم اليقين التي تهيمن على الأسواق، حيث تتنازع المعنويات بين رغبة المستثمرين في اقتناص صفقات منخفضة، ومخاوف من استمرار دورة التصحيح السعري العميق بعد موجة الصعود التاريخية التي دفعت الذهب هذا العام إلى مستويات غير مسبوقة قرب 4,400 دولار للأونصة.

معركة مستوى 4,000 دولار النفسي

ورغم الارتداد اللافت، لا يزال المعدن الأصفر دون مستوى 4,000 دولار النفسي، وهو حاجز مقاومة بالغ الأهمية في نظر المتعاملين الفنيين، اختراق هذا المستوى والثبات فوقه يعد إشارة على استعادة الاتجاه الصعودي، بينما الفشل في تجاوزه قد يعزز سيناريو الهبوط مجدداً نحو مناطق دعم أدنى.

ويشير متابعون إلى أن منطقة 3,915 دولارا أثبتت حتى الآن أنها مستوى دعم قوي، حيث تدخل عنده “صائدو الصفقات” لاقتناص فرص شراء قصيرة المدى، ما أوقف نزيف الخسائر مؤقتاً.

الاتجاه العام لا يزال صاعدا

ورغم الموجة التصحيحية الأخيرة، لا يزال الذهب يتحرك ضمن النصف الأعلى من النطاق السنوي البالغ (2,536.91 – 4,381.60 دولار)، وهو ما يعكس بقاء الاتجاه العام طويل الأجل في مسار صاعد، مدعوماً بمخاوف التباطؤ الاقتصادي العالمي، والسياسات النقدية التوسعية في عدد من الاقتصادات الكبرى، وتنامي الطلب من البنوك المركزية على المعدن الأصفر كأصل احتياطي آمن.

قراءة تحليلية من الخبراء

يرى محللون فنيون أن الارتداد الحالي يمثل حركة تصحيحية طبيعية بعد موجة بيع مفرطة، إذ عاد المشترون إلى السوق مستغلين تراجع الأسعار لمستويات مغرية، ويؤكد هؤلاء أن الدعم القوي عند 3,915 دولارا لعب دورا محوريا في امتصاص ضغوط البيع، مشيرين إلى أن السوق يحتاج إلى محفزات جديدة لتأكيد أي موجة صعود مستدامة.

ويربط خبراء آخرون عودة الزخم الصعودي المحتمل بعوامل عدة، أبرزها بيانات التضخم الأمريكية المنتظرة هذا الأسبوع، والتي قد تحدد مسار توقعات الفائدة للفترة المقبلة، فإذا جاءت البيانات أعلى من المتوقع، قد تتراجع التوقعات بخفض سريع للفائدة، ما قد يضغط على الذهب مؤقتا، أما إذا خالفت التوقعات وجاءت دون المتوقع، فقد يتلقى الذهب دعماً جديداً بدافع ضعف الدولار وتحسن الطلب الاستثماري.

العوامل الجيوسياسية والتجارية

كما يراقب المستثمرون عن كثب تطورات المشهد الجيوسياسي في الشرق الأوسط، والمحادثات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، إذ إن أي توترات جديدة أو تعثر في المفاوضات قد يعيدان الطلب على الملاذات الآمنة، وفي مقدمتها الذهب، في المقابل، فإن أي انفراج سياسي أو تجاري يدعم الأصول الخطرة، قد يضعف شهية المستثمرين تجاه المعدن الأصفر مؤقتا.

المستويات الفنية الرئيسية

المقاومة الأولى: 3,982.47 دولارا – وهي أعلى نقطة سجلت اليوم، واختراقها قد يمهد الطريق لاختبار حاجز 4,000 دولار مجددا.
الدعم الفوري: 3,915.23 دولارا – كسر هذا المستوى والإغلاق دونه قد يعيد الذهب إلى مسار هبوطي قصير المدى، ويفتح الباب لهبوط أعمق نحو منطقة 3,870 دولارا.

يظل الذهب في حالة تذبذب حادة بين تأثيرات متضاربة: دعم من التوترات العالمية وتراجع الثقة في بعض العملات، مقابل ضغط من قوة الدولار وتحسن شهية المخاطرة، وبينما يترقب المستثمرون بيانات اقتصادية مفصلية خلال الأيام المقبلة، يبدو أن معركة الدفاع عن مستوى 3,900 دولار والعودة فوق 4,000 دولار ستكون العامل الحاسم في تحديد الاتجاه القادم للمعدن الأصفر في الأجل القصير.